استكمالاً لتقريرنا في الأسبوع الماضي عن كرة القدم كصناعة، نتحدث اليوم عن الكرة السعودية لمعرفة * هل وصلت لمرحلة الصناعة أم لا؟ - ولقياس هذا الشيء طبقنا، على الدوري السعودي، المعايير الأربعة التي تقاس من خلالها صناعة كرة القدم، ووجدنا الآتي: بالنسبة للمعيار الأول وهو الحضور الجماهيري في دوري المحترفين، فحسب إحصائيات رابطة دوري المحترفين فإن معدل الحضور الجماهيري بلغ في الموسم الماضي ٦٩٠٩ مشجع لكل مباراة بنسبة ٢٣٪ وهو معدل قليل جداً لحضور مباريات اللعبة الشعبية الأولى والمتنفس الترفيهي الأكبر للسعوديين، والنسبة المذكورة أقل بكثير من أن تصل معها رياضتنا لمرحلة الصناعة، رغم الجهود الملموسة لرابطة دوري المحترفين في رفع معدل الحضور الجماهيري. وتوقعنا بأن تشهد الحملات الانتخابية لرئاسة اتحاد كرة القدم وعودا والتزام المرشحين بالعمل على رفع معدل الحضور الجماهيري في المباريات بنسبة معينة حتى ولو كانت ٥٪ سنوياً لنصل بعد أربعة أعوام إلى ٤٣٪ وهي نسبة جيدة وطموحة، ولكن للأسف لم يحدث شيء من هذا القبيل. فيما يخص معيار التغطية الإعلامية فكما نعلم جميعاً بأن الدوري السعودي يشهد زخما إعلاميا كبيرا وصل لأكثر من ٢٠ برنامجا مباشرا تعرض بشكل يومي وأسبوعي عبر حوالي ١٥ قناة تلفزيونية وإذاعية سعودية وخليجية، خلاف ما يعرض في قنوات التواصل الاجتماعي من برامج ومقاطع ومتابعات لحظية. يضاف لذلك أن الدوري السعودي ينقل بشكل حصري على قنوات ام بي سي برو الرياضية مقابل٢٦٠ مليون ريال سنوياً ولمدة عشرة أعوام. وهنا نستطيع القول: إن التغطية الإعلامية للدوري السعودي جيدة من حيث المتابعة والصخب والانتشار خليجياً، ولكنها كمنتج لم تصل لمرحلة الاحترافية والصناعة إذ ينقصها الإبداع التقني والفني، فإخراج المباريات لم يرتق لذائقة كثير من المشاهدين الذين يتذمرون من مزاجية بعض المخرجين ويفسدون متعة المباريات بتفويت كثير من جمالياتها، ناهيك عن عدم وجود معيار واضح وتوقيت مناسب لإعادة اللقطات كما أن هناك لمسات إبداعية لو عملت بشكل جيد واحترافي فإنها ستضيف للمنتج بعض الجماليات، لكن الشركة المنتجة للدوري تفتقر للخبرة والإمكانيات البشرية والفنية التي نتمنى تطويرها في المستقبل القريب. كما نتمنى من القنوات الناقلة أن تصمم ملخصات مميزة للدوري السعودي ليتم بيعها وبيع بعض المباريات للقنوات الأخرى في دول الخليج والدول العربية لتساعد على انتشار الدوري السعودي بشكل أكبر. العامل الثالث الذي ممكن أن نقيس من خلاله صناعة كرة القدم في المملكة هي الوظائف التي يوفرها الدوري السعودي، والرقم للأسف قليل جداً وبعيد كل البعد عن الصناعة إذ أن الوظائف التي تم خلقها لاتزيد عن ٣٠٠ وظيفة منها ١١٧ وظيفة مباشرة وبدوام جزئي إذا ما استثنينا ٢٦ موظفا يعملون بنظام الدوام الكامل في رابطة دوري المحترفين، بينما يبلغ عدد الوظائف غير المباشرة حوالي ١٨٠ وظيفة تقريباً. ولو قارنا العدد ٣٠٠ بالوظائف التي تخلقها الدوريات الأوربية والتي تتجاوز ١٠٠ ألف وظيفة لكل دوري لأدركنا الفرق بين الهواية والصناعة. نختم بالعنصر الرابع في قياس صناعة كرة القدم وهو انتشار الدوري ومنتجاته دولياً، والدوري السعودي كان ولايزال وسيظل ذو صبغة محلية، مالم يوضع له أهداف واضحة وخطة عمل ممنهجة تقود لانتشار الدوري بشكل مدروس وواقعي، بدلاً من القرارات الارتجالية غير المدروسة كلعب السوبر في لندن دون أهداف واضحة ولا نتائج مرضية. في وقت كان من المفترض الترويج لدورينا ومنتجات أنديتنا في المحيط الخليجي والعربي لاستقطاب مشجعين جدد والتواصل مع المشجعين الحاليين من خلال تدوير السوبر السعودي خليجياً لمساعدة الأندية في بيع منتجاتها وإيجاد أسواق جديدة غير السوق السعودي، عندها نكون شكلنا بوادر صناعة كرة قدم سعودية على المستوى الإقليمي لتكون منطلقا للسوق العالمي في المستقبل البعيد.
مشاركة :