هل يدعم ملك الأردن تسوية تاريخية في العراق؟ عمار الحكيم قدَّم رؤية لجمع السُّنة والشيعة

  • 1/26/2017
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

تَعِد خطة المصالحة السياسية، التي يقودها زعيم المجلس الأعلى الإسلامي بالعراق عمّار الحكيم، بشفاء جراح العراق وتوحيد فصائلة المتناحرة. استندت المبادرة، الملقّبة بـ"التسوية التاريخية"، إلى القضايا التي يمكن للفصائل السياسية السنّية والشيعية الاتفاق بشأنها بعد تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وفق موقع . يمثّل المجلس الأعلى الإسلامي أكبر ائتلاف سياسي شيعي بالعراق، وتشمل أجندة الحكيم المقترحة قضايا تتراوح بين الشؤون المحلية، والأمن الإقليمي، والإرهاب، والترتيبات السياسية. ومن المقرر أن تُطبّق شروط التسوية، إذا تمّ الاتفاق عليها من قبل ملك الأردن وبعثة الأمم المتحدة في العراق (UNAMI) وآخرين. وعلى خلفية المعارك المستمرة، مدح الحكيم مستوى النضج السياسي الذي بلغته العلاقات الشيعية-السنّية، ودعا جميع الأطراف لنبذ "أوهامهم ومخاوفهم". ومع ذلك، لا يتّفق الجميع مع قناعة الحكيم، ومن بين هؤلاء بعض أعضاء الائتلاف الذي يرأسه؛ إذ لا يقتنع البعض بأن التسوية قد تفتح مجالاً لإرساء العدل في العراق، ويشكّك فيها آخرون ويرونها لعبةً جديدة على النفوذ السياسي في عصر ما بعد داعش. التفاوض في الظل أدّى الغموض المحيط ببعض بنود التسوية بخصوص الحكم الطائفي، وتقاسم السلطة، وإعادة توزيع الثروات، والإرهاب، والفساد، إلى رفضٍ عنيفٍ لها من جانب بعض الجهات. وقال أحمد محمود، المحلل بهيئة العلاقات الدولية في العراق (FRB-I)، وهو فصيل معارض مرتكز في لندن، إنّ "التسوية التاريخية" ليست إلا "اسماً جذاباً بلا مضمون. وتقدّم طريقاً للهرب بدلاً من بداية مصالحة حقيقية". ويقول محمود إن التعهد القائم بعودة ممثلي العرب السُنَّة في العراق إلى المجال السياسي "لا يتعدّى كونه أسطورة". وكان جزءاً من الشروط المبدئية للتسوية، أن يُستبعَد ممثلو تنظيم داعش وحزب البعث من طاولة المفاوضات. لكن الحكومة الأردنية أبطلت هذا الشرط، بحسب تقرير موقع "Al-Monitor". وفي مقالٍ نُشر هذا الشهر، زعم الموقع أن تضمين شخصيات سياسية تابعة لحزب البعث كان شرطاً مسبقاً وضعه الملك عبد الله. ولم يؤكد الحزب صحة هذه المزاعم. وأنكر ممثل حزب البعث، صلاح المختار، المزاعم القائلة بأنّ حزب البعث دُعي للمشاركة في المفاوضات بقوله: "قيل هذا على الأرجح؛ للترويج للمبادرة فحسب". وفي المراحل الأولى من المحادثات، التقى الحكيم، بالإضافة إلى ممثلي الائتلافين الأكبر للسنّة في العراق، الملك عبد الله، في لقاءاتٍ مستقلة. وكان من بين السياسيين السنّة المدعوّين، أسامة النجيفي من ائتلاف متحدون، وصالح المطلك من ائتلاف العربية، وكلاهما جزءٌ من المؤسسة السياسية الحالية. وقال المحارب القديم والمفكّر والسياسي الشيعي حسن العلوي، إنَّ زيارة الحكيم للأردن لم تكن بهدف التحدث عن التسوية: "ذهب الحكيم؛ لتجديد مفاوضات العلاقات الثناية بين البلدين، أولاً فيما يخص التمثيل السنّي، وثانياً بشأن صفقات النفط الخام والغاز الطبيعي بينهما". وأضاف العلوي: "إذاً، لن يكون شيئاً خاطئاً أن ننظر لهذه المحاولة لتسوية الخلافات السياسية باعتبارها مهزلة". وأبدت الفصائل المستبعدة من المؤسسة السياسية الحالية آراءً مشابهة تجاه أحدث محاولات الدولة العراقية للمصالحة. وقال الشيخ مثنى الضاري، الأمين العام لهيئة العلماء المسلمين (AMSI) السنّية: "لقد راقبنا التطورات. وكما توقعنا، فإنّها لم تثمر شيئاً". وأضاف الضاري أن خطة التسوية بأكملها تفتقر إلى موافقة الأحزاب التي تشكّل الائتلاف الحاكم ذا الأغلبية الشيعية: "يمثّل الادعاء ذاته، أن الائتلاف دشّن (التسوية التاريخية) حقيقة مضللة. دبّر فرع الحكيم وحده هذه الخطى وسعى لتنفيذها، في ضوء غياب موافقة الفروع الأخرى". لم يعُد مرحَّباً به تساءل الضاري أيضاً ما إن كان الحكيم ذاته قادراً على قيادة الحوار والمصالحة، واتهمه بكونه أحد المنتفعين من الفساد بعد حرب عام 2003. ومن ناحيةٍ أخرى، رددت عدة أصوات من مختلف أطياف المشهد السياسي آراءً مشابهة لهيئة علماء المسلمين. وفي مقابلة تليفزيونية عبر قناة "المدى" الفضائية، سخر الكاتب والمفكّر الشيعي المشهور غالب شاهبندر من الحكيم وما وصفها بـ"أحدث خدعة". وقال عن ذلك: "مع اقتراب الانتخابات، يعلم الحكيم أن الشارع العراقي لم يعد يمتثل لأمره. لم يعد بإمكانه الاختباء وراء شعار الظلم؛ لأنه هو أيضاً ظالم، أو وراء وعود بتقديم خدمات فشل مراراً في الوفاء بها. فجاء بهذه المبادرة لتكون شعاره الجديد". ووصف شاهبندر، الحكيم ومعاونه المقرّب همام حمودي بالرموز البرجوازية، وبأنّهما أبعد ما يكون عن "مرشّحيْن مناسبيْن لبداية حوار المصالحة". وانتقد محمود، المحلل المقيم بلندن، أيضاً توقيت الخطة، قائلاً "ألا يصب ذلك في صالحه، أن يتفوه بهذه الوعود قبل بضعة أشهر من توجّه الناخبين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المحلية؟". عراق ما بعد داعش سيبدأ تنفيذ المخطط النهائي للتسوية فور الانتهاء منه، بعد الهزيمة الكاملة لتنظيم داعش. وقال الضاري: "وهنا، تكمن المشكلة. من يمكنه ضمان انتشار السلام في المناطق المُحررة؟ والأدهى من ذلك، كيف يمكن الوثوق بكلمات سياسيين قبِلوا باتباع نظام لتوزيع السلطة فُرِض تحت الاحتلال، ودمروا أية فرصة للسلام؟". ويرى محمود أن التسوية ستمهد الطريق لإعادة إحياء ميليشيات الصحوة، وهي حركة سُنية هزمت تنظيم القاعدة في العراق، وأصبحت حجر أساس للاستراتيجية الأميركية لمكافحة التمرد خلال حرب العراق. ومنذ وقتها، يشير صنّاع القرار السياسي إلى هذا الاتفاق باعتباره أعظم صفقة عسكرية عقدتها الولايات المتحدة في تاريخها، لكن نفوذ الصحوة تراجع بشكلٍ ملحوظ تحت حكم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي. وقال محمود إنَّ "مشاركة رجال الأعمال السُنّة الأثرياء من ذوي المؤهلات السياسية الضعيفة في مخطط الحكيم" أثار مخاوف من أنّ تسوية الحكيم التاريخية قد تفضي إلى تسليم أقاليم مُحررة مثل الموصل إلى جماعة الصحوة، مضيفاً أن الجماعة الآن "تفتقر إلى الشعبية والقدرة العسكرية". أحد رجال الأعمال المذكورين هنا هو خميس خنجر، وهو مليونير عراقي سنّي. ويتساءل المحللون ما إن كانت الشخصيات السنّية التي يجلبها الحكيم إلى طاولة المفاوضات ستكون من نخبة الطبقة الحاكمة، أو مثل ملايين السنّة المحرومين والمقيمين بمخيماتٍ مؤقتة، والذين يمثلون جزءاُ ضرورياً من ضمان أي استقرار عراقي ما بعد سقوط تنظيم داعش. ولا تشكك أصوات المعارضة في الشروط المطروحة للتسوية فقط؛ بل تمتد الشكوك إلى دوافع القائمين على الخطة ونيّتهم في تولّي إصلاح سياسي حقيقي. واعترض العلوي، السياسي العراقي والمحارب القديم، قائلاً: "لن تحدث تسوية دون إعادة بناء الثقة وآليات التراضي بين الأطراف". تأتي تغطية التسوية التي يقودها الحكيم أيضاً في سياق الخوف المتزايد من القوات المدعومة من قِبل الحكومة، والمعروفة باسم "الحشد الشعبي"، ومزاعم ارتكابها جرائم حرب. وأدانت مجموعات؛ مثل هيئة العلماء المسلمين (AMSI)، ومنظمة العفو الدولية، ومنظمة "هيومان رايتس ووتش"، ما وصفته مراراً بـ"إرهاب الدولة"، ودعت لمحاسبة المسؤولين عنه. وقال محمود: "في ظل الشكوك المحيطة، ستكون المناورات السياسية التي يديرها الحكيم وآخرون هي الشيء الأخير الذي يمكنه إنقاذ العراق من الاضطرابات الاقتصادية، وخلل مؤسسات الدولة، والفساد، والإرهاب، والتدخّل الأجنبي. وهذه ليست سوى شريحة صغيرة من المشاكل التي يواجهها العراق". - هذا الموضوع مترجم عن موقع Middle East Eye البريطاني. للاطّلاع على المادة الأصلية، اضغط .

مشاركة :