تعاني مناطق الأطراف من نقص حاد في بعض الخدمات التي تهم المواطن، ويتضح ذلك من ضعف أداء الخدمات الصحية والبلدية والتعليمية، وتراجع مستوى الطرق نتيجة ضعف الصيانة وغياب الرقابة، ويأتي صوت المواطن مدويا مطالبا بالحد الأدنى من الاهتمام المنتظر، والذي يفترض أن يكون عليه المسؤول الذي ينفذ سياسة القيادة الرامية إلى تحقيق أهم متطلبات المواطن وفق رؤية واضحة، سخرت لها مليارات الريالات في ميزانيات الأعوام الماضية، والتي كانت كفيلة بتوفير أفضل الخدمات، وتشييد أرقى المستشفيات والمشاريع الخدمية، لو صاحبها تخطيط مدروس يسوق الأولويات، ويراقب أداء الشركات، ويضع احتياجات المواطن محل العناية والرعاية. يستغرب كثير من أهالي المناطق الطرفية غياب الاستراتيجيات التي تكفل لهم جزءا مما هو متوفر في المناطق الرئيسية، يكفيهم عناء السفر بحثا عن العلاج، ويبحثون عن مشاريع راقية تنفذ بطرق مطابقة للمواصفات فتبح أصواتهم وهم يشتكون من انعدام الرقابة، ويتساءلون عن أسباب التراجع المخيف في بعض الخدمات فلا يجدون التفاتة، خاصة في ظل تواضع مستوى ما يقدم من خلال المشاريع القائمة وخاصة الصحية رغم التصريحات التي أطلقها وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة في عام 2009 خاصة المتعلقة بالمنطقة الشمالية، عندما قال بأنه سيفصل مرضى الشمال عن العلاج في الأردن فصلا سياميا، وسيجعل الهجرة معاكسة إلى مستشفيات المملكة، لأن الوزير يرى بأن الواقع على الأرض لا يزال يراوح مكانه. ويرى أهالي المناطق الشمالية بأن الخدمات الصحية لا زالت متدنية، ولا ترتقي لطموحاتهم لضعف إمكانيات المستشفيات، ونقص الكوادر الفنية، وانعدام بعض التخصصات الطبية، وعدم قدرتها على إجراء بعض العمليات الجراحية، وكثرة الأخطاء الطبية، وهنا يشير بعض المرضى أيضا إلى أن عدم توفر أسرة بالمراكز الطبية المتقدمة في المدن الكبيرة ساهم في استمرار هجرة مرضى الشمال للعلاج في مستشفيات الأردن التي تتمتع بكفاءات علمية وكوادر طبية عالية، وتكون فاتورة العلاج باهظة وقد تصل إلى أكثر من مليار ريال. وتوضح المعلومات المتوافرة إلى ارتفاع أعداد المرضى السعوديين المراجعين للأردن في 2013 بنسبة 15 % مقارنة بالعام الذي سبقه، ولم تكن هذه الأرقام بخافية على المسؤولين في وزارة الصحة الذين يرون أن استحداث إدارة للمستشفيات الطرفية، الا أنه قرار طال انتظاره ولم يتم العمل به حتى اليوم. عكاظ التقت بعدد من المرضى ممن يقصدون مستشفيات الأردن، واستطلعت آراءهم وأسباب هروبهم من مستشفيات الشمال، حيث أكد أحمد الشملاني، أن ضعف الإمكانات الصحية بمنطقة الحدود الشمالية وطول أمد المواعيد بالمراكز الطبية المتخصصة بالرياض والدمام أجبره على قطع مسافة أكثر من 1500 كم ذهابا وإيابا من أجل العلاج في الأردن. وأشار إلى أنه يعاني من وجود لحمية واضحة في العين اليمنى لمدة تزيد عن العامين راجع خلالها مستشفى الأمير عبدالعزيز بن مساعد الذي رفض تحويله إلى مستشفيات العيون المتقدمة بالمملكة، واكتفى بكتابة التقارير الطبية فقط. وأضاف بأن المستشفى لا يملك المقومات الكافية والإمكانيات لإجراء عملية مما اضطره للسفر للعلاج في الأردن، ولفت إلى أنه راجع المركز التخصصي للطب البصري في عمّان العاصمة وأجرى الفحوصات والتحاليل اللازمة بمبلغ 120 دينارا أردنيا وقرر الأطباء هناك بأنه يحتاج إجراء عمليتين، الأولى لإزالة اللحمية بالعين اليمنى بمبلغ 800 دينار أردني (أي ما يعادل 4000 ريال) وعملية أخرى بالعين نفسها بعد ستة شهور لتصحيح النظر بـ800 دينار أخرى. وقال سلطان العنزي، إنه يعاني من آلام في الظهر منذ مدة طويلة راجع خلالها مستشفى عرعر المركزي، موضحا بأن الأطباء شخصوا الآلام بأنها احتكاك بالعضلات في أسفل العمود الفقري وتحتاج إلى العلاج بالأدوية والإبر المهدئة، وأضاف أن آلامه لم تتوقف طيلة أربعة شهور مما اضطره إلى السفر للأردن وتم التشخيص على أنه يعاني من آلام في الديسك وأن الأمر يستلزم إجراء عملية جراحية. وقال إنه عاد من الأردن لإجراء العملية بالمستشفيات السعودية، وبعد مخاطبة مستشفيات الرياض وإرسال التقارير الطبية اللازمة لم يحظ بالقبول لعدم توفر السرير، مما اضطره للعودة للأردن لإجراء العملية هناك. أما عبدالله الصقري فقد كان منومًا في مستشفى رفحاء المركزي بسبب آلام في الكلى وأن الأطباء احتاروا في التشخيص، ففي المرة الأولى أشاروا إلى أنه يعاني من زائدة ويحتاج إلى عملية جراحية وما إن رفض العملية حتى أعادوا التشخيص في اليوم التالي، واتضح لهم بأن الآلام نتيجة التهاب في المرارة، ثم يتغير التشخيص بعد فحوصات أخرى إلى وجود حصوة بأعلى الكلية اليمنى، مشيرا إلى أنه كان يأخذ ابرتين يوميا طوال وجوده بالمستشفى لمدة ثلاثة أيام دون أن يعلم هو وأطباؤه عن مسببات مرضه وآلامه، وأن المستشفى رفض إعطاءه تقريرا طبيا واكتفى بإعطائه موعدًا للأشعة المقطعية.. فيما طالب كل من سامي مفضي وفهد صالح وزير الصحة باستحداث مدينة طبية بمنطقة الحدود الشمالية تخدم أبناء المنطقة لتخفف على الأهالي من عناء السفر للأردن بحثا عن العلاج واستغلال المرضى. الصحة جنوبا ولم يكن الوضع الصحي في المناطق الجنوبية بأفضل حال من الشمالية، حيث النقص الواضح في المرافق الصحية رغم وعود المسؤولين في وزارة الصحة وتأكيداتهم على إنشاء مزيد من المستشفيات التي تتبخر مع مرور السنوات، فمنطقة جازان كانت موعودة بمدينة طبية في عهد الوزير حمد المانع لكنها سرعان ما تحولت إلى مدينة واحدة للمنطقة الجنوبية تم اختيار منطقة عسير موقعا لها، خاصة وأن مثل هذه الوعود تأتي متزامنة مع الأخطاء الطبية التي ضربت جازان وراح ضحيتها عدد من الأبرياء والأدلة والشواهد كثيرة، وتجاوز الأمر إلى أن كثيرا من مراكز الرعاية الصحية الأولية في مراكز وقرى جازان تقع في مبان متواضعة لا تشير إلى ما اعتمدته الدولة من مليارات لتطوير هذه الخدمة. ويرى عدد من أهالي جازان بأن الخدمات الصحية في المنطقة لا زالت بحاجة إلى التفاتة من وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة، وطالبوه بأن يضع استراتيجية واضحة لمعالجة الوضع جذريا عوضا عن المسكنات أو تدوير الأشخاص، خاصة في ظل تعثر كثير من المشاريع الصحية وتواضع ما يقدم من خلال المستشفيات القائمة حاليا، وقالوا بأن الوضع لا يسر في دولة نذرت كل إمكاناتها لخدمة المواطن بينما المسؤولون ينظرون من مكاتبهم وكأن الوضع لا يعنيهم، وأكدوا بأن السكوت على الوضع الصحي في جازان ينذر بخطر قادم سيكون ضحاياه بأعداد لا يتوقعها أي مسؤول في وزارة الصحة. وفي نجران لازال أهالي غرب المنطقة يعيشون على وقع تراجع وزارة الصحة عن وعدها بإنشاء برج طبي كبديل لمستشفى نجران العام الذي نقل إلى شرق المنطقة، وهو التراجع الذي سيحرم أكثر من مئتي ألف نسمة من الخدمات الصحية بعد أن كانت في متناول أيديهم.
مشاركة :