تونسيون فقط بقلم: لبنى الحرباوي

  • 1/29/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الحقيقة أن التونسيين لا يعرفون من يكونون، هم يعانون أزمة هوية، ففي جملة قد يقولون ثلاث كلمات فرنسية من أصل أربعة. لكن رغم ذلك فأغلبيتهم لا يجيدون اللغة الفرنسية تماما مثلما لا يجيدون اللغة الأمازيغية. العربلبنى الحرباوي [نُشرفي2017/01/29، العدد: 10527، ص(24)] "نحن التونسيين لسنا عربا" كثيرا ما تتردد هذه المقولة بـ"فخر" في تونس. هنا المفارقة ففي الشرق يقول البعض "تقليلا" من شأن شعوب شمال أفريقيا إنهم ليسوا عربا بل هي شعوب مختلطة ناطقة بالعربية، لتتحول العروبة إلى مصدر فخر وضده في الآن نفسه. وكان موقع "ناشيونال جيوغرافيك"، كشف مؤخرا عن نتائج صادمة لأول خارطة للتاريخ البشري في العالم، ضمن دراسة موسّعة لفحص أصول البشر العرقية. وأثبتت الدراسة أن العرب في تونس لا يشكلون سوى 4 بالمئة فقط من مجموع السكان. ليعود الجدل مجددا إلى الواجهة. يدافع العروبيون مؤكدين نحن عرب مثل كل العرب الآخرين في مصر أو سوريا. وجلّ العرب مستعربة (حتّى في الجزيرة العربيّة) أي اختلطوا بالعرب وتبنّوا اللغة والثّقافة العربيّة وكل العرب لهم عدة أصول ومختلطون أي (ميتيس) وليست لهم علاقة بالشعوب التي كانت تعيش في المنطقة قبل هذا الاختلاط. بل ينتقدون الحركة الأمازيغيّة في شمال أفريقيا مؤكدين أنها مشروع فاشيّ يحاول الالتفاف على الثّقافة العربيّة بمغالطات وبتضخيم فاحش للتأثير الأمازيغي على ثقافتنا! وبعد ثورة 14 يناير 2011، عرفت تونس "صحوة هوية"، ترجمت في تيارات عديدة بعضها سمته التشدّد ودخيل على المجتمع التونسي المعروف بتسامحه. وفي المقابل تعالت أصوات أمازيغية تقول إن تاريخها قد حذف من الرواية الرسمية للتاريخ التونسي، وإن البلاد آن لها أن تتصالح مع نفسها ومع هويتها. انخرطت صديقتي في الجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية، بدأت في تعلّم بعض الكلمات الأمازيغية ودراسة التاريخ الأمازيغي. وحاولت أن تثبت لي بـ"الدليل القاطع والبرهان الساطع"، وفق حججها، أننا لسنا عربا بل أمازيغ من أحفاد الكاهنة البربرية. تهكمت يوما قائلة إن كنا عربا لماذا لم نرفع شعار "ارحل" في الثورة بدل كلمة "dégage" الفرنسية.. ربما لأننا فرنسيون مثلا! الحقيقة أن التونسيين لا يعرفون من يكونون، هم يعانون أزمة هوية، ففي جملة قد يقولون ثلاث كلمات فرنسية من أصل أربعة. لكن رغم ذلك فأغلبيتهم لا يجيدون اللغة الفرنسية تماما مثلما لا يجيدون اللغة الأمازيغية. فلهجتهم خليط من اللغة العربية واللغة الفرنسية واللغة الأمازيغية. هنا تبرز الخصوصية التونسية بكل مميزاتها فهي تجمع بين الثقافة المحلية الأصيلة والثقافة العربية المحافظة والثقافة الغربية المنفتحة. البعض يرفعون شعار تونس "دولة تونسية لغتها تونسية، وعلمها تونسي ونشيدها تونسي وغرامها تونسي، مشمومها تونسي ومشومها (سيئها) تونسي، فنها تونسي وعفنها تونسي وكفنها تونسي من يولد فيها تونسي ومن يدفن فيها أيضا". أظن أننا تونسيون فقط بعيدا عن جميع المسميات! لبنى الحرباوي :: مقالات أخرى لـ لبنى الحرباوي تونسيون فقط , 2017/01/29 منحنو الرؤوس , 2016/12/06 نون. كوم: كيف تصنع وعيا رقميا لدى المتسوق العربي, 2016/11/19 كيف تمتلك وطنا , 2016/10/18 أصبحت حرة, 2016/10/06 أرشيف الكاتب

مشاركة :