سيجري الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم (السبت)، عددًا من المكالمات المهمة مع زعماء روسيا وألمانيا وفرنسا. وقال شون سبايسر، المتحدث باسم البيت الأبيض، إن ترمب يعتزم محادثة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، ردًا عن سؤال من وكالات الأنباء الروسية عما إذا كانت المكالمة ستجري السبت: نعم، لكنه لم يدل بمزيد من التفاصيل. كان بوتين وترمب قد تحدثا هاتفيًا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد الانتخابات الأميركية، واتفقا على ضرورة «تطبيع» العلاقات بين موسكو وواشنطن، التي توترت خصوصًا بسبب الأزمة الأوكرانية، ووصف الرئيس الروسي ترمب بأنه «رجل لامع موهوب». والمكالمة الهاتفية هي الأولى بين الاثنين منذ تولى ترمب منصبه، وستحظى بتدقيق كبير من جانب منتقدي ترمب، بعد أن زعمت وكالات مخابرات أميركية أن أجهزة أمنية روسية حاولت التأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية لصالح ترمب. إلا أن ترمب قال، أوائل هذا الشهر، إنه غير متأكد مما إذا كان ستصبح لديه علاقات طيبة مع بوتين فور توليه المنصب. وقبل مراسم أدائه اليمين الدستورية، الأسبوع الماضي، قال ترمب إنه يأمل في تحسين علاقة واشنطن مع موسكو، مضيفًا: «لا أعرف ما إذا كنت سأتوافق مع فلاديمير بوتين أم لا»، وتابع: «إذا أحب بوتين دونالد ترمب، سأعتبر ذلك شيئًا ثمينًا، وليس عائقًا، نظرا لأن لدينا علاقة مروعة مع روسيا». وقالت كيليان كونواي، مستشارة الرئيس ترمب، إن العقوبات الأميركية على روسيا التي فرضها الرئيس أوباما في آخر أيامه الرئاسية ستكون محل الاعتبار أثناء الاتصال. ولفتت كونواي خلال لقائها بقناة «فوكس نيوز»، أمس، إلى أن الاتصال الذي سيجري بين الرئيسين يأتي ضمن سياسة الرئيس ترمب في تحسين العلاقات الأميركية الخارجية، وتواصلها مع جميع الدول ومن بينها روسيا، مشيرة إلى أن العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية السابقة بعد أن استندت إلى تقارير الاستخبارات الأميركية في تورط روسيا في قرصنة الانتخابات الأميركية، ستكون محل الاهتمام خلال الاتصال، وهي على طاولة النقاش. وأضافت أن «الرئيس ترمب أكد عدة مرات أن المصلحة الأميركية تأتي في المقام الأول، ومن الأكيد أن العقوبات التي فرضت على روسيا مع الإدارة الأميركية السابقة ستكون محل الاهتمام والاعتبار، كما أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لن يغفل عن مناقشة القضايا الدولية والحقوق الإنسانية خلال تعاملاته مع قادة دول العالم». في حين خرجت أصوات محذرة من الأوساط السياسية بخطورة اتخاذ إدارة الرئيس ترمب من رفع العقوبات الأميركية على روسيا التي فرضها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، الذي انتقدها سابقًا حين فرضها، وتمثلت العقوبات في سلسلة إجراءات استهدفت أجهزة الاستخبارات الروسية تشمل طرد 35 دبلوماسيا، عقابا لروسيا المتهمة بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية. ولم تطرد الولايات المتحدة هذا العدد من الدبلوماسيين الروس منذ 2001، مع ترحيل 50 مسؤولا روسيا اتهموا بالاتصال بعنصر في مكتب التحقيقات الفيدرالي يدعى روبرت هانسين، عمل لصالح الروس لمدة 15 عاما، كما أن واشنطن تتهم موسكو بالوقوف وراء أنشطة الخرق المعلوماتي التي أدت إلى سرقة ونشر آلاف الرسائل الإلكترونية لفريق المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون وأثرت في الانتخابات الرئاسية الأميركية. كما يعتبر مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية أن موسكو لم تسع فقط إلى الإخلال بالحملة، بل أيضا إلى إيصال ترمب إلى البيت الأبيض. بدوره، أوضح فيصل الشمري، الباحث والمحلل السياسي في واشنطن لـ«الشرق الأوسط»، أن العلاقات الأميركية الروسية مرّت خلال فترة العلاقات التاريخية فيما بينهما بمراحل شد وجذب، ولم تقطع نهائيًا حتى في ذروة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي. وقال الشمري إن جميع الإدارات الأميركية السابقة بدأت عهدها بمد يد التواصل والتعاون مع روسيا بما في ذلك إدارة الرئيس السابق أوباما، إلا أن ضعف إدارة أوباما في السياسة الخارجية هي السبب في التمرد الروسي، وتمادي روسيا في أوكرانيا والشرق الأوسط في المشاركة في الحرب السورية دون اعتبار للنظام الدولي، في ظل صمت وضعف أميركي. وأضاف أن «إدارة الرئيس الأميركي ترمب ستنتهج نهجا جديدا وهو الاستفادة من العوامل المشتركة بين البلدين، ومن ضمن ذلك، الملف النووي الإيراني بعد أن ظهرت الخلافات الروسية الإيرانية إلى السطح، وكذلك حرب (داعش)، وأعتقد أن هذه العوامل المشتركة من شأنها أن تعزز التواصل بينهما». واعتبر الشمري أنه من السهل جدًا أن يلغي الرئيس الأميركي ترمب العقوبات على روسيا، إذ إنها قرارات اتخذها سلفه أوباما، ومن حق الرئيس الأميركي الحالي إلغاء قرارات الرئيس السابق ما لم تكن نافذة من قبل المجلس التشريعي، بيد أنه استبعد أن يتخذ ترمب هذا القرار حاليًا، «بل سيستخدمه ورقة ضغط ضد روسيا، حتى تقدم الأخيرة تنازلات لأميركا، ويتم التأكد من حسن نياتها».
مشاركة :