ردت أنقرة بحدة على قرار القضاء اليوناني برفض تسليم 8 عسكريين أتراك فروا إلى اليونان بعد مشاركتهم في المحاولة الانقلابية التي شهدتها تركيا منتصف يوليو (تموز) الماضي، معتبرة أنه قرار موجه سياسيا ويضع اليونان في خانة الدول الداعمة للانقلاب التي تقدم الحماية للانقلابيين. وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان صدر أمس فور إعلان المحكمة العليا في اليونان قراراها رفض تسليم العسكريين الذين فروا إلى اليونان بمروحية تابعة للجيش التركي فجر 16 يوليو الماضي، إن تركيا ستجري «تقييما متعمقا» لتأثير رفض القضاء اليوناني تسليم الثمانية على العلاقات الثنائية. وندد البيان بقرار القضاء اليوناني الذي اعتبره «مدفوعا باعتبارات سياسية»، وقال إن تركيا ستقيم إثر ذلك على «علاقاتنا الثنائية وتعاوننا في مكافحة الإرهاب». واعتبرت الخارجية التركية في بيانها أن هذا القرار يضع اليونان في خانة الدولة الداعمة للانقلاب. وكانت الخارجية التركية أرسلت في أغسطس (آب) الماضي ملفا للسلطات اليونانية من أجل إعادة العسكريين الثمانية الهاربين إليها على خلفية مشاركتهم في محاولة الانقلاب الفاشلة. وذكرت الوزارة في بيانها أنه في ضوء اتفاق إعادة المجرمين الموقع بين تركيا واليونان، قامت الإدارة العامة للعلاقات القانونية والخارجية بوزارة العدل التركية، بتجهيز ملف لإعادة العسكريين الهاربين إلى اليونان. وتأتي هذه الأزمة الجديدة لتزيد من التوتر بين أنقرة وأثينا، الذي اشتعل في الأسابيع الأخيرة عقب جولة المفاوضات التي عقدت في جنيف الشهر الماضي وجمعت وزراء خارجية الدول الضامنة في قبرص (بريطانيا وتركيا واليونان) تحت رعاية الأمم المتحدة، حيث اعتبرت اليونان بقاء نظام الضمانات الأمنية سببا في عرقلة التوصل إلى حل للمشكلة القبرصية، ورد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متهما اليونان بالتهرب من مساعي توحيد قبرص، وقال إن بلاده ستظل محتفظة بوجودها (العسكري) هناك للأبد لحماية الأقلية التركية. وانتهت محادثات جنيف لإعادة توحيد الجزيرة الواقعة في البحر المتوسط دون اتفاق، لكن بخطط لاستئنافها قريبا، وكان محور الخلاف نزاعا بشأن الضمانات الأمنية لليونانيين والأتراك. وقال إردوغان: «أبلغنا قبرص واليونان بشكل واضح أنه ينبغي ألا يتوقعوا التوصل لحل من دون تركيا بوصفها ضامنا... سنبقى هناك للأبد». وحصلت اليونان وتركيا وبريطانيا على سلطات الضامن في معاهدة أبرمت عندما نالت قبرص استقلالها عن لندن عام 1960. وتتهم اليونان تركيا، شريكتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بإساءة استغلال هذا الدور بغزوها عام 1974 الذي قسم الجزيرة، واستمرار وجود نحو 30 ألف جندي تركي في الشمال. ولليونان كتيبة مؤلفة من نحو 1100 جندي في قبرص. ويقول إردوغان إن هناك خطة لإبقاء 650 جنديا تركيا و950 جنديا يونانيا في الجزيرة بعد التسوية. وكانت هذه أحدث جولات التراشق بين الجارتين تركيا واليونان بشأن الوجود في قبرص، ففي أغسطس الماضي، أعربت الخارجية التركية عن أسفها على مواصلة الحكومة اليونانية تبنيها مواقف وصفتها بأنها غير مسؤولة تجاه القضية القبرصية، بعد مطالبتها مؤخرا بإلغاء نظام الضمانات الساري منذ عام 1960، وسحب القوات التركية من الجزيرة القبرصية، لافتة إلى أن السلطات اليونانية واصلت تبني هذا الموقف «المؤسف». ونشب نزاع آخر بين البلدين الجارين على أثر خطط يونانية للإسكان في جزر متنازع عليها مع تركيا في بجر إيجه أعلنتها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، حسين مفتي أوغلو، إن بلاده «لن تقبل الأمر الواقع الذي قد تفرضه اليونان على الجزر المتنازع عليها». وأضاف مفتي أوغلو تعليقا على تصريحات نائب وزير الملاحة وسياسات الجزر، اليوناني نيكتاريوس سانتورينيوس، حول وجود خطة إسكانية لدى بلاده في 28 جزيرة صغيرة في بحر إيجه، أن «سانتورينيوس تطرق خلال إجابته عن سؤال في البرلمان، إلى فتح 28 جزيرة صغيرة في إيجه للإسكان، إلا أنه لم يفصح عن الجزر التي تشملها الخطة». وشدد مفتي أوغلو، على أن بلاده أعلنت مرارًا أن مثل هذه الإجراءات لن تؤدي إلى أي نتيجة من الناحية القانونية و«نحن ندعو جارتنا اليونان إلى التصرف بحكمة تجاه هذا الموضوع الذي يولد حساسية كبيرة على مستوى الحكومة والرأي العام لدينا».
مشاركة :