هناك زيادة سريعة في إمدادات الغاز الطبيعي المسال تهدد بإغراق السوق خلال السنوات الثلاث المقبلة على الأقل، ما اضطر المنتجين والتجار للعثور على سبل أكثر فطنة لتوريد شحنات الوقود المبرد بشكل فائق إلى السوق العالمية.تركز الوفرة التي تلوح في الأفق اهتمامها على ما إذا كان العملاء الحاليون الموجودون في مناطق تمتد من آسيا إلى المملكة المتحدة سيستفيدون من انخفاض الأسعار، لكن أيضا ما إذا كان الغاز الطبيعي المسال يستطيع زيادة حصته في السوق من خلال الاستفادة من أسطول متنام من السفن، يمكنه تسليم الشحنات مباشرة إلى محطات توليد الكهرباء وشبكات الغاز.تلك السفن، التي تعرف باسم "وحدات التخزين العائمة وإعادة التحويل إلى غاز" FSRUs، أصبحت الأساس في افتتاح أسواق جديدة خاصة بالغاز الطبيعي المسال على مدى السنوات الخمس الماضية، ما سمح بإجراء عمليات تسليم لبلدان مثل مصر والأرجنتين دون الحاجة إلى وجود محطات استيراد برية جديدة مكلفة.على مدى العامين المقبلين أو نحو ذلك، ينبغي أن يرتفع عدد وحدات التخزين المذكورة بنسبة تصل إلى 40 في المائة ليصل عددها إلى 34 وحدة، الأمر الذي ينطوي على إمكانية السماح بافتتاح أسواق جديدة والمساعدة في أن يقترب الغاز الطبيعي المسال أكثر ليصبح سلعة عالمية بالفعل.يقول هادي هالوش، رئيس تجارة الغاز الطبيعي المسال في شركة ترافيجورا لتجارة السلع الأساسية: "الغالبية العظمى من الأسواق الجديدة في السنوات الأخيرة كانت عبارة عن أسواق خاصة بوحدات التخزين العائمة. كما أن الإفراط المقبل في الإمدادات سيعمل فقط على تسريع هذا الاتجاه".من المتوقع أن ترتفع إمدادات الغاز الطبيعي المسال بمقدار يصل إلى 50 في المائة ما بين عامي 2015 و2020، حيث ستقوم كل من الولايات المتحدة وأستراليا وروسيا بإضافة قدرة تصديرية لا يستهان بها لوقود يتسبب بتلوث أقل مما يتسبب به الفحم أو توليد الكهرباء من خلال حرق النفط.هذا الحجم الضخم، المشابه من حيث نسبته المئوية لإضافة كميات أكبر من إجمالي الناتج لجميع البلدان الأعضاء في منظمة أوبك إلى سوق النفط على مدى خمس سنوات، يبين مدى السرعة التي يتزايد فيها الغاز الطبيعي المسال، لكنه يُظهر أيضا الحاجة إلى العثور على حتى مزيد من المشترين الجدد.في حين لا تزال مراكز الطلب الرئيس على الغاز الطبيعي المسال كاليابان والصين تعتمد على محطات استيراد ثابتة، التي عادة ما يستغرق بناؤها عدة سنوات وحيث تصل تكاليفها الرأسمالية إلى مليارات الدولارات، يمكن بشكل طبيعي إضافة البنية التحتية اللازمة لإرساء وحدات التخزين العائمة خلال أشهر.يمكن بناء السفن بتكلفة تبلغ نحو 300 مليون دولار أو يمكن تحويل ناقلات الغاز الطبيعي المسال الحالية لمنحها قدرات إعادة التحويل إلى غاز، مع تركيز شركات مثل شركة (إكسيليريت للطاقة) في مقرها في تكساس وشركة (هوي) للغاز الطبيعي المسال في النرويج على هذا القطاع.في السنوات الأخيرة، سمحت وحدات التخزين والتحويل إلى الغاز العائمة FSRUs بالأصل للأرجنتين ومصر وباكستان وبلدان أخرى بأن تصبح من البلدان المستوردة الكبرى للوقود، ما أدى إلى التنويع والابتعاد عن المصادر الأخرى، أو - كما في حالة ليتوانيا - إلى الحد من اعتمادها على الموردين المحتكرين مثل روسيا.يقول جايلز فارير في شركة استشارات الغاز والنفط في شركة وود ماكينزي: "نحن نصبح الآن أكثر تفاؤلا إزاء واردات الغاز الطبيعي المسال الصينية (بسبب الأسعار الأكثر تنافسية) في السنوات المقبلة"، مشيرا إلى أن البلدان الأخرى التي تستورد بكميات كبيرة من المحتمل أنها ستستفيد من الوفرة المقبلة. "لم يتوقع أي أحد المدى الذي يتخذه الطلب في الأسواق الناشئة غير المتوقعة، مع قيام كل من ساحل العاج وجنوب إفريقيا وبنما حاليا بتطوير قدرات الاستيراد الخاصة بوحدات التخزين وإعادة التحويل إلى غاز"، حسب قوله.وفقا لشركة وود ماكينزي، ارتفعت الواردات عن طريق وحدات التخزين العائمة بأكثر من الضعف خلال العامين الماضيين وتمثل ما نسبته 15 في المائة من إمدادات الغاز الطبيعي المسال السنوية التي يبلغ وزنها أكثر من 264 مليون طن، مع توقع ارتفاع كلا الرقمين.يقول المحللون والتجار إن السبب الرئيس في حدوث ذلك هو استخدام الوحدات العائمة لتوفير قدر أكبر من المرونة. على سبيل المثال، ربما ترغب بعض البلدان في الحصول على إمدادات إضافية من الغاز فقط خلال فترة ذروة الطلب الموسمية السنوية، إما لتلبية احتياجات التدفئة أو التكييف. يقول تيد مايكل، محلل الغاز الطبيعي المسال في شركة جينسكيب: "يأتي الحجم بمجموعات كبيرة، لكن الطلب يأتي بكتل أصغر حجما"، مضيفا أن سفن الغاز الطبيعي المسال، بما فيها وحدات التخزين والتحويل العائمة، يمكن استخدامها لتخزين الإنتاج الزائد، على الرغم من أن ما يسمى "تبخر الغاز" تؤدي إلى فقدان صهاريج التخزين الداخلية لنحو 3 في المائة شهريا."تحصل المشكلة في أول أشهر الربيع والخريف. ما سنشهده في هذه الحالة هو أنه بدلا من إغلاق مرافقهم، إذا تمكنوا من الحصول على السفن، سيقومون بتخزين الغاز على الشاطئ حتى يجدوا العملاء المناسبين لهم".أما البلدان الأخرى، مثل مصر، التي اكتشفت وجود حقل غاز ضخم على البحر المتوسط، فربما تحتاج فقط لاستيراد الغاز الطبيعي المسال لبضع سنوات في الوقت الذي تعمل فيه على تطوير إمداداتها المحلية. كما أن التجار والمنتجين على استعداد أيضا للعمل من قرب مع بلدان، ربما لم تكن تعتبر بأنها فرص مناسبة لتمويل محطة استيراد برية بسبب نقص الأموال أو حالة عدم الاستقرار.يقول فارير من شركة وود ماكينزي: "ما يحاولون الآن فعله هو إيجاد طلب في الأسواق الناشئة حتى يكونوا على استعداد لإبرام اتفاقيات مع مشترين لا يحظون بجدارة ائتمانية كالتي يحظى بها العملاء التقليديون. كما أن بعضا منهم هو على استعداد للاستثمار في البنية التحتية لجلب الإمدادات أو توفير قدر من مرونة الحجم أكثر مما مضى".لا يزال البعض في الصناعة يبدي الحذر إزاء الدور التحويلي لوحدات التخزين العائمة. في الوقت الذي يعترفون فيه بأن سفن إعادة التحويل إلى غاز هي جزء متزايد من السوق، إلا أنهم يحذرون من أنه ليست جميع بلدان الأسواق النامية لديها موانئ مناسبة ذات محطات قريبة لتوليد الكهرباء، أو شبكات غاز لنقل الوقود إلى الداخل. يقول أحد محللي الغاز الطبيعي المسال في شركة كبيرة لتجارة السلع الأساسية: "يجري تجهيز دفتر طلبات كبير لهذه الوحدات، لكن عدد الوجهات المتاحة لوحدات التخزين لا يزال محدودا إلى حد ما"."على سبيل المثال، كانت بلدان مثل بنجلادش وسريلانكا تتطلع إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال، لكن ذلك الأمر لا يزال غير واضح. وسوق وحدات التخزين والتحويل العائمة ربما ليس مدعاة للتفاؤل تماما، كما يعتقد بعض شركات بناء السفن". مع ذلك، فإن المرونة المتأصلة في السفن يتيح لها أن تعمل كوحدات إعادة التحويل إلى غاز، إضافة إلى كونها سفنا، جعلت كثيرين يراهنون على أنها ستكون عنصرا رئيسا في جعل الوفرة المقبلة قابلة للتحكم في الوقت الذي تتطور فيه سوق الغاز الطبيعي المسال. يقول هالوش من شركة ترافيجورا: "فهم الناس أن الغاز الطبيعي المسال هو أعمال تجارية يعترض الدخول فيها حواجز عالية، لكنها تجارة آخذة في النمو لتصبح أكثر قدرة على المنافسة، فهي سوق لسلعة أساسية هي الأسرع والأكثر إثارة في الوقت الحاضر". Image: category: FINANCIAL TIMES Author: ديفيد شيبارد من دالاس publication date: الجمعة, يناير 27, 2017 - 03:00
مشاركة :