هاجس «جينيس» يهدد جائزة «كتارا» للراوية العربية

  • 1/30/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

عبرت إدارة جائزة كتارا للراوية العربية، عن سعادتها بوصول عدد المشاركين في دورتها الحالية إلى 1144 روائياً، ما يعني ارتفاع العدد بـ 140 متبارياً عن الدورة السابقة. ويعد هذا الرقم مدعاة لاعتزاز كتارا بنفسها في غمرة التنافس الذي تشهده الجوائز العربية الآن، وقد يجعل الرقم المتضخم هذه الجائزة في مقدمة الجوائز العالمية نظراً لغزارة الإقبال على الترشح إليها. وهو دليل على استحواذ كتارا على اهتمام الروائيين المخضرمين والجدد والناشئين، وعلى قدرتها السحرية في إذكاء حماسة المتبارين وفي إيقاظ المواهب وكشف ما ستر منها. و«قد يتحول هذا التضخم، إلى عبء على كتارا وإدارتها وأوقعها في مأزق ليس سهلاً الخروج منه»، بحسب تعبير الناقد والكاتب اللبناني عبده وازن، متسائلا: أي لجنة تحكيم ستتمكن من قراءة هذا العدد الهائل من الروايات؟ ولو افترضنا أن لجنة التحكيم تتألف عادة من خمسة أعضاء أو ستة فهذا يعني أن على كل محكم أن يقرأ نحو 220 رواية بين منشورة ومخطوطة، واعتبر وازن أنه من المستحيل فعلاً على ناقد أن يقرأ هذا العدد من الروايات وأن يكون عادلاً ومصيباً في أحكامه النقدية واختياراته، ومن المفترض وفق قوانين الجوائز أن يقرأ كل أعضاء لجنة التحكيم، جميع الأعمال المرشحة كي تتمكن اللجنة من مناقشتها والتحاور حولها واختيار ما يستحق الفوز منها، ومن المستحيل أيضاً أن تتمكن اللجنة كلها من قراءة هذا الكم الرهيب من الأعمال. وأضاف وازن، في مقاله المنشور بصحيفة الحياة اللندنية، أنه بالتأكيد سوف يقع ظلم، وقد يكون فادحاً، وقد تبرز هنا لعبة الحظ، كأن تُهمل روايات مهمة ويُغض الطرف عنها فتسقط من القوائم، بينما تفوز روايات تبعاً لأسماء أصحابها أو أخرى لا تستحق الفوز. وتابع، أن 1144  رواية يجب أن تختار لجنة التحكيم منها خمساً من فئة الروايات المنشورة وخمساً من الروايات المخطوطة، ما يعني أن 1134 رواية ستعاكسها أمزجة لجنة التحكيم فتسقط في المباراة وتخيب أحلام أصحابها في الحصول على مبلغ الستين ألف دولار هنا ومبلغ الثلاثين ألفاً هناك، وفي الحصيلة يقع عبء خسارة المتبارين على عاتق إدراة الجائزة اولاً ثم على عاتق المحكمين الذين لا يمكنهم أن يكونوا عادلين أمام هذا الكم من الروايات التي تستحيل قراءتها كلها وربما نصفها أو ربعها أو أقل. ويضيف الناقد اللبناني، لعل مأزق جائزة كتارا يقع أولاً وأخيراً في الآلية التي اعتمدتها الإدارة ليتم العمل من خلالها، ترشيحاً وتحكيماً، فالنيات طيبة حتماً وفكرة مكافأة الأعمال المخطوطة فكرة بديعة، وبها حققت كتارا بادرة غير معهودة مبدئياً في العالم العربي، تتيح الفرصة امام روائيين شبان وجدد كي ينشروا أعمالهم وينالوا مقابلها جائزة ذات قيمة مادية جيدة. أنها إحدى حسنات كتارا فعلاً. أما «البازار» الكبير أو المفتوح الذي تفردت به كتارا فهو الذي أساء إليها وإلى مشروعها. فتحت الجائزة أبوابها على مصاريعها أمام جميع الروائيين وأشباه الروائيين من دون استثناء أو غربلة وأمام كل ما كتب في حقل السرد الروائي وأياً يكن، حقيقياً أو مزيفاً، ومن غير شروط أو معايير. اكتبوا وارسلوا. اكتبوا وانشروا وارسلوا. جربوا حظكم300 ألف دولار للروايات الخمس الفائزة و150 ألف دولار للمخطوطات الخمس الفائزة أيضاً. مأزق جائزة كتارا يمكن اختصاره في ما يسمى هاجس «جينيس»، هاجس الضخامة والأرقام القياسية. هذا الهاجس سيطر على أهداف الجائزة النبيلة التي تسعى فعلاً إلى دعم الروائيين على اختلاف أجيالهم. هل في العالم العربي حقاً 1144 روائياً؟ هل استطاعت دور النشر أو لنقل المطابع إصدار 1144 رواية خلال سنة؟ هل تمكنت الصفحات الثقافية العربية من رصد حركة هذا الإبداع او الإنتاج ولأقل «التفقيس»؟ من هم هؤلاء؟ أين يقيمون؟ كيف يكتبون وماذا؟ مثلما يبدو هذا الرقم مدعاة للاعتزاز والفخر لدى إدارة الجائزة فهو يغدو في الحين نفسه مثار قلق وشك وظنّ لدى القراء كما لدى النقاد وأهل الإعلام. وما إن أعلن هذا الرقم حتى شاعت في عالم الإنترنت والفيسبوك موجات من السخرية والتفكهة و«القيل والقال»، إنها فرصة للتندر وإطلاق النكات ولو بدا بعضها سمجاً. إلا أن جائزة كتارا تظل واحدة من الجوائز المهمة في العالم العربي مهما اعتراها من ثغرات، وأمام إدارتها الآن أن تعيد النظر في نظامها وفي آلية الترشح والتحكيم كي تبعد عنها شبهة الوقوع في فخ جينيس. يذكر أن،  كتارا هي جائزة سنوية أطلقتها المؤسسة العامة للحي الثقافي – كتارا في قطر، بداية العام 2014، وتقوم المؤسسة بإدارتها وتوفير الدعم والمساندة والإشراف عليها بصورة كاملة من خلال لجنة لإدارة الجائزة تم تعيينها لهذا الغرض. وتهدف الجائزة إلى ترسيخ حضور الروايات العربية المتميزة عربياً وعالمياً، وإلى تشجيع وتقدير الروائيين العرب المبدعين لتحفيزهم للمضي قدماً نحو آفاق أرحب للإبداع والتميز، ما سيؤدي إلى رفع مستوى الاهتمام والإقبال على قراءة الرواية العربية وزيادة الوعي الثقافي المعرفي. وتلتزم جائزة كتارا بالتمسك بقيم الاستقلالية، الشفافية والنزاهة خلال عملية اختيار المرشحين، كما تقوم بترجمة أعمال الفائزين إلى اللغة الإنجليزية والإسبانية والفرنسية، وتحويل الرواية الصالحة فنياً إلى عمل درامي مميز، ونشر وتسويق الروايات غير المنشورة، وتفتح الجائزة باب المنافسة أمام دور النشر والروائيين على حد سواء بما فيهم الروائيون الجدد الذين لم يتم نشر رواياتهم. شارك هذا الموضوع: اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)

مشاركة :