مرض يصيب القلوب المريضة:الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء

  • 4/9/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الحسد من أشر الأدواء الاجتماعية وأكثرها ضرراً على الحاسد وعلى المحسود وعلى المجتمع أجمع، ولقد كان أول ذنب عصي الله به كان بسبب الحسد، وما قتل قابيل هابيل إلا بسبب الحسد؛ ولذلك أمرنا الله في محكم التنزيل أن نستعيذ بالله من شر حاسد إذا حسد. ولقد تحدث لليمامة مجموعة من المشايخ محذرين من الحسد والحقد والغل مطالبين إخوانهم المسلمين بالحرص على سلامة صدورهم من ذلك. د. سعد السبر: الحقد هو المصدر الدفين لكثير من الرذائل التي رهّب منها الإسلام د. يحيى العمري: من مضار الحسد كثرة الهموم والغموم بداية تحدث الشيخ د. سعد بن عبدالله السبر إمام وخطيب مسجد الشيخ عبدالله الجار الله الداعية المعروف فقال: إن الحقد والغل والحسد خصال ذميمة ومن تلبس بها ففيه خلة من الشيطان؛ فمن قويت فيه نار الغضب فقد قويت فيه قرابة الشيطان حيث قال: (خلقني من نار وخلقته من طين)، فإن شأن الطين السكون والوقار وشأن النار التلظي والاستعار والحركة والاضطراب، ومن نتائج الغضب الحقد والحسد، وبهما هلك من هلك وفسد من فسد، ومُفيضهما مضغة إذا صلحت صلح معها سائر الجسد، وإذا كان الحقد والحسد والغضب مما يسوق العبد إلى مواطن العطب فما أحوجه إلى معرفة معاطبه ومساويه؛ ليحذر ذلك ويتقيه ويميطه عن القلب إن كان وينفيه ويعالجه إن رسخ في قلبه ويداويه فإن من لا يعرف الشر يقع فيه، ومن عرفه فالمعرفة لا تكفيه مالم يعرف الطريق الذي به يدفع الشر ويقصيه، قال الله عز وجل واصفاً الحقد عن البعض (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)، (ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم)، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين، ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا، انظروا هذين حتى يصطلحا، انظروا هذين حتى يصطلحا» رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، وسدد لساني، واهد قلبي، واسلل سخيمة صدري. وأقول لإخواني المؤمنين: إن سلفكم حذروا من الحقد؛ لسوء أثره، وخبث عاقبته، قال عثمان - رضي الله عنه -: ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله - عز وجل - على صفحات وجهه وفلتات لسلانه وقال قتادة - رضي الله عنه - في تفسير قوله تعالى: (إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم) قد علم الله أن في سؤال الأموال خروج الأضغان، وقال ابن كثير في قوله تعالى: أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم، والأضغان جمع ضغن وهو ما في النفوس من الحسد والحقد للإسلام وأهله، وذكر ابن حجر الحقد مع كل من الغضب بالباطل والحسد على أنها جميعاً من كبائر الباطن، وعلل جمعه لهذه الكبائر الثلاث بقوله: لما كانت هذه الثلاث بينها تلازم وترتب، إذ الحسد من نتائج الحقد، والحقد من نتائج الغضب كانت بمنزلة خصلة واحدة، وذم كل من يستلزم ذم الآخر، لأن ذم الفرع وفرعه يستلزم ذم الأصل وأصله وبالعكس، وقال المحاسبي: العز في النفس أصل مرض القلوب، وحب العز أصل ومنه مخرج حب الرئاسة والجاه عند الناس ومنه الكبر والفخر ومنه الغضب والحسد، ومنه الحقد والحمية والعصبية والنفس عاشقة له وهو قرة عينها وهو أحب إليها من أم واحد لواحدها، وقال أبو حاتم رضي الله عنه من الحسد يتولد الحقد والحقد أصل الشر ومن أضمر الشر في قلبه أنبت له نباتاً مراً مذاقه نماؤه الغيظ وثمرته الندم. إخوة الدين: إن الحقد هو المصدر الدفين لكثير من الرذائل التي رهّب منها الإسلام، فالافتراء على الأبرياء جريمة يدفع إليها الكره الشديد (الحقد)، وقد عدها الإسلام من أقبح الزور، أما الغيبة فهي متنفس حقد مكظوم، وصدر فقير إلى الرحمة والصفاء، ومن لوازم الحقد سوء الظن وتتبع العورات، واللمز، وتعيير الناس بعاهاتهم، أو خصائصهم البدنية أو النفسية، وقد كره الإسلام ذلك كله كراهية شديدة. إن جمهور الحاقدين تغلي مراجل الحقد في أنفسهم، لأنهم ينظرون إلى الدنيا فيجدون ما تمنوه لأنفسهم قد فاتهم، وامتلأت به أكف أخرى، وهذه هي الطامة التي لاتدع لهم قراراً، وهم بذلك يكونون خلفاء إبليس - الذي رأى أن الحظوة التي كان يتشهّاها قد ذهبت إلى آدم - فآلى ألا يترك أحداً يستمتع بها بعدما حرمها، وهذا الغليان الشيطاني هو الذي يضطرم في نفوس الحاقدين ويفسد قلوبهم، فحذار دولة الحقد دفين في سويداء القلب له كمون ككمون النار في الحجر إن اقتدحته أورى وإن تركته توارى وللملك في بنات الملوك الأكفاء متسع ولهن فيه منتفع وقد رفع الله قدرك عن الطمع فيمن دونك وعظم شأنك فما أحد فوقك. أما علاج الحقد فيكمن أولاً في القضاء على سببه الأصلي وهو الغضب، فإذاحدث ذلك الغضب ولم تتمكن من قمعه بالحلم وتذكر فضيلة كظم الغيظ ونحوهما، فإن الشعور بالحقد يحتاج إلى مجاهدة النفس والزهد في الدنيا، وعليه أن يحذر نفسه عاقبة الانتقام، وأن يعلم أن قدرة الله عليه أعظم من قدرته، وأنه سبحانه بيده الأمر والنهي لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، هذا من ناحية العلم، أما من حيث العمل فإن من أصابه داء الحقد فإن عليه أن يكلف نفسه أن يصنع بالمحقود عليه ضد ما اقتضاه حقده فيبدل الذم مدحاً، والتكبر تواضعاً، وعليه أن يضع نفسه في مكانه ويتذكر أنه يحب أن يعامل بالرفق والود فيعامله كذلك، إن العلاج الأنجع لهذا الداء يستلزم أيضاً من المحقود عليه إن كان عادياً على غيره أن يقلع عن غيه ويصلح سيرته، وأن يعلم أنه لن يستل الحقد من قلب خصمه إلا إذا عاد عليه بما يطمئنه ويرضيه وعليه أن يصلح من شأنه ويطيب خاطره، وعلى الطرف الآخر أن يلين ويسمح ويتقبل العذر، وبهذا تموت الأحقاد وتحل المحبة والألفة. مرض خطير ثم تحدث الشيخ د. يحيى بن علي العمري - الأستاذ المشارك بقسم الفقه بكلية الشريعة بالرياض، فقال: إن الحسد داء وبيل ومرض خطير يصيب النفوس الدنيئة والقلوب المريضة، وتعريفه بإيجاز هو: تمني زوال النعمة عن الغير، والحاسد: قد يسعى في زوالها عن المحسود وقد لا يسعى وكلاهما قبيح، ويكفي أن نعلم قبح الحسد في أنه: 1 - أول ذنب عصي الله به في السماء، حيث حسد إبليس آدم. 2 - أول ذنب عصي الله به في الأرض، حيث حسد قابيل أخاه هابيل. 3 - من صفات اليهود والنصارى قال تعالى: «ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم». ٤ - الحاسد متشبه بالشيطان في حسده لآدم. ٥ - الحاسد يضاد الإيمان بالله لأن حقيقته الاعتراض على الله تعالى في حكمه وتقديره. ومن أسباب الحسد ما يلي: ١ - بغض المحسود. ٢ - فضل المحسود وعجز الحاسد عن إدراك فضائله. ٣ - العداوة. 4 - الكبر. 5 - الخوف من فوت المقاصد. 6 - حب الرياسة وطلب الجاه لنفسه. ومن مضار الحسد: 1 - كثرة الهموم والغموم. 2 - انحطاط المنزلة كما قيل الحسود لا يسود. 3 - مقت الناس له. 4 - الحرمان والخذلان. وأما علاج الحسد: 1 - اللجوء إلى الله تعالى أن يحميه من هذا الداء العضال. 2 - العلم النافع فيه يعرف حرمة هذا الجرم العظيم. 3 - يقضي على أسباب الحسد بعمل أضدادها. 4 - كثرة ذكر الموت قال أبو الدرداء ما أكثر عبد ذكر الموت إلا قل فرحه وقل حسده. نسأل الله تعالى أن يزكي نفوسنا وأن يهدينا لأحسن الأقوال والأعمال والأخلاق وأن يجنبنا مساوئ الأخلاق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

مشاركة :