قُوبِل اقتراح دونالد ترامب بإقامة مناطق آمنة شمالي سوريا بالحذر من قِبَل حلفائه والتشكيك من قِبَل آخرين يخشون من أن يكون هدف الخطة بشكل أكبر هو إبقاء اللاجئين بعيداً عن الولايات المتحدة أكثر من تقديم الاحتياجات الإنسانية. وقالت تركيا وروسيا، اللتان ستعتمد الخطة عليهما بصورةٍ كبيرة، أمس الخميس 26 يناير/كانون الثاني، إنَّهما لم يُستشارا في الأمر، وذلك بعد ساعاتٍ من تعهُّد الرئيس الأميركي بـ"إقامة مناطق آمنة بكل تأكيد في سوريا من أجل الشعب". وقالت موسكو إنَّه من المهم عدم "مفاقمة الوضع"، في حين قالت أنقرة إنَّ منطقةً آمنة بالفعل قد أُقِيمت تحت إشرافها. وجاءت تصريحات ترامب، بحسب ما ذكرت البريطانية، بعد إصدار مشروعِ القرار التنفيذي، الذي أمر بدراسة كيفية حماية مناطق آمنة في شمال سوريا شديدة الاضطراب للمواطنين السوريين الذين ينتظرون إعادة توطينهم. وخلال حديثه لقناة ABC News، أعطى ترامب المقترح زخماً كبيراً، لكنَّه لم يُقدِّم توضيحاتٍ بشأن كيفية وتوقيت مثل هذه الخطوة. مطلب المعارضة وكانت المناطق الآمنة مطلباً رئيسياً للمعارضة السورية، وجزءاً محورياً من سياسة تركيا تجاه سوريا على مدار معظم السنوات الخمس الماضية. ورفض باراك أوباما تخصيص الموارد لهذه المناطق، بحجة أنَّ الولايات المتحدة ما كانت لتتورَّط في الصراع المستعصي على الحل، وأنَّها قد تنجرَّ إلى صداماتٍ مع القوى الإقليمية، بما في ذلك روسيا. ومَنَحَ التدخُّل الروسي في سوريا لإنقاذ بشار الأسد في سبتمبر/أيلول 2015 الطائرات الروسية تفوُّقاً في الأجواء السورية في الشمال. وتوصَّلت تركيا، التي أسقطت طائرة روسية في وقتٍ لاحق من ذلك العام، نوفمبر/تشرين الثاني 2015، إلى تقاربٍ مع روسيا بعد 6 أشهر، وجعل التحالف الناشئ بين الدولتين من المستحيل على الولايات المتحدة أو أية دولةٍ أخرى فرض تدخُّلِها بصورةٍ أحادية. وتظهر كذلك مشكلات على نفس الدرجة من الصعوبة، وعلى وجه الخصوص مشكلة عزوف اللاجئين الذين فرّوا من سوريا عن العودة والعيش في منطقة حرب. ومع بداية التدخُّل الروسي، كان نحو 2.8 مليون سوري قد نزحوا إلى الجارة الآمنة نسبياً - تركيا. ويُعتَقَد أنَّ ما يصل إلى نصف مليون سوري ظلوا مُشرَّدين في الشمال. ومنذ ذلك الحين، أُضيفَت أعدادٌ كبيرة من الأشخاص الذين أجلُوا من حلب إلى النازحين، في حين نزح آلافٌ آخرون جرَّاء القتال بين قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا، وتنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي (داعش). وقال مسؤولٌ بارزٌ في المعارضة إنَّ خطة إقامة منطقة آمنة ربما لن تكون عملية في هذه المرحلة من الصراع السوري. وقال: "أعتقد أنَّ الأوان قد فات، هذا ليس وقتها. وقتها كان قبل أربع سنواتٍ مضت". وقال المسؤول إنَّ الولايات المتحدة، مع ذلك، ستحتاج إلى تقديم مزيد من الإيضاحات حول خطةٍ كهذه قبل الحُكم بصورةٍ قاطعة أنَّها عملية، مثل مساحة المنطقة الآمنة، وما إذا كانت ستتضمَّن كذلك منطقة حظر جوي، وما إذا كانت ستُفرَض على الأرض من خلال قوات المعارضة السورية، بالإضافة إلى قضايا أخرى. وقال إنَّ أية خطوةٍ من هذا القبيل إذا ما اتُّخِذَت في شمالي سوريا، ستُجابه بمعارضةٍ من الأكراد الذين تدعمهم الولايات المتحدة، وذلك بالنظر إلى رغبتهم في منطقة الحكم الذاتي الخاصة بهم. ولن تكون منطقةٌ آمنةٌ في الجنوب عمليةٌ هي الأخرى بسبب القيود الأردنية على الحركة عبر تلك الحدود. وأقامت تركيا منطقة نفوذها، بحكم الأمر الواقع، بين المناطق الكردية في جرابلس وعِفرين، وتهدف هذه المنطقة بالأساس إلى منع الأكراد السوريين من التواجد على طول حدود تركيا مع سوريا، لكنَّها تُستَخدَم كذلك باعتبارها ملجأً من جانب بعض المدنيين النازحين. إيران تُهندِس التغيير الديموغرافي في سوريا قال مسؤول المعارضة إنَّ منطقةً جديدة ربما تزيد من مشكلات التهجير القسري وإعادة رسم الخريطة الديموغرافية لسوريا، وهي مسألةٌ مثيرة للجدل برزت على السطح مع هيمنة الميليشيات الشيعية التي تقاتل لمصلحة نظام الأسد. قال المسؤول: "لا تُمثِّل المناطق الآمنة في ظل التطهير العرقي للنظام والإيرانيين تطوراً إيجابياً في هذه اللحظة. إذ ستُغيِّر التوازن الديموغرافي". لم يُقدِّم ترامب، حينما كان لا يزال مُرشَّحاً في الانتخابات الرئاسية الأميركية، موقفاً ثابتاً بشأن استخدام قوة الولايات المتحدة من أجل المدنيين السوريين المُحاصرين. وحين دعمت هيلاري كلينتون بحماسٍ إقامة منطقة حظر طيران، وصف ترامب المُقتَرَح بأنَّه مُخطَّطٌ لإشعال "حربٍ عالميةٍ ثالثة". وادّعى ترامب أنَّ مُقترح كلينتون سيضع الطيَّارين الأميركيين في مواجهة الطيَّارين الروس، ما سينتج عنه مخاطر في سوء التقدير والتصعيد، بالإضافة إلى إمكانية توريط القوات الأميركية في حفظ الأمن بالمناطق الآمنة من قوات الأسد والمجموعات التي تقاتل إلى جانبه، دون أن تكون هناك نهايةٌ واضحةٌ للعبة. ومع ذلك، دعم ترامب بشكلٍ صريح المناطق الآمنة باعتبارها تدبيراً يمنع الولايات المتحدة من قبول اللاجئين السوريين. وقال ترامب في مناظرة العاشر من أكتوبر/تشرين الأول: "لدينا ما يكفي من المشكلات في هذا البلد. أرى أن من الضروري بناء مناطق آمنة"، دون أن يتطرَّق إلى الكيفية التي يمكن بها لمقترحٍ كهذا أن يمنع المخاطر التي رآها في اقتراح كلينتون السابق. ويبدو أن هذا التغيُّر الكامل نابعٌ من القرارات التنفيذية التي وقِّعها الرئيس الجديد خلال هذا الأسبوع، التي تمنع مؤقتاً اللاجئين من اليمن، والسودان، والصومال، والعراق، وسوريا، من دخول الولايات المتحدة. وقد اقترح ترامب حظر جماعة الإخوان المسلمين، وهي الجماعة التي تحظى بتأثيرٍ كبير في أوساط المسلمين السُنّة. وبدا ترامب في وقتٍ سابق قريباً من الاتفاق مع النهج الروسي تجاه سوريا، والذي تمثَّل في قصف المعارضة السورية حتى تُجبَر على الاستسلام، قبل أن تحوِّل انتباهها إلى العدو المشترك - داعش. - هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط .
مشاركة :