عندما نفتح جوالاتنا تنهمر علينا مئات الرسائل والمقاطع الواتسابية، ولما نتصفح حساباتنا التويترية والفيسبوكية... نقرأ آلاف الرسائل ما بين تغريدة، ومنشور مؤثر، ومقطع فيديو كلها تدعوك للفضيلة. يرسل صاحبنا رسائل نصائحية، فيها دعوة للصلاة، وبيان عقوبة تاركها، وفضائل الصلوات كالفجر والجماعة.. لكن المرسل لا يأتيها، أو يتأخر عن الصلاة! يبث زميلي رسائل تفاؤلية مع إشراقة الصباح.. لكن عندما ألتقي به وجهاً لوجه أجده عابس الوجه، تعلوه لغة التشاؤم من أساسه لرأسه! ينتقي عشرات النصائح ودرر الأقوال التي تحض على التسامح والاحترام، وتدعو لحسن التعامل.. لكنها تظل تتناقل في تلك الحسابات لا نجد أثرها في الشارع ولا في المجالس.. عبارات الشتم والغيبة، والمشادات الكلامية موجودة في المجالس والأسواق والملاعب! حتى رئيسك يرسل لك في قروب العمل مقاطع عن التسامح، وتقدير الظروف، والرفق واللطف.. للأسف تصيبك الخيبة وأنت ترى ذلك الرئيس يضيق ذرعاً بنقد، أو يتجاهل رأياً آخر، أو يرفض الحوار، ويعمل من الحبة قبة! تويتر وفيس بوك وانستقرام وبقية الشلة كل واحد منها يُخيل إليك أنه كالمدينة الفاضلة، تجد الرفق والاحترام فيها ويحفها التآلف والتناصح، ويعلوها الحب والتسامح، وفيها من الفضائل ما يعجز الزائر عن عده.. لكن في الواقع تجدها مدناً ليست فاضلة، فما يدعو له الناس في مواقع التواصل لا يطبقونه في واقعهم وتعاملهم مع الخلق والخالق.. باختصار نحن في الإعلام الجديد نقول ولا نفعل، ننادي بأشياء لا نتمثلها في الواقع. قرأت مرة تغريدة لطيفة ومؤثرة في ذات الوقت..واحد يقول: تابعت والدي في تويتر دون أن يعلم، وناقشته على تويتر في مسألة، وقال لي: أحترم وجهة نظرك.. وفي البيت ناقشته في نفس المسألة فقال لي: ضف وجهك ووخر عني!!! المفترض في أدوات التواصل الاجتماعي وحساباتها أن تكون دافعاً لرقينا وتطورنا، وأن تكون مصدراً لاكتساب العلم والثقافة.. وأخشى ما أخشاه أن تكون شاهد عيان على تناقضاتنا الفاخرة، ووسائل قول وعلم بلا عمل وتطبيق، فتلك أزمة عصرية وحضارية تضاف إلى بقية قضايانا! وأختم بهذه التغريدة المؤثرة: كلنا حكماء ووعاظ وفلاسفة.. لو عملنا بما نقص وننسخ؛ لصافحتنا الملائكة في الطرقات! وقفة.. «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُون»..
مشاركة :