فوضى هائلة في انتظار العالم ـ

  • 1/29/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قوبل انتخاب دونالد ترامب بعدم ارتياح من قبل فئات نخبوية عديدة حول العالم. هناك خوف حقيقي لدى المثقفين من سنوات حكم الرجل الذي جاء إلى السياسة من المال. كان المال السياسي دائما موضع شبهة. الآن حل المال المشكلة فصار هو السياسة. لقد اقنع البعض نفسه بأن الرجل يمكن التفاهم معه بيسر لأنه يتعامل بمنطق السوق. وهي قناعة تجرد الحياة من جوانبها الأساسية التي هي ليست موضع بيع وشراء. هناك من الحياة ما لا يُباع ويُشترى. من المؤكد أن تلك الفكرة هي موضع سخرية بالنسبة لترامب. ولكن ترامب رئيسا ليس هو ترامب الذي يعلو اسمه برجه العالي. إنه اليوم سيد الولايات المتحدة وليس مجرد واحد من سادة نيويورك. الرجل الذي لا يخفي غروره وعنجهيته وتسلطه وكرهه لكل ما لا يناسب سلوكه وأفكاره سيكون واضحا في رفضه للآخرين. بالأخص الصغار منهم. وهو ما يعني أن السنوات الأربع المقبلة ستكون عجافا بالنسبة لأصدقاء الولايات المتحدة، ممن لا يرى ترامب أهمية لرضاهم. هناك فوضى هائلة في انتظار العالم. سيوقع ترامب أصدقاء الولايات المتحدة قبل أعدائها في حيرة، ستطبق قوقعتها على الجميع بألغازها. لن يتيح ترامب لأحد أن يفهمه أو يتسلل إلى حكمته من موقع يكاد أن يكون متخيلا. لا أعتقد أن أحدا في العالم يمكنه التكهن بالطرق المتشعبة التي ستطرق مجاهيلها سياسة الرئيس الجديد. من المؤكد أن ترامب فوضوي على غرار جورج بوش الابن، لكن عدوانيته ستكون من نوع مختلف. وإذا كان العرب قد اشتكوا من اهمال الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لهم فإن اهتمام الرئيس الحالي سيثقلهم بالكثير من الأعباء. لن يحل ترامب واحدة من مشكلاتهم، بقدر ما سيضعهم في مواجهة مشكلة دائمة تتعلق بعلاقتهم بالولايات المتحدة. وقد يكون سابقا لأوانه التفكير في ما يمكن أن يفعله ترامب من أجل تحجيم إيران، تلك الدولة التي ظل الغرب يصر على مروقها إلى أن وقع معها اتفاقا يتعلق بمنشآتها النووية. ولكن ترامب قد يهمل إيران نكاية بالعرب. ما توقعه البعض من أن ترامب سيكون واضحا في تعاملاته سيكون مجرد سراب. ذلك لأن خطته المحكمة في اتجاه تكبيل العالم بالضرائب التي يجب أن تُدفع إلى الولايات المتحدة ستنسيه المهمة التي جهد أوباما نفسه في خدمتها إلا وهي تحسين صورة الولايات المتحدة في العالم. لن يهتم ترامب بتلك الصورة كثيرا. فهو لا يرى سوى الصورة التي رسمها في خطاب تنصيبه. أميركا البلد العظيم. وهو ما يشك الكثيرون في قوة تعبيره عن الواقع. لقد تركت أميركا آثارا سيئة أينما حلت ولم تكن بلدا عظيما إلا من منظور القوة العمياء. هل صار على العالم أن يستعد لاستقبال فوضى جديدة هي أشد عنفا من تلك الفوضى التي سببها وجود جورج بوش الابن في البيت الأبيض؟ لن يخيب ترامب آمال أحد. فلا أحد كان قد راهن عليه. على الأقل هذا ما يمكن أن نقوله عن العالم العربي الذي نعرفه. وقد لا يكون مفاجئا إن قلت إنه لن يستمع إلى أحد من منطقتنا. فالأمور بالنسبة له محسومة. الخدمات السابقة مقابل فوائد لمال سبق أن دُفع. وهو ما سيشكل نوعا من الابتزاز الذي لن يكون لتكلفته أي مقابل. بهذا المعنى فإن أميركا العاجزة عن حل أية مشكلة من مشكلات المنطقة ستكون عبئا ثقيلا على أصدقائها العرب الذين لن يربحوا من صداقتها شيئا، وبالأخص على مستوى صراعهم المرير مع إيران. وقد تكون زيارة تيريزا ماي، رئيسة وزراء بريطانيا إلى الولايات المتحدة تمهيدا مناسبا لما ستكون عليه اهتمامات الرئيس الجديد التي قد لا تتخطى الصراع الاقتصادي مع أوروبا. هناك حرب اقتصادية هي عنوان المرحلة القادمة. فاروق يوسف

مشاركة :