للمرة الأولى منذ عام 2003 تمر ذكرى الاحتلال الأميركي للعراق، من دون أي تعليق رسمي في المناطق الوسطى والجنوبية، فيما اعتبر إقليم كردستان التاسع من نيسان (أبريل) «تحريراً» وأعلنه عطلة رسمية. وما زالت وجهات النظر السياسية والشعبية مختلفة في توصيف هذا اليوم المهم في تاريخ العراق، فهناك من يعتبره تحرراً من النظام السابق ومناسبه تستحق الاحتفال، ومن يراه احتلالاً بكل ما تحمله الكملة من معنى، وهناك أيضاً من يخلط بين الاتجاهين ويصف المشهد بالمعقد. النائب عن ائتلاف «دولة القانون» بتول فاروق قالت لـ «الحياة» أمس إن «تحرير البلاد من نظام دكتاتوري يوم يجب الاحتفال به، لكن اختلاف الرؤى وانتشار أفكار التكفير والتخوين جعلت الجميع يغض الطرف عن هذه المناسبة، على الأقل في الوقت الراهن». وتابعت: «لا ننكر وجود الاحتلال الذي رافق عملية التحرير من النظام السابق، لكن هذا لا يمنع أن يوم سقوط نظام صدام مناسبة يجب الاحتفال بها وعدم تجاهلها». معتبرة أن «بعض الأطراف يرفض الاحتفال بهذه المناسبة بسبب الاحتلال وهناك أيضاً من يقول ذلك وهو حزين لسقوط نظام صدام». وشددت فاروق، وهي عضو لجنة الثقافة البرلمانية، على ضرورة أن «يحسم البرلمان المقبل الجدل حول يوم 9 نيسان»، مشيرة إلى أن «الانشغال بالانتخابات وعدم رغبة الأطراف السياسية بفتح مواضيع خلافية دفعها إلى تجاهل هذا الحدث المصيري هذا العام تحديداً». أما المرشح عن قائمة «التحالف المدني الديموقراطي» عماد الخفاجي فاعتبر «يوم التاسع من نيسان يوم التحرير الذي لا يمكن وصفه بأي وصف آخر». وقال في تصريح إلى «الحياة» إن «السياسيين الأكراد هم الأكثر شجاعة من سواهم وقد استطاعوا أن يسموا الأشياء بمسمياتها». وأضاف: «لولا الولايات المتحدة لما تمكن أي طرف عراقي من إزاحة صدام حسين عن الحكم ولكانت الأطراف السياسية الحاكمة الآن إما في إيران أو سورية أو أوروبا فقد دخلت إما مع القوات الأميركية أو بعد أن تهيأت لها الأجواء». وزاد: «المشكلة هي عدم قدرتنا على الاعتراف بالحقيقة وخلط الأمور وعلى الجميع من يرى يوم 9 نيسان يوم احتلال أن يراجع حساباته». من جهة أخرى، اعتبر ائتلاف «متحدون للإصلاح»، بزعامة رئيس البرلمان أسامة النجيفي أن «الظلم والتفرد والاستئثار ما زال قائماً على رغم مرور 11 عاماً على احتلال العراق». وأعلن الائتلاف في بيان أن «ذكرى التاسع من نيسان تمر اليوم (أمس)، وهو يوم تم فيه احتلال العراق وإسقاط النظام من قبل تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة الأميركية»، مشيراً إلى أن «الظلم ما زال موجوداً، وما زال المواطن يئن بسبب الحقوق المهدورة». وأضاف الائتلاف أن «التفرد والاستئثار ما زال قائماً، وأمطار الديموقراطية وحقوق الإنسان والحرية والمساواة لم تسقط بالنسب المطلوبة بسبب غياب التوازن والمشاركة الحقيقية في اتخاذ القرار، واستشراء الفساد والفشل الأمني وسوء تقديم الخدمات»، محملاً الجانب الأميركي «المسؤولية القانونية والأخلاقية لاختلال التوازن كونه سبب التغيير الذي حدث وهو مسؤول عن المعاناة المستمرة للمواطن العراقي». وطالب الولايات المتحدة بـ «الوقوف أكثر من أي وقت بشكل جدي إزاء تعهداتها للمواطن العراقي»، لافتاً إلى أن «الوعود بالرخاء والأمن والحرية لم يحصد منها المواطن غير المزيد من القلق على يومه ومستقبله». وتابع: «لم يعد جائزاً أن يمكث المواطن البريء خلف القضبان، ولم يعد مقبولاً أن تمتد أزمة الأنبار وتستمر معاناة المهجرين والنازحين من دون حل، وأن تغيب الحلول السياسية ويتم الاعتماد على حل عسكري أثبتت الأيام فشله في الحسم»، داعياً إلى «استلهام الدروس والعبر من الإخفاقات، والعمل بشكل جاد وبروح وطنية أساسها الشراكة والتوازن للنهوض بعراقنا جميعاً، عراق ينفتح على أبنائه، ويحقق حياة كريمة من دون إقصاء أو تهميش أو تصفية أحقاد». بغدادالعراق
مشاركة :