اليوم في طرابلس: الخطة الأمنية تعيد عاصمة الشمال اللبناني لحضن الدولة

  • 4/8/2014
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

--> --> طرابلس اليوم، لا تشبه طرابلس الأمس، فبعدما حصدت جولات العنف مئات القتلى وآلاف الجرحى، بسط الجيش اللبناني والقوى الأمنية سلطتهما على عاصمة الشمال بخطة أمنية محكمة مدعومة بتوافق سياسي لبناني ـ إقليمي، لوقف شلال الدم النازف في المدينة، وتحصينها من توسع المعارك على محاور الاشتباك باب التبانة ـ جبل محسن لتشمل لبنان بأسره، إلا أن الخطة الأمنية لم تقتصر على الواقع الميداني للمدينة بل شملها استنابات قضائية ومذكرات توقيف لكل ما خل بأمن لبنان في كل المناطق. وبعدما تمكنت القوى الأمنية من الدخول الى كل أحياء طرابلس، جالت اليوم في أرجاء المدينة، والتقت فاعليتها وأهلها لنقل أجواء عاصمة الفيحاء التي عادت إلى أحضان الجولة، وكيف يبدو الوضع الأمني الآن. تفاؤل شوارع هادئة ووجوه متفائلة وحركة طبيعية، هذه هي حال عاصمة الشمال ـ طرابلس، بعد عشرين جولة من العنف خلفت وراءها المآسي والدمار والدماء، لم يشعر أهلها بالاستقرار إلا بعد تحوّل الخطة الأمنية من كلام على ورق إلى واقع ملموس، انتهت من خلالها الإشتباكات وهرب الفاعلون الى غير رجعة. وأكدت أمل. م (25 عاماً) ان الوضع الأمني مستقر جداً، آملة أن يستمر كذلك وألا نعود الى حالة الفوضى والرعب التي عشناها، قائلة: كنت أشعر أنني أعيش في مكان آخر، فنحن لم نعتد على أصوات القذائف والرشاشات، فطرابلس مدينة السلام والعلم لا الحرب. وأوضح محمد. ن (30 عاماً): إن الخطة الأمنية أعادت طرابلس إلى سابق عهدها، ونحن اليوم نستعيد حياتنا الهادئة التي كنا نعيشها، مشدداً على أن طرابلس كانت بحاجة الى هذه الخطة منذ بدء الإشتباكات، ولكن مع الأسف فإن كل شيء في هذا البلد بحاجة إلى توافق سياسي . وتمنى أن يعي السياسون أن الحروب لم تجلب إلا الويلات. أما الحاج حامد أ (65 عاماً)، فقال: انتظرنا الخطة منذ شهور، إلا أنها تأتي متأخرة أفضل من ألا تأتي أبداً، نأسف لسقوط العديد من الشهداء ونترحم عليهم، فبدمائهم ستنعم طرابلس مرة أخرى بالهدوء والاستقرار. ومن جهته، أعرب أسامة ل. (43 عاماً) عن تفاؤله بانتشار الجيش والقوى الأمنية في طرابلس، آملاً ألا تعود الاشتباكات مرة أخرى، فقلوبنا لم تعد تحتمل المزيد من المأسي، قائلاً: نريد أن نربي أولادنا بهدوء وطمأنينة، ونرفض جرّنا الى حروب لا تشبهنا ولسنا ساحة لتصفية الحسابات. أدوات النظام السوري وأكد عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش، في حديث خاص لـ اليوم: إن ارتدادت الخطة الامنية في طرابلس واعدة، وطريقة دخول الجيش والقوى الأمنية مهمة، موضحاً أن الأمن لوحده مقدمة وليس حالة مستدامة، ولولا التوافق والتقاطع السياسي الذي ادى الى إنتاج الحكومة، والتي أدت الى نتاج هذه الخطة الامنية لما كان، قد حصل شيء واستمرت الاوضاع الدامية. وشدد على ضرورة ان نؤسس على النتائج الأولية ـ الإيجابية للخطة الأمنية ونؤسس لاستقرار في المدينة على الاقل في المدى المنظور لاعادة الحياة اليها. وقال: لقد انعكست الخطة الأمنية على واقع حال أهالي طرابلس، وعلى سلوكهم وتفاؤلهم وردات فعلهم وحركتهم، ولكن هذا التفاؤل حذر، استناداً لثماني سنوات ماضية من التجارب، اكدت ان أي خطة مهما كانت قوية، قد تعود الأمور الى ما كانت عليه، اذا اختلفت المعايير والتوجهات السياسية. أضاف علوش: حصل في العام 2008 خطة أمنية ومصالحة، إلا أن المعطيات السياسية تغيرت وعادت الاشتباكات إلى سابق عهدها، أما اليوم فهناك تقاطع سياسي على المستوى اللبناني والاقليمي، ادى الى هذه النتيجة، الا ان هذا الأمر لا يخفي خوفنا من انتشار السلاح غير الشرعي في طرابلس وكل لبنان، ولو سحب السلاح من طرابلس، هذا لا يعني أنه سيعود وينتشر فيها، فطرابلس ليست مدينة معزولة، آملاً الا يكون هناك عودة للاشتباكات ولكن لست متأكداً من بقاء الوضع هادئاً". وشدد على ان ادوات النظام السوري في لبنان اصبحت ضئيلة ومكسورة، والنظام اصبح اداة واللاعب الاكبر على الساحة اللبنانية هي ايران والحرس الثوري المتمثل بـ حزب الله، إذاً اي تحرك، قد يحصل يكون من خلال حزب الله أما التحركات المباشرة والمرتبطة بالنظام السوري فقد أصبحت مكشوفة ومحدودة، ولا أعتقد أن هذا النظام لديه القدرة على تحريك خيوط كبير في داخل طرابلس وخارجها ولكن بالتأكيد لدى حزب الله القدرات اللوجستية والمالية والعسكرية لكي يكون عنصرا أساسيا في هذا الخصوص. قرار سياسي وعزا العميد المتقاعد نزار عبد القادر في حديث خاص لـ اليوم أسباب فشل الخطط الأمنية السابقة الى عدم وجود قرار سياسي بفرض الأمن، قائلاً: عندما شكلت حكومة الرئيس تمام سلام تبين بأن الأجواء السياسية كانت قد تغيرت وبأن كل هذا العراك السياسي أدى بقوى 8 و 14 آذار الى الاقتناع بأنه بات يشكل خطراً كبيراً على البلاد، وعلى مستقبل الوضع السياسي العام، خصوصاً ان الطرفين (تيار المستقبل و حزب الله) شعراً بأن مساحة المناورة قد ضاقت لكل منهما، فـ حزب الله متورط في سوريا وبحاجة لدولة تغطي تدخله العسكري هناك، وتيار المستقبل رأى بأنه لا يمكن قيام الدولة التي ينادي بها ووحدة لبنان ولبنان اولا، الا من خلال استمرارية الحكم وتشكيل الحكومة. وأضاف عبد القادر : عندما تشكلت الحكومة بمشاركة كل الأطراف وخصوصاً الطرفين الرئيسيين المستقبل و حزب الله، كان لا بد في الواقع ومع تدهور الاوضاع الامنية والجميع يعلم ان هذه الاوضاع الامنية في طرابلس نتيجة لهذا الانقسام الحاد بين الطرفين المحليين ويتغذيان من الخارج، سواء على المستوى الداخلي خارج طرابلس او على مستوى الخارجي أي المستوى الاقليمي، لذا كان لا بد من لجم هذا التدهور الحاصل، الذي كان مصحوباً بتوافق بين الطرفين الداخليين والاطراف الاقليمية على ضرورة وقف التدهور الحاصل في الموضوع الامني في طرابلس، خصوصاً بأن الاوضاع قد اتخذت منحى خطيراً من خلال التشكيك بالمؤسسة العسكرية وتعرضها لهجمات جعلت الجميع يعتقد بأنها تحولت الى هدف، اضافة الى استشعار كل الاطراف لمخاطر تلك التجربة قياساً بما حصل في السبعينات والتي ادت الى اضعاف الجيش ومن ثم شرذمته ووقوع البلد في حالة تقسيمية من الدويلات والزواريب، فكان لا بد من اتخاذ هذا القرار السياسي ـ الأمني. وشدد على ان الأمن قرار سياسي بامتياز ولذلك فإن الخطة الأمنية مرشحة للاستمرار والنجاح على الاقل في ظل استمرار الظروف السياسية القائمة، طالما الحكومة موجودة فليس هناك من خطر على اهتزاز الخطة الأمنية في طرابلس، وإن تأخر انتخاب رئيس جديد، فهذه الحكومة ستسيّر الأمور لغاية إجراء انتخابات رئاسية وعند وصول الرئيس الجديد لسدة الرئاسة تستقيل معه الحكومة، ولفت إلى أن القرار الأمني قياساً على طرابلس لابد ان يشمل مناطق أخرى، ومن أجل التأكيد على نجاح خطة طرابلس وإعطائها الطابع الأمني الفاعل كان لا بد من حشد إمكانات معينة، سائلاً: هل تملك الدولة مثل هذه الامكانات كإطلاق خطة شاملة للبقاع الشمالي بالقوة التي اطلقت في طرابلس، قائلاً: أشك في توفير العديد والقوى اللازمة للقيام بهذه المهمة، لذا قد يأتي هذا الموضوع تدريجياً أو في مرحلة لاحقة. وختم: يبقى هناك مشكلة سياسية ذات طابع أمني، تتعلق بالتساقطات السامة المباشرة للقتال في القلمون وريف حمص وتدخل حزب الله الكثيف في المعارك السورية، اضافة الى قضية اللاجئين السوريين والكثافة التي تواجدوا فيها ونوعيات هؤلاء اللاجئين في منطقة عرسال وجردوها، لذا فإن قضية عرسال تتطلب حلاً سياسياً، مشدداً على ضرورة أن تدرك الدولة بأن هذا الحل يبدأ بعملية اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لحماية عرسال من الشرق او من الغرب اي من جوارها الشيعي، وتحفيف العبء الثقيل على عرسال من خلال نقل عدد كبير من اللاجئين السوريين من عرسال الى مناطق اخرى لبنانية او اقامة مخيمات في مكان ما تخفيفاً على عرسال واهلها ومنعاً من ان تتحول عرسال الى بؤرة امنية جديدة.

مشاركة :