سلطت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية الضوء على رغبة الرئيس الأميركي ترمب في إقامة مناطق آمنة لملايين السوريين الفارين من الحرب الأهلية في بلدهم أو العاجزين عن مغادرتها، في إطار خطة للبيت الأبيض لإبقاء السوريين بعيدا عن الأراضي الأميركية. كان ترمب قد أصدر أمرا تنفيذيا لوزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين لصياغة خطة لإقامة مناطق آمنة بسوريا وحولها خلال 90 يوما، لكن لم تعط الإدارة الأميركية أية تفاصيل تتعلق بتلك المناطق، كما أن ترمب لم يصغ حتى الآن سياسة واضحة بشأن سوريا. ولفتت الصحيفة إلى مناشدة المعارضة السورية راعيها الرئيس تركيا والولايات المتحدة مرارا لإقامة منطقة آمنة، لكن إدارة أوباما رفضت هذا الطلب على الدوام، مضيفة أن المعارضة طلبت من داعميها الدوليين إمدادها بصواريخ مضادة للطائرات للدفاع عن نفسها ومناطقها ضد طائرات نظام بشار، وهو ما كان يمكن أن يخلق مناطق آمنة من الناحية العملية. وأوضحت «لوس أنجليس تايمز» أن القادة العسكريين الأميركيين أجهضوا فكرة إمداد المعارضة بأسلحة مضادة للطيران، وذلك لخشيتهم أن تسقط تلك الصواريخ في أيدي المتطرفين. وأضافت أن رئيس الأركان الأميركي السابق مارتن ديمبسي قد أبلغ الكونجرس في يوليو 2013 بأن فرض منطقة آمنة فوق سوريا سيتكلف نصف مليار دولار في البداية، ثم تكون هناك نفقات شهرية تبلغ مليار دولار لإنفاذ الآمن في تلك المناطق. وحذر ديمبسي من أن فرض المنطقة الآمنة فوق سوريا «ربما يفشل في الحد من أعمال العنف» لأن النظام يعتمد بشكل كبير على النيران السطحية قذائف الهاون والمدفعية والصواريخ. وأشارت الصحيفة إلى أن دخول سوريا على خط الحرب في سبتمبر 2015 لدعم جنود الأسد رفع من احتمال حدوث مواجهة مباشرة مع موسكو، وقلل من آمال فرض أميركا لمنطقة آمنة. وحول إمكانية فرض المنطقة الآمنة، قالت الصحيفة إن المسألة لا تتعلق فقط بحماية الجو من طائرات بشار، بل إن الملاذات الآمنة ستكون بحاجة لقوات برية أميركية، التي ستكون في مواجهة قوات الأسد وكذلك مجموعات المعارضة. ويحذر مراقبون ومحللون من أن فشل أميركا في نشر قوات برية كافية حين فرض المنطقة الآمنة يمكن أن يُحدِث تكرارا لمجزرة سربرنيتشا التي وقعت في كوسوفو عام 1995 عندما أعلنت الأمم المتحدة منطقة آمنة فيها لم تحل دون ذبح الصرب لآلاف المسلمين. وشرحت الصحيفة أن المناطق الآمنة ستمنح المعارضة مهلة واحة من الغارات الجوية القاسية التي يشنها نظام الأسد والطائرات الروسية، مشيرة إلى أن الغارات الجوية مثلت عنصرا محوريا في استراتيجية نظام الأسد للحد من سيطرة المعارضة على المدن والقوى في جميع أنحاء سوريا. وحذرت الصحيفة من أن أكبر مستفيد من فرض مناطق آمنة فوق سوريا سيكون الفصائل الإسلامية التي تهيمن على صفوف المعارضة، بما في ذلك جبهة فتح الشام التي كانت في السابق أحد أفرع تنظيم القاعدة، والتي عرفت باسم جبهة النصرة، وأيضا سيستفيد منها مجموعات معارضة قد يمثل صعودها ضررا للمصالح الأميركية. وتقول الصحيفة إن الأهداف المتعارضة لبعض الدول الراعية للحرب السورية قد عقدت مشكلة فرض منطقة آمنة فوق سوريا، فتركيا على سبيل المثال تؤكد أنها ستطهر منطقة شمال سوريا من كل المنظمات الإرهابية، إذ تعتبر أنقرة أكراد سوريا -حلفاء أميركا في المنطقة- تهديدا لأمنها القومي يعادل في خطره خطر تنظيم الدولة.;
مشاركة :