أصداء السيرة الذاتية لنجيب محفوظ يظل عالم الصحافة من أكثر العوالم إثارة وأتعابا أيضا، لما فيه من حرص على الدقة في المعلومة، وأمانة في نقل الأخبار، ويبقى هذا العالم محاطا دائما بكثرة العلاقات من خارج ميدان الصحافة، وأيضا متشعب في العلاقات ما بين الصحافيين أنفسهم ومسؤوليهم. هذا العالم حاول العديد من الكتاب نقله إلى القراء بطرق مختلفة، وبأساليب متعددة، ربما كان أحدها على شاكلة سير ذاتية لكتّاب مارسوا الصحافة، فنقلوا خفاياها وكشفوا عن العديد من دروبها الخفية. العرب [نُشرفي2017/01/24، العدد: 10522، ص(14)] سيرة تترجم صراعات خفية في عالم الصحافة (لوحة للفنان حسين مصدق) عمّان- تكشف فصول رواية “رئيس التحرير.. أهواء السيرة الذاتية”، للشاعر المصري أحمد فضل شبلول، عن الكثير مما يدور في كواليس الصحافة المصرية والعربية، وكيفية إدارة المجلات والجرائد، وعن تشابك المصالح بين إدارة التحرير والكتّاب وبقية العاملين بالمطبوعة، وكيفية تربُّح بعض الأفراد من وراء عملهم بالصحافة. كما تكشف عن الصراع الخفي في إحدى المجلات الثقافية الخليجية، بين رئيس التحرير وإحدى المحررات التي كانت وراء تعيينه رئيسا للتحرير. لحظات استرجاع تغوص الرواية، الصادرة، مؤخرا، عن دار “الآن ناشرون وموزعون”، بالعاصمة الأردنية عمان، في العالم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي بالمنطقة العربية، بدءا من انتفاضة 18 و19 يناير 1977 في مصر وصولا إلى ثورة 25 يناير 2011. لا تخلو الرواية من الجانب العاطفي حيث علاقة السارد بزميلته الكاتبة والفنانة المصرية منى فارس، والكاتبة الخليجية الجوهرة إبراهيم، وكأن المرأتين شخصيتان لروح واحدة، فضلا عن بروز شخصيات أخرى عربية وهندية بالرواية تكشف عن الواقع الخليجي اليومي الذي يتعامل من خلاله السارد خلال السنوات التي قضاها بالخليج. تبدأ أحداث الرواية الأولى لشبلول بلحظات الاسترجاع بعد أن تلقى السارد خبر الاستعداد للعمل لدى المجلة الخليجية، فيتذكر علاقته بأصدقائه القاهريّين، الذين كانوا يقفون ضد من ينال فرصة عمل أو فرصة سفر للمشاركة في فعاليات ثقافية أو شعرية خارج مصر، وجاء ذلك تحت عنوان “ألاعيب ثقافية”، ويتدرج الاسترجاع إلى سنوات دراسته في كلية التجارة عندما رأس تحرير مجلة حائطية. ثم مجلة “استنسل” صدر منها عدد واحد عن اللجنة الثقافية بكليته، ثم مجلة تصدرها إحدى الجماعات الثقافية والفنية بالإسكندرية، ثم علاقته ببعض المجلات العربية في ذلك الوقت، ومنها مجلة “الثقافة العربية” التي كانت تصدر في ليبيا، ثم المشاركة في أحداث انتفاضة 18 و19 يناير 1977 عندما ارتفعت أسعار بعض السلع الغذائية في مصر. ومن لحظات الاسترجاع التي شغلت حيزا في الرواية، السفر إلى الخليج للعمل، فأحس منذ الوهلة الأولى بأنه غريب على الخليج، خاصة أنه لم يجد أحدا في استقباله. وثيقة أدبية الرواية التي جاءت في 27 فصلا، ووقعت في 178 صفحة، تدور في عدة مدن عربية منها: الإسكندرية والقاهرة وأبوظبي وعمَّان وبغداد وغيرها من المدن. واعتمدت في جانب منها على السيرة الذاتية للسارد، وعلى المتخيل الروائي للشخصيات والأحداث في جانب آخر منها. تجربة الكاتب الصحافية في مصر والخليج تنتهي الرواية باندلاع أحداث ثورة 25 يناير، ووقوع التصادم بين رئيس تحرير المجلة الخليجية والسارد، لعدم موافقته على نشر ما يكتبه السارد عن أحداث الثورة في إحدى الجرائد الخليجية، فيحصل السارد على إجازة لتهدئة الموقف المشتعل بينهما، وبهذه النهاية المفتوحة يترك الكاتب الكثير من الدلالات وعلامات الاستفهام بما سوف يؤول إليه مصير المنطقة. إنها وثيقة أدبية فنية سياسية ورمزية للكثير من الأحداث التي مرت على المنطقة من خلال استخدام تقنيات الصحافة والإعلام داخل فصولها، حيث نجد التقرير والمقال والحوار الصحافي والاستطلاع والتحقيق وغير ذلك من أشكال الصحافة، إلى جانب التقنيات الروائية من سرد ووصف وحوار ومونولوج داخلي وعودة إلى الوراء (فلاش باك)، بالإضافة إلى وجود قصائد شعرية، فلم ينس السارد أنه شاعر في المقام الأول دخل عالم الصحافة من أوسع أبوابه. يذكر أن أحمد فضل شبلول عمل في مواقع إعلامية عدة في مصر والخليج، وهو من مواليد الإسكندرية. حصل على جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عام 2007. تخرج في كلية التجارة ـ جامعة الإسكندرية. له اثنا عشر ديوانا شعريا مطبوعا، آخرها “زوايا من بقايا شمعتك” – الهيئة المصرية العامة للكتاب 2012. يكتب للأطفال، وأصدر سبعة كتب في هذا المجال، كان آخرها ديوان “دوائر الحياة” – الهيئة المصرية العامة للكتاب 2011، وهو يكتب الدراسات الأدبية والنقدية، وله 18 كتابا مطبوعا في هذا المجال، آخرها “في صحبة فاروق شوشة”، 2017. وحصل على جائزة المجلس الأعلى للثقافة- شعبة الدراسات الأدبية والنقدية سنة 1999، عن بحثه “تكنولوجيا أدب الأطفال”. أصدر بعض المعاجم العربية منها: معجم الدهر، ومعجم أوائل الأشياء المبسط، ومعجم شعراء الطفولة في الوطن العربي خلال القرن العشرين. وشغل عضوية مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر (2001-2010)، ومنصب نائب رئيس اتحاد كتاب الإنترنت العرب (2005-2009). وقد كُرِّم من مؤتمر أدباء مصر 2009، والاتحاد العربي للإعلام الإلكتروني 2010، وملتقى الشارقة للشعر العربي الثامن 2010، ومجلة دبي الثقافية 2010، وهيئة قصور الثقافة 2016، وترجمت بعض أعماله الشعرية ومقالاته إلى العديد من اللغات الأجنبية. :: اقرأ أيضاً حكاية معقدة وغريبة وقائعها في ثلاثين يوما يوسف عبدلكي قديس الثورة السورية المطعون أحلام الليل والنهار في كتاب جديد لعبده وازن البحث عن السلطة الضائعة فيلم مغربي عن الحرية المفقودة
مشاركة :