«إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا»

  • 1/27/2017
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

الأمر خرج عن حدود المعقول وبات يثير الفزع!!! لقد هلكنا بالتمظهر الزائف!!! ما الذي ترمي إليه من تصويرك مشهد العامل الكالح وهو يشكرك على الوجبة الطعام التي قدمتها إليه!! أو التقاطك صورة بجوار الثلاجة التي جلبتها للأسرة الفقيرة ونشرها عبر كل وسائل التواصل الاجتماعي!! أو أن تطلب من زملائك تصويرك خلال تقديمك العصائر والحليب للطلاب أثناء تأديتهم اختبارات نهاية الفصل الدراسي، على نحو مبالغ فيه، ويخالف قوانين الاختبار التي تمنع وجود المشروبات على طاولة الاختبار للحذر من إمكانية إتلاف ورقة الإجابة، فضلاً عن أن المعضلة في توتر الطلاب خلال تلك الفترة ليست، غالباً، من الجوع أو العطش، بل من نظام الاختبارات في أيام متتالية مرهقة، ومن صعوبة المقرر وكثافة المحتوى!! يقول ابن تيمية: «من طلب من الفقراء الدعاء أو الثناء خرج من هذه الآية» الآية التي جعل الله ثواب الصدقة فيها مقروناً بابتغاء وجهه وحده «إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً. فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسروراً. وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً».. فما بالنا بمن يصور معروفه من أفضل الزوايا الإنسانية وينشرها عبر الآفاق!! ما بالنا بمن يتحرى رد المعروف الذي قدمه للآخرين، إلى الحد الذي يعيرهم به أمامهم وأمام الآخرين!! فرق هائل بين أن تتحرى ثواب معروفك من خالق البشر لا من البشر!! لقد غدا المبرر الشائع الذي يقول إن الغرض من رواج تلك المشاهد عن قصد هو بث روح الحماس لصنع المعروف بين الناس غير مستساغ على الإطلاق، ولا سيما في مجتمع تغمره الخطابات الدينية التي تعزز عمل الخير، وتشيد بفضل الصدقات كل حين... إن مسألة التعامل مع المعروف والخير وفق قوانين «الدَين» المعلّق، الذي لا بد أن يُسدَّد أمر يفسد تلك الهبات الربانية من راحة وطمأنينة وفرح؛ نابعة من الشعور الذي يقول إن السعادة الحقيقية هي أن تعطي لأجل قيمة العطاء لا من أجل أن تتحرى المقابل.. ولذلك يحس الناس الذين ينخرطون في أعمال إنسانية بعد تقاعدهم من وظائفهم براحة وجدوى وطمأنينة تفوق كل ما بذلوه في سنوات الخدمة في الوظائف التي كانوا يؤدونها تحت ضغط الحاجة إلى الراتب آخر الشهر...

مشاركة :