هل تقدم بريطانيا على فك الارتباط بالتنظيم المارق؟

  • 4/9/2014
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

هل كان إقدام رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على فتح تحقيق بشأن نوايا وتوجهات ونشاطات جماعة الأخوان المسلمين على الأراضي البريطانية بعد أسبوعين تقريبا من ترحيل الحكومة القطرية لـ١٥ عضوا من الجماعة إلى بريطانيا مجرد مصادفة ليس وراءها أية ترتيبات أو صفقات بين الحكومتين؟ أم أن الحكومة القطرية كانت تسعى فعلا للتهدئة مع دول الخليج ومصر؟ فلو قبلنا جدلا بالاحتمال الثاني، فالمتوقع أن تتسارع الخطوات القطرية بعد الترحيل لتصحيح المسار ضمن المنظومة الخليجية، ولكن الخطوة بدت حدثا معزولا تماما عن مخطط سير السياسات القطرية حتى الآن على الأقل. في حين أن الاحتمال الأول يجد شواهد كثيرة لتعزيزه منها أن من بين أسماء المرحلين محمد محسوب وجمال حشمت ومحمود حسين ومحمد سويدان. وبعض هؤلاء متهم بتدبير عدد من الأعمال الإرهابية في مصر قبل اللجوء لقطر، ومن أهمها في نظر الاستخبارات البريطانية اتهام الحكومة المصرية لهم بالمسؤولية عن الهجوم على حافلة سياحية وقتل عدد من ركابها. ومن الشواهد الأخرى على وجود صفقة بين بريطانيا وقطر لتسليم المرحلين، التسهيلات غير الاعتيادية التي منحتها الأجهزة البريطانية المسؤولة للسفارة القطرية في لندن في استقبالهم وتسهيل دخولهم وإقامتهم. ورغم إصرار بعض زعماء التنظيم الدولي لجماعة الأخوان على التقليل من خطورة خطوة كاميرون بمحاولة إظهاره بمظهر الزعيم الضعيف أو المجامل الذي يلجأ إلى بعض الإجراءات الشكلية استجابة لضغوط خارجية، إلا أن لإبراهيم منير أمين التنظيم الدولي للإخوان، والمقيم حاليا في لندن، رأي آخر، ففي تصريحات لصحيفة «التايمز» البريطانية لا تختلف كثيرا عن تصريحات البلتاجي بعد سقوط مرسي، هدد باحتمال اندلاع أعمال إرهابية تشمل العالم أجمع بما فيه بريطانيا. وتوحي تهديدات منير المبطنة بأنه يستشعر فعلاً مدى خطورة هذا التحقيق وأنه يتخطى مجرد الاستجابة لضغوط خارجية، ذلك أنه أتى استجابة لتوصية من جهاز الاستخبارات البريطانية (SIS(MI6 وليس من الدوائر السياسية المتفرعة عن وزارة الخارجية أو البرلمان. فالدوائر السياسية البريطانية في لندن تعطف على الإخوان منذ نشأة تنظيمهم وحتى يومنا هذا وتعاملهم معاملة أصحاب الدار. وبحسب معلومات التايمز فقد احتضنت لندن اجتماعا لكبار أعضاء التنظيم الدولي للإخوان في شقة تقع فوق جمعية خيرية إسلامية لإعادة ترتيب الأوضاع بعيد سقوط مرسي. ولا ينسى العالم أجمع أن كاميرون كان أول زعيم أوربي يزور مصر ويجتمع بالمجلس العسكري مباشرة بعد سقوط مبارك للتسريع بإجراء انتخابات متسرعة تهدف لإيصال الإخوان للسلطة. ولقد تخطت العلاقات بين بريطانيا وتنظيم الإخوان الدولي حدّ الاستضافة وتوفير الملجأ التاريخي الآمن على أراضيها، إلى السماح لهم بالتغلغل في دوائر القرار البريطانية من خلال استعانة حكومة كاميرون ومن قبلها بلير بعدد من قادة الإخوان في مسائل مختلفة من أهمها توظيف حامل الجنسية السويسرية طارق رمضان حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، في عدة أعمال استشارية آخرها عضويته في مجموعة وزارة الخارجية البريطانية الاستشارية بشأن حرية الأديان والمعتقدات. ورمضان هذا بروفيسور في دراسات الإسلام المعاصر في جامعة أكسفورد وسبق أن منع لفترة من دخول الولايات المتحدة ومازال دخوله لفرنسا محظورا بسبب شكوك بعلاقته بمساندة وتمويل منظمات إرهابية. وبالتالي فإن فتح حكومة كاميرون لتحقيق رسمي عاجل ومفاجئ يشمل كافة ما يخص الجماعة، وبالرغم من الحرج الذي قد تواجهه من النتائج المتوقعة لهذا التحقيق، يشير بقوة إلى تطور خطير للغاية على مستقبل الجماعة المدللة بريطانيا على مدى 80 عاما وقد يصل في حدوده القصوى إلى فك الارتباط بالربيب المارق الذي شب عن الطوق البريطاني، أما في حدوده الدنيا والمتوقعة فلن يقصر عن إعادة السيطرة على التنظيم وتحجيمه في هذه المرحلة التي تتطلب بعض الهدوء وإعادة تقييم السياسات البريطانية والغربية في المنطقة. وفي هذا السياق، أتوقع أن يتم تحجيم الدور القطري في المنطقة في المستقبل المنظور بنفس قدر التحجيم الذي يراد بجماعة الإخوان، وقد بدأ هذا التحجيم فعلاً بما يعتقد أنه صفقة تسلمت فيها بريطانيا من قطر قيادات مهمة من الإخوان ربما يكونون استدرجوا إليها أصلاً وذلك لتسهيل مهمة المحققين البريطانيين في تجميع كافة تفاصيل المسألة الإخوانية قبل البت النهائي في مستقبل التنظيم وشكله وحدود تحركه ومدى انسجامه مع السياسات الغربية في المنطقة.

مشاركة :