أثار الظهور القوي لنادي أتلتيكو مدريد كقوة ثالثة في كرة القدم الإسبانية، اهتمام المتابعين من حول العالم، بعد نجاحاته اللافتة في منافسة كبار في أوروبا، لكن ذلك الظهور يعتمد على أساس مادي هش، ما يعني أن السقوط قد يأتي فجأة إن فشل في مواصلة مسيرة انتصاراته. وينسب للمدرب الملهم دييجو سيميوني، الفضل في نجاح أتلتيكو، فمنذ تعيينه في 2011، صنع تشكيلة لا تضم الكثير من الأسماء البارزة، لكنه وضعها في قالب قادر على تحدي أغنى أندية القارة، ومنها ريال مدريد وبرشلونة. ومرة أخرى، اعتلى ريال وبرشلونة الصدارة في قائمة أغنى أندية العالم من حيث الإيرادات، بعدما تجاوز دخل كل منهما 500 مليون يورو (687 مليون دولار)، بينما شق أتلتيكو طريقه بصعوبة ضمن أغنى 20 نادياً بإيرادات بلغت 120 مليوناً. وعلى رغم الفارق المالي الهائل، فإن أتلتيكو يتفوق في صدارة الترتيب بدوري الدرجة الأولى الإسباني بفارق نقطة واحدة على برشلونة، وثلاث نقاط على ريال قبل ست جولات من النهاية، ويبدو مرشحاً لنيل لقبه الأول في المسابقة منذ 1996 بتشكيلة بناها سيميوني حول خط الوسط. وفي الوقت نفسه، يسير الفريق بنجاح في دوري أبطال أوروبا، إذ بلغ دور الثمانية ويستعد لاستضافة برشلونة في مباراة الإياب بعدما تعادلا 1-1 ذهاباً في عاصمة كاتالونيا الأسبوع الماضي. وبعيداً عن الطفرة الحالية تصنع النظرة المتأملة للوضع الحالي مشهداً قاتماً، وتظهر أرقام جمعها الأستاذ بجامعة برشلونة والخبير في ماليات كرة القدم خوسيه ماريا جاي عن موسم 2011-2012 أن أتلتيكو غارق في ديون تتجاوز نصف بليون يورو، بينما تبتلع أجور اللاعبين والمدربين أكثر من 90 في المئة من إيراداته السنوية. ويحقق النادي توازناً في موازنته بفضل انتصاراته في أرض الملعب وبعدما أقنع الحكومة بالسماح له بتأخير سداد ضرائب تتجاوز 100 مليون يورو وفقاً لتقديرات خوامي لوبيس الأستاذ بكلية آي.ئي.إس.ئي للأعمال في برشلونة. ويعتقد لوبيس أنه بفضل بيع لاعبين بارزين من عينة فرناندو توريس وديفيد دي خيا وسيرجيو إدويرو لفرق ثرية في الدوري الإنكليزي الممتاز وبفضل شراكة مع هيئة السياحة في أذربيجان يقدر دخلها بنحو 12 مليون يورو على مدار 18 شهراً وصفقة أخرى مع شركة نايكي للملابس الرياضية لا يزال النادي قادراً على الصمود. وقال لرويترز: «الموقف المالي لأتلتيكو مدريد كارثي، لكن وبسبب النتائج الممتازة للفريق هذا العام فإن أحداً لا يتحدث عن المشكلات المالية». وأضاف: «لن يستطيع النادي تحسين وضعه المالي إلا بالوجود المتواصل في دوري أبطال أوروبا والاحتفاظ بعقد رعاية مع أذربيجان وجذب رعاة جدد وبيع أفضل اللاعبين، على الفريق أن يفوز بلقب دوري الأبطال أو باللقب المحلي ليبقي الرعاة سعداء أو لن ينجح النادي في تعزيز موقفه المالي». وقال بلاسيدو رودريجيز أستاذ الاقتصاد بجامعة أوفيديو، إن الانتقال من الإستاد الحالي القديم فيسنتي كالديرون إلى إستاد حديث يسع 70 ألف متفرج سيساعد النادي أيضاً في تحسين وضعه. وهناك كذلك خطط لإنشاء مجمع تدريب هائل جديد يضم مكاتب وإستاداً يسع 15 ألف متفرج لتلعب عليه فرق النادي الأخرى. وسيضم المجمع أيضاً محال تجارية ومنشآت للجمهور. وأضاف رودريجيز: «لو تم هذان المشروعان ولم يقدم النادي على أي قرارات مالية جنونية في الوقت الحالي مثلما يحدث عادة حين تتراجع النتائج، فسيشهد الموقف المالي لأتلتيكو مدريد تحسناً». وضمن أتلتيكو بالفعل التأهل لدوري أبطال أوروبا الموسم المقبل، وينتظر أن يحقق تقدماً في تصنيف الأندية من حيث الموقف المالي.
مشاركة :