يتردد هذه الأيام مصطلح الانفتاح في الأوساط الشبابية المولعة بكل جديد، وعصري من المصطلحات، والسلوكيات، والمقتنيات . فتارة يكون صفة لذات، أو لشخص ما؛ فيصف مثلا نفسه بالمنفتح، أو تصف هي صاحبتها بالمنفتحة. وتارة يكون تساؤل يوجهه أحد المتحدثين للآخر إذا اختلف معه في أفكاره أو لم يتفق معه في أفعاله، أو يمكن أن يكون مجرد ادعاء القصد منه المباهاة دون العلم بحقيقته وتفصيله. الشخص الواعي الممتلك لقدر من العلم والمعرفة لا يتبنى أي مصطلح فكري أو رؤية فلسفية دون أن يضعها تحت مجهر البحث والتنقيب فيبحث عن أصل المصطلح واطلاقاته والبيئة التي نشأ فيها ومآلات استخدامه . وعند البحث عن استعمالات مصطلح الانفتاح عند الفئة الشابة نجد أنه يراد به الانفتاح الفكري والثقافي على الحضارات الأخرى، والانبهار بما وصلت إليه من رقي وتقدم، ومحاولة تقليدها دون تمييز بين عوالمها الثلاثة عالم الأفكار، وعالم الأشخاص، وعالم الأشياء. واعتبار تشريعات الدين الإسلامي وأحكامه جمود فكري، وانغلاق معرفي، ورجعية حضارية، تحارب الجديد، ولا تكترث بالتجديد. وتنوعت صور الأفكار، والسلوكيات التي تُمارس في فضاء الانفتاح على الثقافات الأخرى فمن صورها: فصل الدين عن الحياة، والتعاملات الربوية، ونزع الحجاب، والمناداة بالاختلاط، وبناء دور السينما، وتهنئة الكفار في أعيادهم، ومشاركتهم في الاحتفال بها، وغيرها من السلوكيات التي تدعو للانفلات وليس الانفتاح ولكن بعبارات ألطف وأكثر تنميقا. الانفتاح في ظل الشريعة الإسلامية يتخذ معنى آخر وممارسة مغايرة فالدين الإسلامي دين منفتح على الحياة، منفتح على العلم، منفتح على الثقافات الأخرى ولكن انفتاحه يتميز بالحفاظ على الهوية والأصالة والتقييد بالضوابط الشرعية، ومنها على سبيل الإجمال: أولا: الدين الإسلامي يأخذ من الثقافات الأخرى مالا يتعارض مع تشريعاته وأحكامه ولا يتعارض مع فلسفته حول الإنسان، والكون، والحياة. ثانيا: الدين الإسلامي يأخذ ما يستفيد منه البشر من منجزات حضارية، وإبداعات إنسانية تُيسر حياتهم، وتهيئ معاشهم، وتعينهم على القيام بواجب الاستخلاف في الأرض. ثالثا: الدين الإسلامي يحافظ على استقلاله واعتزازه فلا ينبهر بالثقافات الأخرى ولا يذوب فيها مائعاً منهزماً . ومن ذلك تتجلى عظمة الدين الإسلامي في الحفاظ على أصالته وصفاء مشاربه فينهل من المصادر الربانية القرآن الكريم، والسنة النبوية – وينفتح على مالا يتعارض معها من التجارب البشرية، والمنجزات الإنسانية الصحيحة؛ التي لم يخالطها فكر فاسد، ولم يلوثها فعل كاسد. كتبته : ريم بنت محمد الغويري .
مشاركة :