الصحوة تيار فكري بدأ ظاهرًا للعيان في التسعينات الميلادية واكتسح المشهد الثقافي والديني في السعودية عدة عقود، لكنه بدأ في الانحسار حاليًا وافتقد شعبيته الجارفا وقداسة رموزه بعد ظهور مواقع التواصل الاجتماعي التي كشفت تناقضاتهم وازدواجيتهم ! لكن ما زال له أتباعه، وسأتحدث بإيجاز عن طريقتهم في جذب الجماهير على مواقع التواصل الاجتماعي التي أضحت حصنهم الأخير . في سيكولوجية الجماهير يجب على الحركة الجماهيريه لكي تضمن انتشارها وبقاءها أن تصنع أعداء وهميين لها وتشيطنهم وتصورهم بالخطر الداهم، وبهذا يتم انجذاب الأتباع لها. وهذا حال الصحويين في السعودية، صنعوا عدوين : عدو الجامية لصد الأتباع عن الاستماع لحججهم وأدلتهم لأنها تعريهم عقديًا. وعدو الليبرالية الذين يسعون لنشر الانحلال الأخلاقي بزعمهم ليتظاهروا بأنهم حماة الدين وبدونهم يسقط. بهذه الدعاية نجح الصحويون في جذب الأتباع وحشدهم وتصدر المشهد الديني وأصبح لديهم أتباع يقدسونهم ويدافعون عنهم دفاعًا أعمى ظنًا منهم أنهم حماة الدين حقًا ! سلاح شيطنة المخالف هو أبرز سلاح يستخدمه الصحويون، فأي شخص ينتقدهم ويجابههم يوصم تلقائيًا بالليبرالي أو الجامي، وأحيانًا ليبروجامي، ولو أن المٌتهم بذلك يجهل شيئًا اسمه ليبرالية وجامية ! فالمخالف لهم من التيار الديني يعتبرونه جاميًا ومن غلاة الطاعة وأدعياء السلفية.. إلخ.. من المصطلحات المنفرة ! والمخالف لهم من خارج التيار الديني يٌتهم بدون تردد بأنه من الجالية الليبرالية . ومن فنون الشيطنة عندهم إصدار قوائم بأسماء الليبراليين وصورهم، وكذلك للسلفيين لأجل أن تصبح الصورة النمطية مشوهة وتعمى عيون أتباعهم عن الحقيقة ! والأدهى والأمر استخدام الدين لفرض أجندتهم، فعندما يأتي ذكر الليبراليين يستدل بالآيات التي نزلت على المنافقين وإنزالها عليهم فيترسخ لدى أتباعهم أن هؤلاء منافقون حقًا استنادًا للأدلة. لهذا السبب فالعلاقة بين الحشد الصحوي ورموزه غير مترابطة وهشة قابلة للسقوط، فلا يربط بينهم وبين رموزهم مبدأ لأنهم متلونون ولا فكر لأنهم متناقضون ويجمعون المتضادات والرابط بينهم الكراهية للأعداء الوهميين فقط . سئل هتلر هل من الضروري إبادة اليهود؟ فكان رده (كلا لو زال اليهود لكان علينا أن نخترعهم ومن الضروري أن يكون هناك عدو ملموس لا مجرد عدو مفترض). هتلر بحجة طرد اليهود استطاع احتلال أوروبا، والصحويون بدعوى محاربة أعداء الدين احتلوا عقول الكثير ! لذلك لو سكت الجامية والليبراليون كما يصنفهم الحشد الحزبي عن انتقادهم سوف يضطرون لصنع عدو جديد يكسبون به تعاطف الجماهير وإلا فقدوا شعبيتهم ! *خاتمة؛ من يعرف إيهام الجماهير يصبح سيدًا لهم، ومن يحاول قشع الأوهام عن أعينهم يصبح ضحية لهم! #غوستاف_لوبون رابط الخبر بصحيفة الوئام: الخطاب الصحوي وسيكولوجية الجماهير
مشاركة :