اتخذ تنظيم «جند الأقصى» المبايع لـ«جبهة فتح الشام» في سوريا، قرارًا بالانسحاب من جبل الزاوية في ريف محافظة إدلب، باتجاه ريف محافظة حماه الشمالي تحت حماية الجبهة وبسيارات تابعة لها. في حين أعلنت «جبهة فتح الشام» («جبهة النصرة» سابقًا) فكّ الارتباط بينها وبين هذا الفصيل، متهمة إياه بـ«الانقلاب على البيعة» وحكم المحكمة الشرعية. وفي هذه الأثناء، حذّرت فصائل المعارضة في ريف حماه الشمالي، من أن أي احتكاك بينها وبين هذا التشكيل يصبّ في مصلحة النظام. كان تنظيم «جند الأقصى» أعلن اندماجه مع «جبهة فتح الشام» خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد معارك دارت بينه وبين حركة «أحرار الشام»، التي اتخذت قرارًا باستئصاله، وناصرها في ذلك عدد من فصائل المعارضة المسلّحة، التي اتهمت التنظيم المذكور بالتبعية لتنظيم داعش الإرهابي المتطرف وتلقيه الأوامر منه. ورغم عدم وصول طلائع هذا الفصيل إلى ريف حماه بعد، أوضح الناطق باسم «جيش النصر» محمد رشيد، لـ«الشرق الأوسط»، أن انسحاب «جند الأقصى» من جبل الزاوية مرده إلى خلافات مع «جبهة فتح الشام» التي ضمت هذا الفصيل إلى صفوفها في وقت سابق. وأشار إلى أن «المعلومات تفيد بأن (فتح الشام) تخلت عنه، ولذا قرر الانسحاب من جبل الزاوية باتجاه ريف إدلب»، كاشفًا عن تبادل أسرى حصل بين هذا الفصيل وبين حركة «أحرار الشام»، قبل البدء بالانسحاب. وأوضح رشيد في تصريحه «حتى الآن لم يصل أحد إلى ريف حماه، ولا مانع من مجيئهم إلى هذه المنطقة، لكن بشرط ألا يفتعلوا إشكالات مع الفصائل المرابطة على الجبهات في مواجهة النظام، لأن أي خلاف سيصب في مصلحة النظام»، لافتًا إلى أن «جيش النصر هو أكبر الفصائل الموجودة في ريف حماه، يليه جيش العزّة وفصائل أخرى». وأكد رشيد أن «جيش النصر يرابط على ثلثي خطوط الاشتباك مع النظام، بدءًا من طيبة الأمام إلى معردس وصوران وقمحانة والمعمل الأزرق وصولاً إلى دير محردة والمحطة». وأضاف: «نحن منذ البداية لم نكن طرفًا في الخلاف الذي وقع بين (أحرار الشام) و(جند الأقصى)، ونأمل ألا تحصل إشكالات في المستقبل، لأن هدفنا الوحيد هو مواجهة النظام ومعركة تحرير حماه وريفها، وليس افتعال مشاكل بين مكوّنات المعارضة المسلحة»، مستبعدًا أن يكون هذا الانتقال «أي تأثير على جبهة حماه، لأن عدد (جند الأقصى) ليس كبيرًا». إلى ذلك، أعلنت «جبهة فتح الشام»، التنصل من تبعية «جند الشام» لها بعد انقلاب الأخير على شروط البيعة. وقالت في بيان لها، إن الجبهة «قبلت خلال شهر تشرين الأول (يناير (كانون الثاني)) 2016، بمبايعة (جند الأقصى) لها من أجل وقف إطلاق النار بينه وبين (أحرار الشام) وإطلاق سراح الأسرى لدى الطرفين وتشكيل محكمة شرعية لحل الخلافات التي كانت قائمة». واعتبرت الجبهة أن ذلك حصل «عندما أعلن (جند الأقصى) بشخص أميره تبعيته الكلية إلى جبهة فتح الشام»... ولكن لدى شروعنا في تطبيق بنود الاتفاق مع الأحرار من جهة وبنود البيعة من الجند من جهة أخرى، لمسنا مماطلة الطرفين في تنفيذ إجراءات المحكمة الشرعية. ووصلتنا عدة تأكيدات من الجند على عدم قبولهم بتلك البيعة، وأعلنوا أن أميرهم بايع عن نفسه لا عن الفصيل بأكمله، وبدأ ذلك واضحًا من عدم تعامل جماعة (جند الأقصى) مع الجبهة على أساس السمع والطاعة». وأكدت «فتح الشام» من ثم أنه «في ظل الاشتباكات التي تجددت بين الطرفين وعدم انصياع الجند لأي من بنود البيعة، فقد اتفق الطرفان على حلّ الموضوع عبر لجنة قضائية، ونعلن عدم تبعية (جند الأقصى) إلى (جبهة فتح الشام) تنظيميًا، مع بقاء رابطة الإسلام». ويبدو أن قرار انسحاب هذا الفصيل عكس ارتياحًا لدى فصائل المعارضة، إذ اعتبر «أبو علي عبد الوهاب» القيادي في «الجيش السوري الحر» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بمحافظة إدلب، أن «انسحاب جند الأقصى من جبل الزاوية إذا ما تحقق لا يغيّر في الأمر شيئا، لأنه ليس فصيلاً كبيرًا، وامتداده من الجهة الجنوبية لجبل الزاوية إلى ريف حماه الشمالي». وأكد عبد الوهاب أن فصيل «جند الأقصى اضطر إلى التوقيع على اتفاق لتبادل الأسرى بينه وبين (أحرار الشام) برعاية (فتح الشام)، لأنه أدرك أن الفصائل الأخرى ستقف مع (أحرار الشام) ويتعاملون معه كفريق باغٍ»، ولفت إلى أن «انتقال هذا الفصيل إلى ريف حماه قد يشكّل خطرًا على الفصائل الثورية وليس على النظام، لأنه مشغول دائمًا بضرب الفصائل وهو على تواصل دائم مع (داعش) ويتلقى التعليمات منها». وكان جبل الزاوية شهد خلال الأيام القليلة الماضية، اشتباكات بين مقاتلين من حركة «أحرار الشام» ومجموعات مبايعة لـ«جبهة فتح الشام»، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف الطرفين، وأسفرت عن سيطرة هذه المجموعات على حاجز خربة الجوز التابع للحركة في منطقة الزعينية.
مشاركة :