قبل أن يجف حبر «بيان أستانة»، ترى الدوائر السياسية ومراكز الدراسات الإستراتيجية، في واشنطن ولندن وباريس، أن المفاوضات كشفت عن 4 نقاط هامة، لها تأثير على مسار جل الأزمة السورية، أولها: أن محادثات أستانة، ومع غياب دور الولايات المتحدة الأمريكية، رسمت مرجعية سياسية جديدة لدى إطلاق مفاوضات السلام في جنيف في 8 الشهر المقبل. يضاف إلى ذلك تسليم موسكو أطرافاً سورية نسخة عن «دستور جديد» يتضمن تعديلات لصلاحيات الرئيس بشار الأسد ورئيس الحكومة والمجالس المحلية، ثم إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، بينما صاغت روسيا مسودة دستور لسورية وسلمتها للمعارضة، ورابعا: تبادلت موسكو وجهات النظر، أمس الأول، مع وفد المجتمع الأهلي السوري بشأن الوضع في سورية، وعقد المصالحة الوطنية. وذكرت التقارير، أن روسيا نجحت في احتواء المعارضة السورية، بعد أن باعدت المسافة بين المعارضة المعتدلة السلمية والمعارضة المسلحة، لصالح النظام السوري، ورغم نفي محمد علوش، القيادي في جيش الإسلام، ما تردد عن نجاح النظام في استمالة فصائل عسكرية وإقناعها بالانضمام إليه مقابل منحها إدارات محلية وصلاحيات موسعة في المناطق التي تسيطر عليها. الملاحظ، تغيير ملموس وغير متوقع، في موقف المعارضة المسلحة من روسيا، التي تدعم النظام السوري عسكري وشنت ضربات مكثفة على مواقع المسلحين من المعارضة والتنظيمات الإرهابية، وأعلن رئيس وفد المعارضة محمد علوش، من «جيش الإسلام» أن روسيا انتقلت من طرف داعم للحكومة السورية إلى طرف ضامن يحاول تذليل العقبات. ووجهت الخارجية الروسية دعوات إلى 15 من قادة القوى السياسية و«منصات» المعارضة لحضور اجتماع في موسكو يعقد في 27 الشهر الجاري، واللافت أن الدعوات ساوت بين قادة «الهيئة التفاوضية العليا» رياض حجاب و«الائتلاف» أنس العبدة و«هيئة التنسيق الوطنية» حسن عبدالعظيم و جبهة التحرير والتغيير قدري جميل و«مجموعة حميميم» ليان أسعد، وممثل الاتحاد الديموقراطي الكردي خالد عيسى الذي تعارض أنقرة حضوره السياسي. وهدف موسكو من اجتماع الجمعة 27 يناير/ كانون الثاني هو إطلاع السياسيين على نتائج أستانة، وتشكيل وفد موحد منهم ومن الفصائل المشاركة في عاصمة كازاخستان، للتفاوض مع وفد الحكومة السورية في جنيف بموجب مرجعية «بيان أستانة» التي عكست ميزان القوى العسكرية في سوريا بعد أكثر من سنة على التدخل العسكري الروسي المباشر. وتؤكد الدوائر السياسية في الغرب، أن فصائل المعارضة المسلحة السورية، باتت على قناعة بأولوية المواجهة السياسية، إذ تسعى إلى الانتقال لمرحلة المواجهة السياسية مع النظام السوري، بهدف الحصول على مكاسب سياسية من خلال المفاوضات. وكان واضحا أن «بيان أستانة» تجنب أي أشارة إلى «بيان جنيف» الصادر عام 2012 والذي نص على تشكيل «هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة بين الحكومة والمعارضة، على أساس القبول المتبادل». كما نجح الجانبان الروسي والإيراني في حذف عبارة «العملية الانتقالية» التي اقترحها الوفد التركي في مسوّدة بيان آستانة، بحيث بات الحديث الآن يشمل «عملية سياسية» لتنفيذ كامل للقرار 2254 الذي صدر نهاية 2015 وصاغه وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، كمرجعيةً لمفاوضات جنيف الرامية إلى «تنفيذ كامل» له، بما يتضمن تشكيل «حكم تمثيلي» لصوغ دستور وإجراء انتخابات، وعلى الرغم من الخلافات المتصاعدة حول جدوى المؤتمر وتأثيراته المحتملة على الجهود المبذولة للوصول إلى تسوية سياسية للأزمة السورية، إلا أن ذلك لا ينفي أن المؤتمر قد يُمثل خطوة مهمة في سبيل الانتقال من المواجهات العسكرية إلى المفاوضات السياسية بين مختلف الأطراف الفاعلة في سورية، باستثناء تنظيم داعش، وجبهة فتح الشام. شارك هذا الموضوع: اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)
مشاركة :