تعد التقارير الطبية وسيلة نظامية للتهرب من الحضور وتحمل المسؤولية، خاصة تلك التي تتضمن توصيةً بإجازات مرضية، وتشكل في معظمها تزويراً وتحايلاً على النظام، أو تخفيض نصاب ساعات العمل في بعض مؤسسات القطاع العام، أو تخفيض نصاب الحصص الدراسية لدى مدرسي ومدرسات جميع المراحل التعليمية في وزارة التربية والتعليم. ونصت الأنظمة واللوائح على معاقبة كل من زوّر أو منح -بحسب اختصاصه- تقريرًا أو شهادة طبية على خلاف الحقيقة مع علمه بذلك، وتشمل المادة الجديدة للعقوبة السجن مدة لا تتجاوز سنة، وبغرامة لا تزيد على (100.000) ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتضم الأطباء والممارسين الصحيين وغيرهم ممن له علاقة بإصدار التقارير الوهمية، كما نقلت إصدار التقارير الطبية المزورة من مخالفة إدارية إلى جريمة تزوير، تتولى جهات التحقيق الرسمية المعنية التحقيق فيها بحكم الاختصاص ومن ثم تحال إلى المحاكم المختصة لإصدار الحكم اللازم. وعلى الرغم من أنّه تم البدء في تطبيق هذه المادة الجديدة للحفاظ على سير العمل في جميع المؤسسات، إلاّ أنّ هذه القضية لا تزال تشكل الهم والهاجس الذي تعاني منه جميع دوائر العمل في القطاعين العام والخاص، ولا زال هناك أشخاص غير مبالين بهذه التحذيرات ومضمون تلك القرارات، وسبب ذلك أن سلطة تلك التحذيرات لم تلامس في عقوباتها هؤلاء العابثين والمستهترين من الطرفين مصدري التقرير والمستفيدين منها بشكل ظاهر، ولم يتم نشر تلك العقوبة داخل أوساط العمل بشكلٍ يجعل من يحاول ارتكاب هذا العمل أمام العقوبة الرادعة. "ندوة الثلاثاء" تناقش هذا الأسبوع التقارير الطبية المزورة وتأثيرها على سير العمل في القطاعين العام والخاص، وتأثيرها أيضاً على العملية التربوية والتعليمية. «واسطة التقرير» منحت البعض إجازة مفتوحة وتخفيض نصاب المعلمين وتعطيل تنفيذ الأحكام تجاوز إداري وأخلاقي في البداية قال "صالح الخويلد" إنّ محاولة الحصول على تقارير طبية غير صحيحة يعدّ تجاوزاً إدارياً وأخلاقياً لا يليق، وهي ظاهرة متأصلة لدى كثيرين مع الأسف، وليست حالات يمكن معالجتها، مشيراً إلى أنّ التوعية بكافة وسائلها لم تتناول هذه المشكلة، وكأن هذا الأمر أصبح جزءاً من متطلبات حياتنا العملية اليومية، مشدداً على أن "من أمن العقوبة أساء الأدب"، داعياً إلى طرح قضية الاستهانة بالتقارير الطبية على الساحة بشكل أوسع، لافتاً إلى أنّ القطاع الخاص يعاني كثيراً من هذه المشكلة، ولو كان هناك تشديد من الجهات الرقابية على هذه التقارير الطبية الكاذبة وعلى طالبها وعلى مصدرها لأمكن تحقيق شيء من الضبط حول هذه التقارير. وأضاف أنّ تنشيط الوازع الديني لدى أفراد المجتمع حول هذا الموضوع سوف يكون له أثر في ردع مثل هذه التصرفات التي يترتب عليها ارتكاب مخالفات شرعية عند إصدار تقارير طبية كاذبة، ويلجأ إليها بعض الأشخاص عند تعرضهم لأقل القليل من العارض الصحي أو عدم وجود عارض صحي بالأصل. عدم وعي ورأى "خالد الحسينان" أنّه لا وجود لقصور أو خلل في التنظيمات أو التعاميم المنظمة لموضوع التقارير الطبية من الجانب الإداري النظامي والتنظيمي، لكنها في واقع الأمر هي ممارسة وعدم وعي؛ لما تسببه من إخلال سواءً في المصالح أو النواحي القانونية أو الاجتماعية أو القضايا، بقدر ما لدينا من آليات وتنظيم وإشراف وما لدينا من متابعة، موضحاً أنّ هناك عدم وعي بماهية التقرير، تؤدي إلى التساهل من جانب طالب التقرير، والجهة المخولة بمنح التقرير، وبالتالي يظل على مقدم الخدمة المطلوب منها التقرير عبء اجتماعي عند التشدد في منح التقارير الطبية، من خلال الوساطات والضغوط الاجتماعية في هذا الصدد. وأضاف أنّ بعض الجهات الحكومية أو التنظيمات كأنها توحي إلى الشخص بأنّ التقرير الطبي هو مخرجك وملاذك فيما يتعلق بتحقيق طلبك، ولذلك نجد الآن مثلاً أنه كل ما يكون هناك أمر يتعلق بالحصول على المنح والمخصصات في الشؤون الاجتماعية فإن فيها جزءا يتعلق بالتقارير الطبية والحالة الصحية، وبالتالي فإن المستفيدين يرون أنّ هذه التقارير الطبية تعتبر مدخل إلى تسهيل الحصول على هذه المنافع وتحقيق مثل هذه القضايا ومثل هذه الطلبات. تقارير الغايات ولفت "خالد الحسينان" إلى أنّ التربية والتعليم لديهم تنظيم فيما يتعلق بالنقل بين المناطق أو حتى داخل المنطقة للقرب من المدينة المركزية، وقد وضعوا تنصيبا لذوي الظروف الخاصة، يعتمد على مضمون التقارير الطبية والتي أصبحت أيضاً مدخلا آخر لغيرهم للوصول من هذا المدخل بحجج واهية، وأصبحت أدنى القضايا التي يعاني منها نسبة كبيرة من المجتمع مثل الضغط أو السكري مدخلاً، بينما هي ليست من الظروف الخاصة، وبالتالي صارت عبئا عليهم كجهة مصدرة للتقارير الطبية، وهو أن هذا الأمر لا يمكن تحقيقه، إلاّ من خلال هذا التقرير الطبي. وأضاف أنّ لديهم تنظيما يحد من هذا الأمر، وهو أنّ التقارير الطبية لا تمنح باللغة العربية، إلاّ لأهداف محددة، كالجهات القضائية أو الإدارية، أما للأغراض الطبية والمصلحة الطبية فالمجال مفتوح ولكن باللغة الانجليزية المتعارف عليها في الطب، والتي لا تخدم القضايا الأخرى، مستدركاً: "لكن نجد ضغوطاً بأن يكون التقرير باللغة العربية، وهذا نوع من الممارسات التي تتم سواء من داخل المجتمع أو من حتى بعض الجهات التي تضغط علينا فيما يتعلق بإصدار التقارير الطبية". تقارير مزورة وحول التقارير الطبية المزورة أوضح "د. أحمد العجلان" أنّه يحق للطالب المتغيّب عن الاختبار الأساسي أن يدخل اختبارا بديلا، شريطة أن يقدم ما يثبت أنه موقوف تحت أي قضية أو منوم في مستشفى، مبيّناً أنّ عمل وكيل الكلية لشؤون الطلاب أصبح عملا تحقيقيا وشبه جنائي من تلك التقارير الكثيرة التي تأتي من الطلبة والطالبات، ويكون بعضها مزورا، مضيفاً: "هذه التقارير أخذت من وقتنا الكثير كعمادة لشؤون الطلاب، وعمداء ووكلاء كليات ورؤساء أقسام، حيث أصبح معظم عملنا من خلال مجلس الكلية هو التحقيق في مصداقية هذه التقارير وتلك الأعذار التي يحضرها الطلبة، وقد أدى ذلك إلى إضاعة الوقت"، موضحاً أنّه للحد من هذه التقارير التي يحضرها الطلاب والطالبات فقد قررت الجامعة عدم قبول التقارير التي تأتي من مستوصفات أهلية. تقارير الفزعة وتداخل "عبدالكريم اليوسف"؛ منوهاً بأنّ الجهات الصحية المخولة بمنح التقارير الطبية تبدأ من خلال جهات استقبال الحالات الطارئة، وهذه تمنح تقريرا طبيا يوصي أحياناً بيوم راحة واحد، وهناك جهات طوارئ أكبر وجهات استقبال تمنح تقارير طبية توصي براحة من يوم إلى ثلاثة أيام، وهناك هيئة طبية عامة بالمنطقة مختصة بالتقارير الطبية من القطاعات الطبية الحكومية والتي لها الحق بأن توصي براحة لمدة شهر فأكثر، ومختصة أيضاً بالتقارير الطبية الصادرة عن القطاعات الصحية الخاصة، مشيراً إلى أنّ هناك عملا منظما لدى وزارة الصحة للحد من إصدار هذه التقارير الطبية غير الصحيحة، حيث يتم تطبيق عقوبات وجزاءات بحق مصدري تلك التقارير الطبية من منسوبي القطاع الصحي في المراكز الصحية أو المستشفيات. وأضاف أنّه على سبيل المثال حصل أحد الأشخاص على ثلاثة تقارير طبية من ثلاثة مستوصفات مختلفة خلال شهر واحد، كل تقرير يتضمن توصية بالراحة لمدة ثلاثة أيام، وكانت هذه التقارير مثار التساؤل، وجرى التحقيق فيها، وتم الكشف عن تلاعب أصدقاء لهذا الشخص يعملون في تلك المراكز الصحية، إذ لجأوا لهذا التصرف من باب الفزعة لصديقهم، الذي أضرهم وأساء لهم، حيث جرى تطبيق العقوبات النظامية بحقهم، مشدداً على أنّه من حق الرئيس المباشر لهذا الموظف الحاصل على التقرير الطبي إحالته إلى الهيئة الطبية؛ للتأكد من صحته أو عدم صحته. تقارير مربحة! وعلّق "د. علي الهزاع" على ما ذكره "خالد الحسينان"؛ مؤكداً على أنّ اللائحة سمحت للقطاعات الصحية الخاصة التي يهدف بعض منها إلى تحقيق الربح بأن يصدر تقارير طبية، وبالتالي فإن موضوع إصدار هذه التقارير في هذه الحالة أصبح مرتعاً خصباً لمُصدر التقرير وهذا الأمر خلق لنا مشكلة، متسائلاً عن دور وزارة الصحة عندما يتقدم لهم شخص بتقرير يثبت أنّه مزور، وهل لديهم آلية لتقديم دعوى ضد هذا الشخص حماية للحق العام؟ الخويلد: تجاوز إداري وأخلاقي لا يليق وظاهرة متأصلة لدى كثيرين مع الأسف دعوى قضائية وعاد "خالد الحسينان" ليتداخل؛ موضحاً أنّه أحياناً يرد إليهم تقرير طبي من دائرة حكومية تطلب التأكد من صحته، وأحياناً لا يجدون لهذا التقرير أي خلفية، بل وقد يكون النموذج المرسل مختلفاً عن النماذج المعتمدة، مؤكّداً على أنّه في الغالب يكون ذلك من خلال مرجع الموظف، حيث يتأكد من عدم صحة التقرير، مبيّناً أنّه يفترض من الجهة التي طلبت التأكد أن تحرك دعوى ضد المزور وليس وزارة الصحة، مستدركاً: "من جهتنا إذا ثبت بأنّ التقرير صدر من عندنا، ولكن بعكس آلياتنا أو بتجاوز الصلاحيات الممنوحة للشخص؛ فإننا نتعامل مع الموظف وفق اللائحة الموجودة". الحسينان: بعض الجهات الحكومية تعده مخرجاً للموظف قبل تطبيق العقوبة المالية وأضاف "خالد الحسينان" أنّ من يحق له العلاج يحق له الحصول على التقرير الطبي من الجهة المعالجة، والتقرير طبي لا يعني منح راحة أو إجازة أو ما شابه ذلك، حيث أنّ التقرير الطبي يتضمن أنّ الشخص راجع الجهة، وتم إجراء الكشف الطبي اللازم، وتم منحه العلاج اللازم، وقد يكون هناك توصية بالراحة الكاملة أو التوصية بعمل مخفف، أو قد تكون التوصية بعدم ممارسة أعمال مهنية، أما إذا كان هناك طلب لمنح راحة أو تخفيض نصاب كما هو لدى الزملاء في قطاع التعليم فهذا أمر آخر. إرشادي وقائي وطالب "صالح الخويلد" بتنفيذ برنامج إرشادي وقائي؛ لتحديد مشروعية أخذ الإجازات الطبية والتقارير الطبية التي يتم من خلالها تخفيض النصاب الوظيفي، من خلال كتيب يوزع على مدارس التعليم العام، والتعليم الجامعي، والقطاعات الحكومية الأخرى، يتضمن فتاوى العلماء والمشايخ حول خطورة أخذ الراتب من دون عمل، من خلال التحايل بالحصول على إجازات مرضية أو تقارير طبية مضللة، وإبراء الذمة من أكل المال بغير حقه، وخطورة هذا العمل على المتساهل في إصدار تلك التقارير الطبية، وما تتضمنه من توصيات تعين الظالم على ظلمه. وأضاف أنّ الوازع الديني لا يزال - ولله الحمد - يسيطر على الكثير من أفراد المجتمع، لكن الأمر يستوجب تنبيههم وتحذيرهم من التساهل في مثل هذه التقارير الطبية الكاذبة، بالإضافة إلى ردع المتساهلين والمخطئين، من خلال أخذ عينات عشوائية من التقارير الطبية والتحقق منها، ومعاقبتهم حسب ما تنص عليه اللوائح والأنظمة؛ مما يؤدي إلى خفض وتقليل التقارير المزورة بشكل كبير وملحوظ. خفض النصاب وذكر "سليمان اليحيى" أنّ من الشواهد على استغلال التقارير الطبية في تخفيض أنصبة المعلمين والمعلمات والتي تشكل عبئا على العمل؛ ما يوجد من قضايا متداولة في شؤون المعلمين، حيث أنّه يستطيع المعلم أو المعلمة بأبسط طريقة الحصول على تخفيض نصابه إلى (12) حصة على حساب زملائه المعلمين، عن طريق تقرير طبي، على الرغم من أنّ زملاءه يعلمون أنّه لا يعاني من أي مانع، وقد يشاركهم أحياناً لعب أنواع الرياضة، وهذه من الشواهد المؤكّدة على أرض الواقع. وأضاف أنّ العلاقات الشخصية تلعب الدور الرئيس في تدبير هذه التقارير الطبية دون وجه حق، وبالتالي فإن من لا يملك علاقات شخصية قد يحرم من جميع هذه المميزات التي يحصل عليها زملاؤه، مشدداً على أنّ هذا مشاهد من خلال الواقع العملي الذي مارسه داخل المدارس، والآن من خلال القضايا التي ترد للإدارة العامة للتربية والتعليم، وهذا نتيجة عدم استشعار المسؤولية. حسم الراتب وعلّق "د. علي الهزاع" على ما ذكره "سليمان اليحيى"؛ مبيّناً أنّ الناس لديها حساسية تجاه الحسومات المالية، فعندما تكون العقوبة مالية نجد التطبيق والامتثال من أروع ما يكون، وعندما يمس الجيب يبتعد العيب، وهذا عيب مارسه المعلم أو الموظف، ولذلك حينما يقول المعلم أنّه عاجز عن العمل بكامل النصاب فلا مانع من حسم مقدار من الراتب يوازي النِصاب الذي جرى تخفيضه، ومن هنا سنجد أنّ هذا الموظف لن يقبل، بل سيعمل بكامل النصاب من دون عوائق أو موانع، أما من يثبت صحة تقريره بعدم قدرته على أداء الحصص أو الساعات المقررة، فإنه سوف يقتنع بنسبة التخفيض المادي. تحايل على الأنظمة وعقّب "سليمان اليحيى" على ما ذكره "د. علي الهزاع"؛ موضحاً أنّ هذه الفكرة سبق أن طرحت في وزارة التربية والتعليم لكنها لم تنفذ، لافتا إلى أنّ من سلبيات التقارير الطبية أيضاً التمادي في التحايل على الأنظمة المنظمة للعمل المدرسي بجميع أشكاله فيما يتعلق بالمعلمين والطلاب، وقد أثبتت الدراسات الخاصة بإدارات التربية والتعليم بشكل عام في المملكة أنّ غياب المعلمين والمعلمات يشكل نسبة (30%)، منوهاً بأنّ غياب المعلمين يتسبب في خروج الطلبة قبل نهاية اليوم الدراسي، خاصةً في المدارس الثانوية؛ نتيجة عدم السيطرة بشكل دائم على الطلاب، وبالتالي يتم أحياناً تقديم الحصة السابعة، مضيفاً: "لنا أن نتخيل ما يحصل من سلبيات قد تصل إلى مشاكل أمنية وأخلاقية، وغير ذلك نتيجة خروج الطلبة من مدارسهم قبل الموعد، والتنقل بين الأحياء، وعند المدارس الأخرى". د.الهزاع: أهمية التقرير تصل إلى اسقاط الحدود الشرعية مثل تعاطي المسكرات عينات عشوائية وعلّق "صالح الخويلد" على ما ذكره "سليمان اليحيى" و"د. علي الهزاع"؛ مشيراً إلى أنّ معظم الوزارات لم تحدث أنظمتها منذ عشرات السنين، لافتاً إلى أنّ وزارة الخدمة المدنية لا تتخذ عقوبة صارمة ضد أي موظف مخالف أو تفصله إلاّ في أضيق الحالات النادرة، وبالتالي فإنّ الأنظمة تساهم أيضاً في نشوء مثل هذه المشكلات، معتبراً أنّ حل المشكلة يتلخص في محورين رئيسين: الأول توعية دينية، والآخر أخذ عينات عشوائية ومعاقبة المتسبب. ظاهرة جديدة من جانبه اعتبر "د. علي الهزاع" أننا أمام ظاهرة تستدعي الوقوف عندها، مبيّناً أنّ الأنظمة حينما تصدر لتعالج ظاهرة أو أي مشكلة فإن مدى نجاح النظام من عدمه يأتي بعد التطبيق، كما أنّ الثغرات توجد بعد تطبيق النظام، مشدداً على أننا أمام مشكلة تزامنت مع انعدام ضمير وتصاعد غريزة حب المال، منوهاً بأننا بحاجة إلى تشخيص المشكله ابتداءً، محاولين فهم لماذا لا نستطيع أن نغلق ثغرات استخدام التقارير الطبية، على خلاف ما قصده واضع النظام في ظل انعدام الضمير عند البعض، وعدم وجود الأمانة المهنية التي جعلت من التقرير مشكلة. وأضاف أنّ التقرير يعتبر مستندا لا ينحصر على مجرد إعفاء من غياب أو دخول امتحان، بل قد يتعدى استخدامه إلى اسقاط الحدود الشرعية في قضايا كتعاطي المسكرات، ثم يأتي التقرير سلبيا، وبالتالي عندما ينكر المهتم ما نسب إليه مع وجود تقرير طبي، مبيّناً أنّه حينما ينعدم الضمير عند الطبيب الشرعي ويقدم معلومات غير صحيحة قد ينقل هذا التقرير الجاني من كونه متهما إلى البراءة، وبالتالي قد تلصق بشخص آخر أو تقيد ضد مجهول؛ مما يعزز أهمية وقيمة التقارير الطبية، وضرورة حمايتها من التلاعب بكل الوسائل. غياب بعذر وتداخل "سليمان اليحيى"؛ مشدداً على أنّ التقارير الطبية لها علاقة مباشرة بسير العمل في مؤسسات القطاعين العام والخاص، كما أنّ لها أهمية في الإنتاجية، سواءً ارتفاعها أو انخفاضها، إضافةً إلى أهمية هذا الموضوع في القفز على الأنظمة والقوانين المنظمة للعمل، مشيراً إلى السلبيات في منح الإجازات المرضية، خصوصاً التي تمنح دون وجه حق، وما لها من تأثيرات في إرباك العمل المدرسي الذي يستوجب انتظام جميع العاملين، مضيفاً: "لو أخذنا بعض مدارس تعليم البنات سوف نجد أنّه في اليوم يتغيب تقريباً خمس معلمات في المدرسة الواحدة، وهنا لنا أن نتصور حال العمل المدرسي في ظل غياب خمس معلمات عن أداء حصص الجدول المدرسي؛ مما سيؤدي إلى تشتيت ذهن وتركيز ومهام مديرة المدرسة، كما يشكل عبئا على المعلمات الأخريات". توقيع طبيبين وعلّق "خالد الحسينان" على ما ذكره "سليمان اليحيى"؛ مبيّناً أنّ منح راحة للمريض قرار غير ملزم لصاحب العمل أو الجهة التي يعمل فيها الموظف؛ لأنّها عبارة عن توصية وقد لا تتفق الجهة صاحبة العمل مع التوصية بأن الراحة، حيث أنّها قد تكون أكثر من اللازم، أو قد تكون تؤثر على العملية التعليمية أو الوظيفية إذا كانت طويلة، فهي مجرد توصية قد يؤخذ بها وقد لا يؤخذ بها، وللجهة صاحبة العمل الحق في رفضها إذا ثبت صحتها أصلاً، فما بالنا بالتقارير التي يوجد فيها خلل من الناحية الشكلية، مثل أنّ اللائحة تنص على أنّ التقرير الطبي لا بد أن يكون موقعاً من طبيبين، وحينما تكون مدة التوصية بالراحة لأكثر من (14) يوماً، ولا بد أن يكون موقعا من استشاري أو يكون فيها إجراء جراحي. تعزيز الإحباط وعقّب "سليمان اليحيى" على ما ذكره "خالد الحسينان"؛ مشدداً على أنّ من أهم سلبيات هذه التقارير الطبية أيضاً على الميدان التربوي بشكل مباشر هو انخفاض مستويات تحصيل الطلاب، وعدم امكانية تحقيق أهداف المنهج الدراسي، حيث أنّ مدة الفصل الدراسي ثلاثة أشهر ونصف الشهر، وبعض المعلمين يتغيبون لمدة شهر كامل أو أقل بإجازات مرضية متقطعة، ومنهج الرياضيات -على سبيل المثال- لا يمكن تحقيقه إلاّ من بداية الفصل الدراسي إلى نهايته، متسائلاً: كيف يمكن تحقيق أهداف المنهج السلوكية والمعرفية والمهارية أو الوجدانية في ظل وجود هذا الغياب؟ مشدداً على أنّ هذه الأشياء تؤدي إلى احباط وعزيمة المعلمين المجتهدين والجادين في العمل، حيث أنّ الغياب يترتب عليه اسناد حصص المتغيب إلى زملائه؛ مما يسبب لهذا المعلم الجاد الإحباط، وبالتالي قد يتسرب لهم الانجرار إلى سلوك زملائهم. اليحيى: «العلاقات الشخصية» تمنح التقارير الطبية على حساب العمل المدارس النائية وكشف "سليمان اليحيى" عدم انضباط الدراسة في المدارس النائية، خصوصاً مدارس البنات، حيث أنّ هناك نسبة كبيرة من المعلمات تم تعيينهن خارج مقار سكنهن، وبالتالي تصل نسب الغياب يومياً في بعض تلك المدارس النائية إلى (50%) من المعلمات وكلها بموجب تقارير طبية، خصوصاً في الأيام التي تسبق الإجازات، أو تأتي عند استئناف الدراسة وهذه من سلبيات التقارير الطبية. وأضاف أنّ دراسات ديوان الخدمة المدنية أكّدت على أنّ الإجازات المرضية تشكل خطورة بشكل عام على جميع الأجهزة الحكومية، ومن ضمنها القطاعات التعليمية، وهناك شواهد من الواقع تؤكد منح إجازات مرضية دون وجه حق من خلال الحصول على تقارير طبية، حتى أصبحت الإجازات المرضية من ضمن المحفزات للسفر خارج المملكة، حيث نجد أن هناك تخفيضات على أسعار تذاكر السفر للخارج وعلى أسعار الفنادق والشقق أيام الدوام، فيلجأ البعض للحصول على تقارير طبية. الجهة المختصة وعن أهمية التوجيه والإرشاد؛ بيّن "د. أحمد العجلان" بأن لدى التعليم العام أساليب التوجيه والإرشاد، وكذلك لدى الجامعات، لكنه غير مفعّل، وبالتالي يأتي الطالب الذي يتم إعداده ليكون رجل المستقبل، ثم لا يجد توجيهاً أو إرشاداً لا قبل الجامعة ولا أثنائها، أو بعدها ثم لا يدري أين يسير، متسائلاً في حال ثبت التقرير المزور، هل سوف يصدر حكم قضائي شرعي أو قرار إداري؟ وأجاب "د. علي الهزاع"؛ موضحاً أنّه جُعل الاختصاص لهيئة التحقيق والادعاء العام في قضايا التزوير، حيث كانت هيئة الرقابة والتحقيق هي التي تباشر التحقيق بمثل هذه الجرائم، ثم انتقل الاختصاص حالياً لهيئة التحقيق والادعاء العام كجهة تحقيق، أما الجهة المختصة بإصدار العقوبة هو القضاء الإداري، لكن كجهة تحقيق جعلوا الاختصاص لهيئة التحقيق والادعاء العام بمعنى أنّه سحبت القضايا الجنائية من هيئة الرقابة والتحقيق. د.العجلان: التأكد من مصداقية التقارير الطبية مجهد للجهات التعليمية وعاد "د. أحمد العجلان" ليتساءل حول ما ذكره "د. علي الهزاع"؛ ماذا لو احتج الطالب أو المعلم بأنّه تمت إحالة المعاملة إلى هيئة التحقيق والادعاء العام كجهة خارجية؟"، وأجاب "د. علي الهزاع"؛ قائلاً: "تقصد من يملك سلطة تحريك الدعوى ضد من قام بالتزوير؟"، مبيّناً أنّه يفترض أنّ اللائحة تضع آلية لتحريك الدعوى والجهة المختصة عندما يمس الحق العام؛ لأنّ هذا الموضوع وتقديم محرر مزور أحدث مركزاً قانونياً للشخص، يجعل الجهة لها الحق في تحريك الدعوى في مواجهة من قام بالتزوير. وضع خاص وتداخل "عبدالكريم اليوسف"؛ مبيّناً أنّه خلال الفترات الماضية كان هناك حد كبير من التقارير الطبية وإصدارها، حيث يتم ربط التقرير بصاحب الصلاحية أولاً، حتى يكون مدير المستشفى هو من يوقع التقرير بنفسه الذي يرجع إلى الملف الأساسي للمريض، ويطلع على تاريخ الدخول والخروج، ويتأكد من مصداقية الموضوع (من الألف إلى الياء)، فهو في هذه الحالة يعتمد التقرير، وقد تم إعداد بنود أخرى عبارة عن إثبات مراجعة، وإثبات تنويم، وإثبات مرافقة، أو تقرير طبي للحالات الأخرى، موضحاً أنّ هذه الإجراءات حدت من تلك المشكلة بتنويع التقارير التي لبعضها وضع خاص. شهادة زور ودعا "خالد الحسينان" إلى ضرورة العمل على توعية المجتمع بأهمية هذه التقارير الطبية ورفع الحس الشرعي لديهم وكذلك حس المسؤولية الاجتماعية، ولو أنّ شخصا طلب من الموظف تقديم شهادة زور في المحكمة فإنه يتردد كثيراً، لكن عندما يطلب منه المساعدة في الحصول على تقرير طبي فقد يبادر من باب الفزعة ومن باب تقديم الخدمة، لكنه لا يستوعب أنه يساعد في عملية تزوير، وفي شهادة زور عندما يساعد في منح تقرير طبي غير مستحق، وبالتالي رفع الحس الشرعي والأخلاقي فيما يتعلق بالأمانة وأداء الوظيفة بالنسبة لمانح التقرير وطالب التقرير. وأشار أنّه بالنسبة للعقوبات والحدود ومسؤولية الشخص من الناحية النفسية على تصرفاته، فهناك لجنة طبية شرعية نفسية تحكم بمدى أهلية هذا المريض ومدى مسؤوليته جنائياً، موضحاً أنّ هذه اللجنة ليست موجودة في جميع المستشفيات النفسية، ولا الأطباء الممارسين للطب العام، وإنما هي موجودة في الطائف، لا تحكم بمدى مسؤولية هذا الشخص عن تصرفاته وهل يقام عليه الحد أو العقوبة أو هل يساءل جنائياً أم لا، خاصةً في ما يتعلق في حدود الجرائم الخمس التي حددها النظام فيما يتعلق بجرائم تهريب السلاح، وتزوير العملة، والقتل، ..الخ، أما بقية الأمور فهي تعتمد على التقارير الطبية ومدى ما هو موجود لدى هذا الشخص من آثار نفسية كتشخيص طبي، أما المسؤولية الجنائية فهي متروكة للطب الشرعي النفسي فقط. اليوسف: ربط التقرير بصاحب الصلاحية يحد من «تجاوزات النفعيين» مصادقة التقارير ولفت "خالد الحسينان" إلى أنّ هناك جانبا فنيا وشكليا للمصادقة على التقارير أو مدى صحتها، حيث أنّ الجانب الفني يتمثل في ثبوت مراجعة المريض للجهة المعالجة، وهل دوّن في ملفه أنّه راجع بالتاريخ المحدد؟ وهل وجد اسمه في السجل؟ وهل صرف له علاج؟ وهل فعلاً الطبيب منح الراحة للمريض؟ منوهاً بأنّه يجري أحياناً طلب تقرير طبي عن حالة شخص، وعندما نذهب إلى العيادة لا يجدون في سجل المراجعين اسم هذا الشخص في ذلك اليوم؛ مما يؤكّد على أنّ هذا التقرير غير صحيح، وبالتالي من أصدره يستحق الجزاءات المقرة في النظام. وثيقة تؤثر في أحكام القضاء والقرارات الإدارية أوضح "د.علي الهزاع" أنّ التقارير الطبية تتفاوت كمستند في المملكة، مشيراً إلى أن التقرير الطبي يتفاوت من العذر عن غياب إلى إخفاء جريمة قتل، وهذا الأمر حقيقي، ولا يجب أن نخفيه أو نهدر أهميته، ولا نستسهله كمستند بسيط. وقال إن التقرير وثيقة يعتمد عليها أمام القضاء وأمام اللجان شبه القضائية، وله مصداقية عندما يصدر من جهة مختصة وفقاً للوائح المعروفة، مبيّناً أنّ هذا المستند يتمتع بمستوى من القوة والتأثير على الأحكام والقرارات والنتائج، مضيفاً: "لو أنّ طالباً حصل على تقرير طبي غير صحيح عن غياب يوم في المدرسة، هل نعاقبه أم نعاقب من أصدر التقرير؟، وهل يُستغل هذا التقرير في نفي أي تهمة على هذا الطالب المتغيّب في حال حصل أمر ما داخل المدرسة؟"، مطالباً بإعاة تنظيم الإجازات المرضية الممنوحة للطلاب والطالبات وأيضاً المعلمين والمعلمات، وتحديداً ما له علاقة بكثرة هذه الإجازات. وأشار إلى أنّه ينبغي على الجهات المسؤولة عن إصدار هذه التقارير أن تتحفظ، ويفترض أن يكون هناك عقوبات رادعة يُبدأ بها، كعقوبات مالية ثم تتدرج العقوبة إلى عقوبات مقيدة للحرية، وأن تكون الجهات المختصة إذا ثبت لديها إصدار تقرير طبي غير صحيح أن تعمد إلى المعالجة الفورية، وأن تتفاعل مع الموضوع، وتضع له أهمية، سواءً كان على مستوى التربية والتعليم أو على مستوى الجامعات، أو جهات التحقيق، طالما أنّ هذا المستند له هذه الأهمية. صلاحيات قبول أعذار الطلاب والمعلمين! كشف "سليمان اليحيى" عن عدم اشتراط التقرير الطبي لقبول عذر غياب الطلاب في التعليم العام عن الدراسة أو الامتحانات، حيث أعطيت الصلاحية لمديري المدارس لتقدير عذر غياب الطالب، مستدركاً: "لكن مع الأسف الشديد هناك مدراء يجهلون هذا الإجراء؛ بسبب عدم استيعابعم للائحة تقويم الطالب، وبالتالي يفرضون شرط إحضار التقرير الطبي، وإن كانت مدة غياب الطالب ليوم واحد". وقال إن الإدارات العامة للتربية والتعليم عممت على جميع المدارس ومكاتب التربية والتعليم قبل أكثر من أسبوعين آلية تعامل مديري ومديرات المدارس مع التقارير الطبية؛ بهدف الحد من غياب المعلمين والمعلمات قدر الإمكان. وأضاف لقد تم تحديد صلاحية مدير أو مديرة المدرسة قبل ثلاثة أيام، أما اليوم الرابع الذي يكون موثقاً بتقرير طبي فيرفع إلى مكتب التربية والتعليم الذي يقرر قبول التقرير أو عدم قبوله، كما حددت أسبوعاً واحداً لإحضار المسبب المرضي، وإذا لم يتمكن خلال الأسبوع فلمدير أو مديرة المدرسة الحق في الحسم من راتبه، مع إرسال تلك التقارير الطبية للشؤون الصحية أو للجهات ذات العلاقة للتأكد من صحة تلك التقارير. التوعية بتجريم «التقارير المزورة» أكد «خالد الحسينان» على أنّه لا يوجد نقص في التنظيم أو آليات الضبط وتقدير الحالات أو حتى في تطبيق العقوبات والمحاسبة حال ثبوت خلل في إصدار التقارير الطبية، مبيناً أن الخلل يكمن في التصرفات الفردية التي تحسب على النظام، ولذا نحن بحاجة إلى رفع مستوى الوعي من الجانب الشرعي والأخلاقي فيما يتعلق بمنح التقارير الطبية. وأضاف أنّ هناك سلوكًا فرديًا غير منضبط ولابد من الأخذ بشقين: الأول رفع الجانب التوعوي من الناحية الشرعية ومن الناحية الأخلاقية، والثاني تفعيل الأنظمة الجزائية والعقوبات عندما يكون هناك خلل أو تزوير، موضحاً أنّه من الممكن أن تكون اللائحة الأخيرة التي صدرت بإضافة التقارير الطبية غير الصحيحة أو المزورة إلى قضايا التزوير فيما يتعلق بالمحررات الأخرى، وبالتالي هذا دليل على أن الأشخاص المستفيدين من التقارير والجهات المانحة للتقارير بحاجة إلى توعية في الجانب القانوني، وكيفية تطبيقه في الفترة المقبلة بعد صدور هذه اللائحة. المشاركون في الندوة
مشاركة :