تطرقت صحيفة "أرغومينتي إي فاكتي" إلى لقاء التسوية بين السوريين في أستانا؛ مشيرة إلى أهم سؤال فيه، وهو: من سيقنع القادة الميدانيين بوقف الحرب؟ جاء في مقال الصحيفة: بدأت في أستانا يوم 23 من الشهر الجاري المفاوضات بين السلطات السورية وممثلي فصائل المعارضة المسلحة. وبحسب الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، رئيس الوفد الروسي في هذا اللقاء، ألكسندر لافرينتيف، فإن روسيا راضية بصورة عامة عن نتائج اليوم الأول للقاء. وقال إن هذه المحاولة ليست الأولى للاتفاق بشأن النزاع الأكثر سخونة في العالم اليوم. بيد أن جميع المحاولات السابقة التي اتخذت في جنيف لم تثمر عن شيء يذكر. ويشير العديد من الخبراء إلى أن لقاء أستانا هو أكثر تمثيلا مما كان في جنيف. وإضافة إلى هذا، تغيرت السلطة في الولايات المتحدة، اللاعب الكبير في هذه المفاوضات. وقد أعلن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب عن تغير السياسة الخارجية لبلاده في العديد من المسائل، بما فيها إيجاد لغة مشتركة مع روسيا والتعاون معها في محاربة لا هوادة فيها للإرهاب. أي أن انطلاق المفاوضات بهذه الصورة هو بحد ذاته خطوة جادة للأمام، كما يشير الخبراء. من جانبها، تقول مستشارة مدير المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية يلينا سوبونينا إن "روسيا تمكنت على الأقل من عمل ما عجز عنه الرئيس الأمريكي السابق باراك اوباما ووزير خارجيته جون كيري، وهو موافقة المعارضة المسلحة على التفاوض، والانفصال عن "داعش" و"جبهة النصرة". وما لم يتمكن الأمريكيون من عمله، تمكنت من تحقيقه اليوم في أستانا روسيا وتركيا وإيران". Sputnik يلينا سوبونينا وعلق دميتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية على جاهزية روسيا للتعاون مع الولايات المتحدة في محاربة المتطرفين، أخذا بالاعتبار تعهد ترامب في كلمته خلال مراسم تنصيبه، باستئصال الإرهاب الإسلامي من وجه الأرض. وقال بيسكوف إن "الأصولية والإرهاب الإسلاميين يهددان جميع الدول بما فيها بلدانا. غير أن الحديث عن مبادراتٍ ما أمرٌ سابق لأوانه، لأن الرئيس ترامب حاليا هو في بداية مرحلة تعرفه على الأمور. لذلك يجب الانتظار إلى أن تحصل الاتصالات الأولى". وبحسب بيسكوف، يبقى ساري المفعول ما قاله الرئيس بوتين في خطابه، الذي ألقاه في الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن ضرورة تنسيق جهود مختلف الدول في محاربة التطرف، حين اقترح تشكيل تحالف دولي حقيقي واسع لمواجهة الإرهاب. وأضاف بيسكوف أن "الرئيس بوتين تحدث مرارا عن عدم وجود بديل للتعاون في مجال محاربة الإرهاب وعدم قدرة أي دولة منفردة على محاربة التحدي الأكثر خطورة في القرن الحادي والعشرين". وبالطبع، إن حذر الكرملين من التحالف مع الولايات المتحدة مفهوم: إذ إن دونالد ترامب ما زال شريكا لا يمكن التنبؤ بتصرفاته. فعند حديثه عن محاربة التطرف، قال: "سوف نسعى للصداقة مع البلدان الأخرى، ونعزز تحالفاتنا ونشكل أخرى جديدة. وسوف نوحد العالم ضد الإرهاب الإسلامي الراديكالي، الذي سنمحوه من وجه الأرض". لكن موقع روسيا في هذه الحرب يبقى غير واضح حتى الآن. وبحسب رأي سوبونينا، لا يمكن توقع الكثير من لقاء أستانا. لأن من الضروري لتطوير هذا النجاح كسب أطراف أخرى ذات تأثير في أوضاع المنطقة. فقد "ظهرت إمكانية لمثل هذه المفاوضات، نتيجة تغير الوضع على جبهات القتال لمصلحة القوات الحكومية السورية وتحرير حلب بفضل التعاون الروسيالسوري. أما قبل سنة، فقد كان القادة الميدانيون هؤلاء يرفضون أي حوار مع السلطات لأنهم كانوا يأملون بتحقيق نصر عسكري. والعامل الآخر، هو تمكن روسيا من تطبيع التعاون مع تركيا، التي تتمتع بتأثير كبير في الفصائل السورية المعارضة. ولكن بعضا من هذه المجموعات لديها ارتباطات ليس فقط بتركيا، بل وبدول أخرى مثل المملكة السعودية وقطر وغيرهما. لذلك، فالمهمة المستقبلية هي محاولة الاتفاق مع رعاة المعارضة السورية الآخرين، وبعكسه فهم سيبذلون كل ما في وسعهم من أجل عرقلة التوصل إلى أي اتفاق".
مشاركة :