في وسط شارع «شجرة مريم» في حي المطرية (شرق القاهرة)، حيث انتشرت بشكل عشوائي البنايات الشاهقة في ظل غياب سلطة الدولة عقب ثورة 25 كانون الثاني (يناير) عام 2011، انهمك عدد من السكان في إزالة مياه الصرف التي غمرت الشارع الذي يبعد أمتاراً قليلة عن «شجرة العذراء مريم»، أحد مزارات السياحة القبطية المعروفة. ولا يجد سكان الحي أياً من مسؤولي المحليات (البلديات) يشكونه همهم الذي تصاعد خلال الأعوام الأخيرة جراء تراجع الخدمات الرئيسة، ناهيك عن الارتفاع غير المسبوق للأسعار على عموم المصريين. وأضحت أول انتخابات للمجالس المحلية بعد ثورة كانون الثاني، والتي تستعد الدولة لإجرائها قبل نهاية العام الحالي، أملاً لهؤلاء وغيرهم من المصريين، لمحاسبة تقصير المسؤولين وحل مشاكلهم، لكن انشغال الأحزاب السياسية بصراعاتها الداخلية عزز من توقعات بتراجع دورها في الاستحقاق المحلي لمصلحة صعود وجوه قديمة محسوبة على نظام الرئيس السابق حسني مبارك وأصحاب الأموال. وكان تحالف «دعم مصر» المحسوب على أجهزة الدولة أعلن إعداد قائمة مرشحين للمنافسة على المحليات، بالإضافة إلى حضور حزب «النور» السلفي الذي اعتاد على تقديم الخدمات لا سيما في المناطق الفقيرة والمهمشة في مقابل حصد أصوات سكانها. فبينما لا يزال الصراع على الزعامة داخل حزب «المصريين الأحرار»، صاحب أكبر كتلة حزبية داخل البرلمان، مشتعلاً بين فريقين، الأول يقوده مؤسس الحزب رجل الأعمال نجيب ساويرس، والثاني بزعامة رئيس الحزب عصام خليل، جاء الدور على حزب «الدستور» الذي كان أسسه المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي، والمحسوب على كتلة المعارضة، إذ تجري داخل أروقته خلافات على قيادة الحزب بين ما يسمى بـ «مجلس حكماء الدستور»، وفريق آخر يرفع شعار «معاً نستطيع»، ويتزعمه خالد داود الذي أُعلن قبل أيام انتخابه رئيساً للحزب، الأمر الذي رفضه «مجلس الحكماء»، مؤكداً «بطلان الانتخابات» التي أجريت، بل قرر مجلس الحكماء إحالة قادة الفريق الآخر على التحقيق. ولا يبتعد حزب «الوفد»، أعرق الأحزاب الليبرالية في مصر، كثيراً من دائرة تلك الصراعات، كما أن الحال داخل أغلب الأحزاب المصرية التي تعدى عددها 80 حزباً، لا يختلف كثيراً، فإما أنها تعاني صراعات على القيادة أو ضائقة مالية، وهو الأمر الذي يهدد مستقبلها في الحياة السياسية المصرية. ولعل انخفاض حصة تلك الأحزاب داخل البرلمان أبرز دليل على ذلك، إذ يمثّل 250 نائباً 19 حزباً أغلبها محسوب على النظام القديم، فيما يوجد تحت قبة البرلمان 346 نائباً مستقلاً. وتترقب الأوساط المصرية إقرار البرلمان مشروع قانون «الإدارة المحلية» الذي سيجري بمقتضاه انتخاب مجالس محلية جديدة، بدل التي تم حلها بعد أشهر قليلة من «ثورة يناير»، وكانت لجنة الإدارة المحلية في البرلمان حسمت الأسبوع الماضي الجدل حول النظام الانتخابي للمنافسة على المحليات باعتماد النظام المختلط بنسبة 75 في المئة من المقاعد وفق نظام القوائم، و25 في المئة المتبقية بالنظام الفردي. ويعوّل الحكم في مصر على حضور الشباب والنساء داخل أروقة المجالس المحلية، حيث حجز الشباب وفقاً لمشروع القانون الذي يجري تداوله ربع عدد مقاعد القائمة، والربع الثاني للمرأة على أن يكون نصف عدد القوائم للعمال والفلاحين، على أن تتضمن القائمة مسيحياً، وواحداً من ذوى الإعاقة على الأقل. وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي دعا الشباب إلى تجهيز قوائم للمنافسة على مقاعد المحليات. في موازاة ذلك، تترقب الأوساط المصرية إعلان رئيس الحكومة شريف إسماعيل عن تعديل وزاري على حكومته يتوقع أن يطيح بنحو تسع حقائب، في الوقت الذي تتصاعد فيه الأوساط المطالبة بتغيير حكومي واسع، وطالبت اللجنة التشريعية في حزب «الوفد» بإجراء تغيير وزاري شامل وليس تعديلاً فقط، بعدما اعتبرت أن الحكومة الحالية «ليست لديها الرؤية الاقتصادية للعبور بالبلاد من أزمتها الحالية وتعثر الصناعة بسبب تحرير سعر الصرف». ورأى رئيس اللجنة التشريعية في حزب « الوفد» حسين خليل، في بيان، أن الحكومة الحالية «ارتكبت العديد من الأخطاء وعلى رأسها تحرير سعر الصرف مرة واحدة من دون النظر للوضع الاقتصادي الحرج للبلاد»، مشيراً إلى أنه «كان يجب أن يكون تحرير سعر الصرف تدريجياً مع وجود رقابة صارمة على الأسواق». وأضاف: «عندما أقدمت الحكومة على تحرير سعر الصرف لم تراع تضرر عدد من الصناعات من جراء تحرير سعر الصرف المفاجئ، ما أدى إلى اختفاء بعض السلع من الأسواق ووجود عدد من الأزمات في الأدوية وغيرها من المواد الضرورية لحياة المواطن، بالإضافة لارتفاع أسعار الأسمدة وغيرها». وكان نائب رئيس مجلس الدولة رئيس قسم التشريع المستشار أحمد أبو العزم أعلن أول من أمس الانتهاء من مراجعة 12 مشروع قانون وتعديلات قوانين على رأسها «الاستثمار» و «العمل» الجديدين، بالإضافة إلى تعديلات على قانون التظاهر، مشيراً إلى أنه ستتم إعادة تلك المشاريع والتعديلات إلى الحكومة لاستكمال إجراءات استصدارها، موضحاً أن غالبية ملاحظات قسم التشريع «لم تتعد ضبط الصياغة وإضافة تعديلات طفيفة على بعض النصوص، حتى تخرج متزنة القوام تحقق الأهداف التي وضعت لأجلها تلك التشريعات أو التعديلات». وأوضح أن قسم التشريع أرسل إلى الحكومة النص المعدل للمادة العاشرة من قانون التظاهر، والتي سبق وقضى بعدم دستوريتها، مشيراً إلى أن الصياغة النهائية جاءت أن «لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص في حال حصول جهات الأمن، وقبل الميعاد المحدد لبدء الاجتماع العام أو المواكب أو التظاهرة، على معلومات جدية أو قرائن أو دلائل كافية عن وجود ما يهدد الأمن والسلم، التقدم بطلب إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية المختصة، لإلغاء أو إرجاء الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة أو نقله إلى مكان آخر أو تغيير مسار التظاهرة، ويصدر القاضي أمراً مسبباً فور تقديم الطلب إليه على أن تبلغ به الجهة الإدارية مقدم الطلب فور صدوره، ولذوي الشأن التظلم من القرار وفقاً للقواعد المقررة بقانون المرافعات». وأضاف أبو العزم إن القسم انتهى أيضاً من مراجعة تعديل قرار وزير الداخلية في شأن اللائحة الداخلية للسجون، والخاصة بتوقيع جزاء الوضع بغرفة خاصة شديدة الحراسة على المسجون حالة إحراز أشياء تصيب الغير بالأذى، أو سرقة مفاتيح السجن أو الهروب أو الشروع فيه، أو إتلاف سجلات السجن أو إشعال النار عمداً أو ضرب مسجون بما يؤدي إلى إحداث إصابة به. وأوضح أن مشروع اللائحة أجاز لأعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان زيارة السجون وتفقد مرافق السجن وتلقي شكاوى المسجونين، وذلك بعد الحصول على تصريح مسبق من النائب العام، محدد به السجن المصرح بزيارته وأسماء الزائرين من الأعضاء وذلك خلال فترات العمل الرسمية، كما أجاز المشروع قبول إيداع أطفال السجينات بحضانة السجن حتى بلوغهم أربع سنوات بناء على طلب المسجونة.
مشاركة :