قال رئيس مجلس إدارة شركة مينا العقارية د. فؤاد العمر، إن كل المؤشرات تلمح إلى استقرار أسعار العقار السكني خلال السنة الحالية، مادامت الدولة تبني المساكن، ومع وجود عجوزات في الميزانية العامة، فإنه ستوجد علامات استفهام على استمرار المشاريع الإسكانية في السنوات القادمة. حديث العمر جاء في لقاء مع «الجريدة»، أكد فيه أن القطاع العقاري المحلي شهد، خلال العام الماضي، تصحيحاً مستحقاً في أسعار العقارات والأراضي، ولكن لم تكن الانخفاضات كبيرة، كما حدث في بعض الدول المجاورة، فالعقار المحلي لايزال متماسكا، ويعتبر أساسياً في الاستثمار. وأضاف العمر أن رفع أسعار الكهرباء والماء مستحق منذ زمن، ولكن الزيادة ضخمة وغير متدرجة، مع وجود إسراف في النفقات في الميزانية الحكومية، وبالتالي لم يقتنع المواطن بدواعي هذه الزيادات، ومن الطبيعي أن يكون لذلك الارتفاع تأثير سلبي على القطاع العقاري على المدى القصير وعلى أسعاره. وتابع قائلا إن «هناك العديد من المخالفات في القطاع السكني، والدولة لا تستطيع حل تلك المخالفات بالأسلوب المتعارف عليه حالياً، وبالتالي لابد من مقاربة مختلفة لذلك، وقد تكون للتغييرات في قانون البلدية دور في حل بعض هذه المخالفات، وقد يكون من المناسب أن تتم مراجعة قواعد البناء للتأكد من مناسبتها للواقع العملي وحاجات المواطن، لمنع المخالفات في المستقبل، وفيما يلي نص التفاصيل: * في البداية حدثنا عن "مينا العقارية" وأدائها خلال الفترة الماضية؟ - شركة مينا العقارية لاتزال مستمرة في تنفيذ الخطة الاستراتيجية التي وضعها مجلس الإدارة قبل سنتين تقريبا، وهي إعادة هيكلتها من كل النواحي، سواء من ناحية استثماراتها وتوزيعاتها الجغرافية أو تخفيض التزاماتها المالية، وانتهى المستشار من الدراسة الخاصة بإعادة هيكلتها، حيث نظر مجلس الإدارة في توصياته، ولايزال مستمراً في النظر فيها، ونرجو أن ينهي المجلس إعادة الهيكلة خلال السنة المالية 2017/ 2018، ولتحقيق ذلك ارتأت الشركة عدم الدخول في مشاريع جديدة إلى حين الانتهاء من إجراءات الهيكلة، مع محاولة التخارج من الاستثمارات الحالية. وبالفعل نجح مجلس الإدارة في تنفيذ جزء مهم من الخطة، وهو تخفيض التزامات الشركة وتمويلاتها البنكية، حيث انخفضت الالتزامات بأكثر من النصف من إجمالي الالتزامات للأعوام الماضية، كما أن مجلس الإدارة مستمر في عملية التخفيض إلى اكثر من ذلك، وتهدف الخطة إلى اعادة ترتيب استثمارات الشركة والتخارج من كل الاستثمارات الحالية، والانتهاء من المشاريع العقارية التي تحت التطوير وبيعها. وسرعة عملية التخارج من الأصول تعتمد على عوامل عديدة، منها مدى تحسن الأوضاع السياسية والاقتصادية، وحالة السوق، والأسعار المطروحة، وسيرى مجلس الإدارة حينئذ مدى جدوى البقاء على الأصل أو تطويره، أو التخارج منه بالأسعار المناسبة. وتسعى الشركة إلى انطلاقة جديدة خلال السنة المالية 2017- 2018، وذلك في حال نجاح خطط مجلس الإدارة، حيث تتطلع إلى التعاون الفعّال مع بعض الشركاء الاستراتيجيين والشركات، سواء داخل الكويت أو خارجها، كما اعتمد مجلس الإدارة نموذج عمل جديداً يختلف كلياً عن السابق، حيث يهدف إلى تخفيض المخاطر، والتركيز على مجالات جديدة من النشاط. وتدرس الشركة حالياً أسواق المنطقة، بما فيها السوق المحلي، حيث إنه نتيجة لاستمرار خطة التنمية في الكويت لاتزال هناك العديد من الفرص الاستثمارية التي من الممكن اقتناصها. * ما تكلفة المشاريع العقارية التي تحت التطوير؟ - تتراوح قيمة المشاريع العقارية التي تحت التطوير ما بين 10 إلى 12 مليون دولار، وتسعى الشركة إلى انهاء تلك المشاريع من الناحية الإنشائية وتسويقها للمستخدمين النهائيين، كما أنها قامت خلال الفترة السابقة ببيع أكثر من 50 في المئة من أحد مشاريعها في تركيا. ومن المشاريع المتميزة، مشروع منظرة في صبنجة في تركيا، وهو عبارة عن فلل ومنازل متلاصقة وشقق، بمساحات مختلقة، فضلا عن الخدمات المميزة التي تقدم بالمشروع، حيث تتناسب مع متطلبات الأسرة الخليجية، كما أن منطقة صبنجة تعتبر من المناطق السياحية المرغوبة من قبل المستثمرين والسياح. * ما التوزيع الجغرافي لمشاريع الشركة؟ - الشركة لديها مشاريع عقارية واستثمارات في معظم دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى تركيا، ومع تطبيق الخطة الاستراتيجية للشركة وإعادة الهيكلة، سيعيد المجلس ترتيب التوزيع الجغرافي لهذه الاستثمارات. * هل تأثرت الشركة من جراء الأحداث في تركيا؟ - مع أن شركة مينا لديها مشروع واحد تم الانتهاء منه قريبا، فإنه من الطبيعي أن يتأثر المشروع من جراء الأحداث التي حصلت في تركيا خلال الفترات الأخيرة، ولكن الشركة تعمل في مجال محدود وفي منطقة سياحية بعيدة عن المناطق التي حصلت بها زعزعة امنية، كما أن المشروع انتهى إنشائياً، وتم تسلمه، والشركة في طور تسويقه، وبالتالي اقتصر تأثير الأحداث على المشروع بأنها أدت إلى تباطؤ عمليات البيع وإقبال المستثمرين، ولكن لاتزال تركيا الوجهة السياحية والاستثمارية الأكثر رغبة لدى شريحة كبيرة من الخليجيين وغيرهم، فضلا عن أن المشروع يعتبر مميزاً ويناسب رغبات عدد كبير من الذين يرغبون في قضاء إجازاتهم في تركيا. قطاع متماسك * كيف ترى أداء القطاع العقاري خلال العام الماضي؟ - القطاع العقاري المحلي شهد خلال العام الماضي تصحيحاً مستحقاً في أسعار العقارات والأراضي، ولكن لم تكن الانخفاضات كبيرة، كما حدث في بعض الدول المجاورة، فالقطاع العقاري المحلي لا يزال قطاعاً متماسكاً، ويعتبر القطاع الأساسي في الاستثمار. وتتمثل أبرز أسباب الانخفاض في قيام بعض المستثمرين بتسييل بعض الأصول العقارية والاتجاه إلى سوق الأوراق المالية، وهذا ما بدا واضحا بعد تزايد سيولة البورصة، كما أن البعض يحاول التقليل من الانكشاف العقاري نتيجة لتوقع ارتفاع اسعار الفوائد. وبالنسبة للقطاع السكني فإنه لا يزال متماسكا، وهناك بعض المناطق شهدت انخفاضات، وكما ذكرت فإنها تعتبر تصحيحات مستحقة، ونستطيع القول إن متوسط الانخفاض في العقار السكني بلغت نسبته 10-15 في المئة تقريباً، وأساسا أن أسعار العقارات السكنية تعتبر متضخمة، مقارنة بالأسواق المجاورة، والانخفاض الذي حدث لا يعتبر نزولا وإنما تصحيحاً. وفيما يخص العقار الاستثماري، فقد شهد انخفاضات في الأسعار والإيجارات، تختلف نسبتها من منطقة إلى أخرى، وتأتي أسباب انخفاض أسعار وإيجارات العقارات الاستثمارية بسبب العديد من العوامل، ولكن من ابرزها أن هناك مناطق أصبحت اكثر رغبة من المستأجرين بالنسبة إلى مناطق اخرى. وهذا نتيجة لتعديل شبكات الطرق حيث اصبحت مداخل ومخارج بعض المناطق اكثر سهولة من ذي قبل من مناطق أخرى، وعلى سبيل المثال فإن منطقة الفروانية، اصبح هناك ربط بينها وبين مناطق اخرى، بفعل الجسور وشبكة الطرق الجديدة التي تم انشاؤها، فبالتالي انخفض الازدحام المروري بعض الشي واصبحت منطقة مرغوبا فيها، وبالتالي لم تتأثر ايجاراتها، عكس مناطق أخرى مثل السالمية وحولي، التي تعاني من الازدحام المروري. وأما بالنسبة للعقار التجاري فهو يعتبر افضل القطاعات العقارية تماسكا، وأداؤه جيد والسبب في ذلك هو عدم تطوير عقارات تجارية جديدة خلال الفترات الماضية، إذ إنه في عام 2008 و2009 كان هناك معروض كبير في العقار التجاري فتوقف المستثمرون عن تطوير العقارات التجارية، إضافة إلى أنه تم تأسيس العديد من الإدارات والهيئات والمؤسسات الحكومية وليس له مقار خاصة بها، فقامت بالتأجير في العقارات التجارية، وهذا ما عزز استقرار القطاع خلال السنة الماضية. استقرار الأسعار * توقعاتك لأسعار العقارات خلال العام الحالي؟ - بالنسبة للقطاع السكني فهو يتأثر بعدة عوامل منها التوزيعات السكنية من قبل الدولة، فلو استمرت تلك التوزيعات بنفس الوتيرة فستظل الاسعار بالتماسك، هذا فضلا عن أن توزيعات البيوت السكنية التي تقوم بها الحكومة تتم في مناطق بعيدة عن العاصمة، والجميع يريد السكن بالقرب من العاصمة. وأيضا هناك عامل آخر، ذو تأثير محدود، ألا وهو اعفاء القطاع السكني من زيادة الكهرباء والماء، وفي المقابل رفعها على القطاعات الأخرى، وهذا سيزيد اقبال المستثمرين على الاستثمار في القطاع السكني، وخاصة الذين يبنون البيوت بغرض الايجار، مما سيجعل الاسعار تتماسك. وكافة المؤشرات تشير الى استقرار أسعار العقار السكني خلال السنة الحالية، مادامت الدولة هي من تقوم ببناء المساكن، ومع وجود عجوزات في الميزانية العامة فبالتالي هناك علامات استفهام على استمرار المشاريع الاسكانية في السنوات القادمة. وفيما يخص العقار الاستثماري، فالعوامل تشير إلى إمكانية تماسك ايجارات الشقق وعدم انخفاضها أكثر، وهذا سينعكس على سعر العقار، حيث يتوقع أن كثيرا من المستثمرين الذي كان لديهم رغبة في تطوير العقارات توقفوا في الوقت الحالي، وذلك بسبب ضبابية المشهد الاستثماري في السوق المحلي، وبالتالي لا توجد أي زيادة في العرض مع زيادة الطلب. ومما جعل تطورات السوق العقاري غير واضحة هو التغير في السياسات الاقتصادية الأساسية، حيث قامت الحكومة برفع اسعار البنزين، كما أن هناك قانونا برفع اسعار الكهرباء والماء عن جميع القطاعات ما عدا السكني، إضافة إلى أن هناك توجهاً لفرض الضرائب ولو على المدى المتوسط، فجميع ما تم ذكره هو أسباب تربك المستثمرين، وخاصة إذا كانت السياسات الاقتصادية للدولة غير واضحة. ومن العوامل المؤثرة في العقار الاستثماري هو مدي إمكانية تنفيذ المشاريع الكبرى المعلن عنها في القطاع النفطي، فإن هذه المشاريع –إذا تم تنفيذها- تحتاج الى عمالة يتجاوز مجموعها الـ 40 ألف عامل وموظف، كما تذكر بعض الدراسات، وبالتالي سيكون هناك طلب متزايد على الشقق غير الفاخرة، وهذا سيساهم في تماسك ايجارات الشقق المذكورة، أما فيما يخص العقار الاستثماري الفاخر فالمؤشرات تشير إلى انخفاض الايجارات فيها. أما بالنسبة للعقار التجاري فالمؤشرات تشير إلى إمكانية ارتفاع اسعاره، وارتفاع الايجارات فيه، وذلك لأسباب عديدة، حيث ذكر انفا انه تم انشاء العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية، وفي ظل العجوزات وانخفاض اسعار النفط لا تستطيع الدولة توفير مقار مستقلة لها، فبالتالي ستلجأ الى التأجير في العقارات التجارية. وإن كان من المفترض أن يكون اعتماد العقار التجاري على الانشطة التجارية وعمل الشركات، ونتمنى أن نرى في المستقبل تزايدا في النشاط التجاري من توفير خلال بيئة استثمارية جذابة، خاصة مع وجود توجه لإنشاء شركات عملاقة وتشجيع الاستثمار الاجنبي. منظور مختلف * برايك ما حل الأزمة الإسكانية؟ في البداية، يجب على الدولة أن تنأى بنفسها عن الدخول في تنفيذ المشاريع الاسكانية، إذ لا تستطيع على المدى الطويل توفير الوحدات الاسكانية المطلوبة، كما تدل عليه التجارب الواقعية، وبالتالي لابد من منظور مختلف لتوفير السكن للمواطنين. وفي هذا الاطار يقترح أن يقتصر دور الدولة في توفير بدائل لحصول المواطن على مسكن بحيث يتم توفير السكن من خلال القطاع الخاص أو مؤسسات مشتركة متخصصة، فالدولة لا تستطيع بمفردها حل الازمة الإسكانية، بل تجب الاستعانة بالقطاع الخاص والقطاع المشترك في المساهمة في عملية توفير السكن وما يتطلبه ذلك من تغييرات تشريعية. كما يجب على الدولة اعادة النظر في انظمة البناء بما يتفق مع المنظور الإسكاني الجديد، وأن تنتهج سياسة إسكانية جديدة، فهناك العديد من التجارب التي قامت بها دول خليجية ونجحت بالفعل في حل جزء كبير من الأزمة الاسكانية فيها، وعلى الحكومة الاستفادة من تلك التجارب. ومن أمثلة هذه الحلول أنه يمكن أن يتم استحداث نظام المنازل المتلاصقة، فالقسيمة التي مساحتها 500 متر مربع يمكن تقسيمها الى 4 منازل بمساحة 125 لكل منزل وبثلاثة أدوار، كما هو حاصل في بعض الدول الخليجية، وذلك أفضل من توفير الشقق الاسكانية التي قد لا تلبي احتياجات الاسرة الكويتية. وبتلك الطريقة يتم تلبية أكبر عدد من الطلبات الاسكانية وتخفيض مدة الانتظار، وفي المستقبل اذا كان الموطن يريد التوسع فيكون هذا المنزل الصغير بمثابة استثمار له، ويمكن رهنه لدى البنوك والحصول على تمويلات مصرفية والانتقال إلى منزل أكبر باستخدام موارده المالية. وأيضا يجب ان يتم اقرار قوانين تساعد المواطن على الحصول على تمويلات ميسرة من البنوك، وكذلك تطوير قانون الرهن العقاري، ويمكن للحكومة أن تستغل الاموال التي تنفذ بها المشاريع الاسكانية في توفير التسهيلات للمواطنين بأن تقوم بدفع نصف تكلفة القرض الاسكاني، وكذلك تضمن نصف القرض الإسكاني لتسهيل الحصول على القرض من البنوك التجارية. وبتلك الطريقة توفر الدولة مليارات الدنانير ويتحقق نتيجة لذلك حركة في القطاع المصرفي والعقاري، وبالتالي يكون دور الدولة مقتصرا على مساعدة المواطن في الحصول على التسهيلات لشراء أو حيازة السكن فقط، وليس توفير السكن له فعليا. * ما تأثير ارتفاع أسعار الكهرباء والماء على القطاع العقاري؟ - رفع أسعار الكهرباء والماء مستحقة منذ زمن، ولكن الزيادة في الحقيقة ضخمة وغير متدرجة مع وجود إسراف في النفقات في الميزانية الحكومية، وبالتالي لم يقتنع المواطن بدواعي هذه الزيادات وأدت إلى مقاومتها، من الطبيعي أن يكون لذلك الارتفاع تأثير سلبي على القطاع العقاري على المدى القصير وعلى أسعاره، ولكن التوجه يعتبر جيدا لأنه يرشد استهلاك الكهرباء والماء ويخفف العبء على الدولة، ولكن يجب التطبيق تدريجيا ويجب أن تكون وفق نظام الشرائح، وهذا ما سيتضح في الشهور القادمة عند تطبيق هذه الزيادات. كما في المقابل، لا بد أن تكون الدولة قادرة على توفير خدمات الكهرباء والماء بصورة أفضل للمستهلكين في القطاع العقاري نتيجة توفر هذه الموارد الاضافية. مخالفات القطاع السكني قال العمر إن هناك العديد من المخالفات في القطاع السكني والدولة لا تستطيع حل تلك المخالفات بالأسلوب المتعارف عليه حاليا، وبالتالي لابد من مقاربة مختلفة لذلك، وقد يكون للتغييرات في قانون البلدية دور في حل بعض هذه المخالفات، وقد يكون من المناسب أن يتم مراجعة قواعد البناء للتأكد من مناسبتها للواقع العملي وحاجات المواطن لمنع المخالفات في المستقبل. وفي هذا الاطار، فإن من المجالات التي يمكن التفكير فيها هو السماح ببيع دور من المنزل لحل جزء من الازمة الاسكانية، ويمكن استخدام هذا النظام في المناطق الجديدة التي تسعى الحكومة الى بنائها، فاحتياجات الاسرة تختلف عن الاخرى، فليس الكل بحاجة الى منزل بمساحة 500 متر مربع أو 400 متر مربع وخاصة في بداية حياته الزوجية.
مشاركة :