باريس - حول البريطاني بيرني ايكليستون الفورمولا واحد الى احدى اكثر الرياضات ثراء وشعبية، بعدما أدارها لعقود بأسلوبه المتسلط، وافاد منها لجمع ثروة شخصية طائلة، الا ان هذه الانجازات لم تحل دون اقصائه من ادارة البطولة مع انتقال ملكيتها الى مجموعة اميركية. وادار ايكليستون (86 عاما)، القادم من مهنة بيع السيارات المستعملة، رياضة الفئة الاولى بيد من حديد، وتحكم بكل مفاصلها لاكثر من اربعة عقود وحولها الى امبراطورية تجارية ذات علامة فارقة. الا ان الرجل يجد نفسه حاليا على الهامش، بعدما قررت مجموعة "ليبرتي ميديا" الاميركية اقصاءه لمصلحة تشايس كاري، وتسميته رئيسا فخريا، في منصب شرفي قال عنه ايكليستون "لا اعرف ما هو". ولم تكن مسيرة ايكليستون خالية من الجدل، اذ اضطر في 2014 الى دفع مبلغ 100 مليون دولار للسلطات الالمانية كتسوية بعد محاكمته بتهم الفساد والرشوة، في قضية دفع 44 مليون دولار لمسؤول سابق في المصرف البافاري "بايرن ال بي" في 2006 و2007. وكان المبلغ متعلقا بشراء حقوق بطولة العالم لسباقات فورمولا واحد. وجنبته التسوية احتمال الحكم عليه بالسجن لمدة قد تبلغ 10 اعوام. وعلى رغم هذه التهم بالفساد، بقي كثيرون في عالم الفورمولا واحد، أوفياء لمساهمة ايكليستون في رفع مصاف هذه الرياضة. وقال مدير فريق "ريد بول" كريستيان هورنر في ذاك الوقت "الفورمولا واحد هي ما هي عليه بفضل بيرني ايكليستون، للطريقة التي بنى فيها هذه الرياضة خلال الاعوام الـ 35 الماضية". واضاف "اعتقد اننا من دونه، سنكون في مواجهة مشاكل كبيرة". - ثروة تناهز ثلاث مليارات دولار - لقب ايكليستون "نابوليون" نظرا لقصر قامته (1.59 مترا) وأسلوب ادارته. وتقدر مجلة "فوربس" ثروته بزهاء 2.9 مليار دولار اميركي. وبعيدا من اسلوب في ادارة الفورمولا واحد، اثار الملياردير جدلا في 2009، عندما ادلى بتصريحات قال فيها انه يفضل "القادة الاقوياء"، واعتبر ان الزعيم النازي أدولف هتلر "كان قادرا على انجاز الأمور"، وان الديموقراطية لم تكن الصيغة السياسية الملائمة لبريطانيا. وفي نهاية عام 1997، كان ايكليستون مدار جدل في قضية خلافية أخرى، تتعلق بتبرع قيمته 1.5 مليون جنيه استرليني لصالح حزب العمال بزعامة رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير. واجازت حكومة بلير في وقت لاحق، استمرار عرض اعلانات التبغ في المنافسات الرياضية، علما ان شركات التبغ بقيت حتى اعوام قليلة مضت، أبرز المعلنين في الفورمولا واحد. ويحمل ايكليستون اجازة في الكيمياء، وعرف بشعره الذي غزاه الشيب ونظارتيه الداكنتين. بدأ مسيرته كبائع سيارات ودراجات نارية مستعملة، وشارك في سباقات السيارات لفترة وجيزة، قبل ان تتوقف مسيرته القصيرة بعد تعرضه لحوادث عدة. وانتقل ايكليستون بعد ذلك الى الجانب الاداري، وعمل كوكيل لاعمال سائق الفورمولا واحد البريطاني الواعد ستيوارت لويس-ايفانز الذي توفي في حادث عام 1958. وبعد عقد من الزمن، تولى ادارة اعمال السائق النمساوي يوخن ريندت الذي توفي ايضا في حادث في 1970. ابتاع عام 1971 فريق برابهام، وبات عضوا في رابطة الصانعين في الفورمولا واحد، وهو الفريق الذي كان يمثل الفرق المتسابقة في مواجهة الهيئة الرسمية التي باتت لاحقا الاتحاد الدولي للسيارات. ومنذ ذلك الحين، بدأ نفوذ ايكليستون بالتنامي تدريجا مع توليه مسؤوليات التفاوض على حقوق النقل التلفزيوني للفورمولا واحد، والتي كانت في ذلك الحين تبرم على اساس كل سباق بمفرده. كان ايكليستون من الاوائل الذين ادركوا اهمية الرعاية الاعلانية في الفورمولا واحد، واصبح المدير الحصري لحقوق السباقات، وتولى التفاوض مع حلبات السباق والمعلنين وقنوات التلفزيون. وقال هورنر ان "العقود التي فاوض عليها (ايكليستون)، الحلبات والبلدان التي استضافت سباقات الفورمولا واحد... كانت لافتة". ولم تكن حياته الشخصية اقل ضجيجا من مسيرته المهنية. فهو اضطر لدفع تعويض بقيمة مليار يورو للطلاق من زوجته سلافيكا، والدة ابنتيه تمارا وبترا. وفي 2012، تزوج للمرة الثالثة وهذه المرة من البرازيلية فابيانا فلوسي التي تصغره بـ 46 عاما، والتي كان قد التقى بها للمرة الاولى في سباق الجائزة الكبرى في بلادها. كما تطرقت وسائل الاعلام الى اخباره العائلية العام الماضي، بعدما تعرضت حماته البالغة من العمر 67 عاما، للخطف، وطالب الخاطفون بفدية تبلغ 36.5 مليون دولار. وافضت تحقيقات الشرطة البرازيلية الى توقيف احد الضالعين في عملية الخطف، ليتبين انه سائق طائرة مروحية يعمل لصالح عائلة الثري البريطاني.
مشاركة :