عشرة أفكار أساسية تمثل نموذج بيئة عمل «غوغل» العالمية

  • 4/12/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

دبي: مساعد الزياني عند سماع مفردة «غوغل» يتبادر إلى ذهنك بشكل مباشر محرك البحث العالمي الشهير، الذي أصبح في قاموس البشر موسوعة المعرفة الجديدة، لدرجة أنك تجد فيه كل ما يمكن أن تتخيله في حياة البشرية، حيث بات هذا الموقع مرجعا لكل شاردة وواردة في أرجاء المعمورة. ولكن، قد لا يعلم الكثيرون أن ما وصل إليه «غوغل» من سمعة كبيرة عند الإنسان لم يكن نتيجة تكنولوجيا فقط، وإنما كان نتيجة لعمل ضخم مبني وتوفير بيئة مبنية على الإنسانية 100 في المائة، من خلال نموذج عمل سبق جميع الممارسات الإدارية والتطبيقات الواقعية التي مارستها أشهر الشركات والمؤسسات والحكومات على مر التاريخ، لكونها كسرت القيود وغيرت مفهوم العمل في الشركات. شركة «غوغل» الأميركية التي تعد واحدة من أشهر وأنجح الشركات العالمية، استطاعت أن تشكل نموذجا للشركات العالمية الحديثة في طريقة تعاطيها مع القطاع الذي تعمل فيه وهو قطاع الإنترنت والتكنولوجيا، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تسارع خطواتها من خلال أدواتها، التي استطاعت أن تغير مسار الحياة البشرية. زارت «الشرق الأوسط» مكتب «غوغل» في مدينة الإعلام بإمارة دبي، والتقت عددا من الموظفين، كانت على رأسهم دوروثي بركل، رئيسة فريق الموارد البشرية لشركاء الأنشطة التجارية حول العالم في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، التي تغطي 30 نطاقا جغرافيا. وتؤكد دورثي أن طريقة عمل «غوغل» مبنية على عوامل إنسانية بالدرجة الأولى، من خلال عشرة أفكار ترسم استراتيجية الموارد البشرية في الشركة الأميركية العملاقة، التي تنتشر مكاتبها حول العالم، حيث يجري تطبيق جميع تلك الأفكار في مكاتب الشركة عالميا. وتتطرق رئيسة فريق الموارد البشرية لشركاء الأنشطة التجارية حول العالم في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا إلى أن العامل الأول يكمن في أهمية العامل البشري، حيث يعد هذا الأمر سر اهتمامهم الكبير بطريقة تعيينهم، وقالت: «إننا لا نعين شخصا في وظيفة بل في مهنة على مسار الحياة، مما يدفعنا إلى اختيار الأشخاص الذين يمكنهم إحداث تأثير كبير، واستخدام التكنولوجيا لتغيير طريقة سير العمل، والقدرة على التوفيق بين الحياة والعمل». وأضافت: «انظر إلى عالم الإنترنت من حولك، وفكر في الدور الذي لعبه هذا العالم في تغيير طرق التعلم المتعارف عليها، وما له من فضل في وصول الأنشطة التجارية إلى العالم، لقد أصبح العالم قرية صغيرة، الأمر الذي يمكننا من التواصل معا في الوقت الفعلي». في حين تكمن الفكرة الثانية في الحرية، حيث تشير دورثي: «لدينا اعتقاد أننا متى منحنا الحرية الكافية للأشخاص، سيذهلنا أداؤهم وهذه حقيقة، وبفضل ما لدينا من أدوات تعاونية، يمكن للأفكار الرائعة أن تأتي من أي مكان، كل ما علينا هو أن نصغي لها جيدا». وزادت: «لنأخذ مشروع الفنون الذي أطلقته (غوغل) كمثال على ذلك، لقد بدأت شرارته الأولى من عامين في إسبانيا، حيث خطرت ببال مسؤول التسويق فكرة رائعة، تقوم على إتاحة الأعمال الفنية الأساسية بمتحف برادو على الحاسب الآلي، وبعد مرور أربع سنوات أصبح هذا المشروع يضم أكثر من 100 متحف حول العالم، كما أصبح المعهد الثقافي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي يتخذ من العاصمة الفرنسية باريس مقرا له، يرحب بالفنانين من شتى أنحاء العالم، هذا وقد طور المعهد تقنيات فريدة لإتاحة اللوحات على الحاسوب بحجم 10x مع تفاصيل عالية الدقة». وتتابع: «تطور الأمر إلى أن أصبحنا نرى اللوحات وأعمال النحت بتقنية العرض ثلاثي الأبعاد على نحو غير مسبوق. إن ما جرى اكتشافه بفضل هذه التقنية، يتعذر على العين المجردة إدراكه، ليس هذا إلا مثالا فقط، لكنه مثال على مشروع لم يولد نتيجة لتعاون بين فريق عمل، لقد جاءت المبادرة من شخص بمفرده تخطت فكرته حدودا لا يمكن تصورها». وعن الفكرة الثالثة، قالت رئيسة فريق الموارد البشرية لشركاء الأنشطة التجارية حول العالم في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بشركة غوغل: «نحن نؤمن بالشفافية، وبناء على ذلك نوفر معلومات لموظفينا قدر المستطاع بهدف توفير السياق اللازم من أجل صناعة قرار أفضل، ودعم سياسة الأبواب المفتوحة التي نتبناها على كل المستويات، إننا نفتح أبوابنا عند حدوث مشكلة، لتوضيح كيفية الاستفادة منها والمضي قدما، وإننا نعقد اجتماعات ربع سنوية على المستوى العالمي، نشارك خلالها الأهداف المحددة للربع التالي من العام، مع تقييم مدى تحقق الأهداف السابقة، وفي إطار ذلك نستخدم ترميزا على غرار إشارات المرور، ونشاركه مع جميع أقسام الشركة، ويسري هذا النظام على المؤسسة بأسرها بغض النظر عن مستوياتها، وأقسامها، ومناطقها، والوظيفة التي تؤديها، كما يعمل الأفراد أيضا وفقا لذلك». وأضافت: «وبالمثل تجري مشاركة معظم (مؤشرات الأداء الرئيسة للموارد البشرية) التي تكون في شكل استطلاعات للرأي، وإتاحتها بشكل عام على المستوى الداخلي». وأكدت أن الفكرة الرابعة تتمحور في المقاييس، حيث يرتبط هذا الأمر ارتباطا مباشرا بالشفافية والحرية، فإذا لم يستطع تقييم ما يؤدون من أعمال، فمن الصعب أن يحرزوا تقدما، ولذلك فإنهم يستخدمون نقاط البيانات قدر المستطاع، ودائما ما يطرحون على أنفسهم تساؤلا «كيف يمكننا قياس نتائج ما نؤديه من أعمال؟»، وكيف يمكن للبيانات أن تساعدهم في استيعاب النشاط التجاري والمؤسسة على نحو أفضل. وقالت: «على صعيد الموارد البشرية، قد تكون على دراية بما أجريناه من أعمال شاملة لقياس مدى فاعلية المديرين، وكان السؤال الذي طرحناه على أنفسنا: (هل يؤدي المديرون الأدوار المنوطة بهم؟)، ويعكس الواقع أنهم يؤدون الأدوار المنوطة بهم، حيث تؤدي الإدارة الحكيمة إلى زيادة الارتياح عند أعضاء فرق العمل، ومن ثم تؤدي إلى نتائج أفضل، ومعدلات احتفاظ أعلى، بعد ذلك أجرينا استطلاعا للرأي حول ما يفعله المديرون الأكفاء، ومن ثم جرى وضع مجموعة من أفضل الممارسات لمساعدة جميع المديرين في صقل مهاراتهم في جميع الوظائف». الفكرة الخامسة التي يقوم عليها برنامج (غوغل) في إدارة العمل تتمثل في «الإبداع والابتكار»، حيث تقول دروثي: «يميل أغلب الأشخاص إلى اعتقاد أن الابتكار يعني منتجا جديدا، في حين أننا نرى أنها نظرة قاصرة للمصطلح، إن الابتكار لا يحده مكان، حيث يحتل الابتكار على صعيد كيفية أداء المهام أهمية كبيرة تضاهي، بل وتتجاوز، أهمية إصدار المنتجات الجديدة الكبيرة، الابتكار هو أسلوب تفكير نهدف إلى نشره داخل (غوغل)، سواء أكان في صورة تجربة شيء جديد، أم تجربة فكرة، مع قبول الإخفاق والتعلم من الأخطاء، وإننا نعتقد أن كل شخص يجب أن يكون على استعداد للإخفاق دون أن ينال ذلك من عزيمته». وزادت: «يؤدي تعزيز ثقافة الابتكار وإطلاق العنان أمام الأفكار الجديدة لترى ما يمكن أن تصل إليه، إلى حدوث أشياء مدهشة. في (غوغل)، يمثل الفريق المسؤول عن الطعام فكرة مبتكرة، ليس بناء على طلب مباشر ولكن لأن الابتكار عندنا أسلوب حياة». سادس الأفكار التي تتبناها «غوغل» هي الملكية، حيث تؤكد دورثي أن شركتها تتبنى سياسة تضمن لجميع الأشخاص العمل الجاد، حيث إنهم يشجعون أسلوب إشراك الجميع في العمل، وتضيف: «يشمر الجميع عن سواعدهم مع الاستغراق في التفاصيل من أجل إنجاز المهام، ومن شأن هذا الأسلوب أن يساعد الموظفين في استيعاب المنتجات بعمق، كما نعتقد أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع بالتساوي، ويدخل في ذلك أيضا تنظيف قاعة الاجتماعات بعد الانتهاء من استخدامها، بغض النظر عن موقعك في التدرج الوظيفي». وتقول: «ذلك لأننا نؤمن بأن النتائج والتأثير يحتلان أهمية تفوق المناصب والأماكن، كما نعتقد إمكانية إنجاز العمل من أي مكان، وأن إحراز النتائج الرائعة غير محدد بمكان، ودائما ما نضع مصلحة (غوغل) نصب أعيننا بغض النظر عن المكاسب الفردية، ومن ثم نشجع الأشخاص على طرح الحلول الخاصة بهم وتحمل مسؤولية حل المشكلات». السرعة تعد سابع الأفكار التي تتبناها «غوغل»، حيث تعد من الأشياء الأساسية التي يجب أن تتحلى بها الشركة، لا سيما وهي تنمو يوما بعد يوم، حيث يشهد العمل تطورا في اتجاهات جديدة، مما يحتم احتواء مثل هذه الأنشطة الجديدة وتهيئة المؤسسة لذلك، الأمر الذي يتطلب التحلي بقدر كبير من السلاسة. ودائما ما نعيد تقييم طريقة العمل، أكثر من الشركات الأخرى. وتقول رئيسة فريق الموارد البشرية لشركاء الأنشطة التجارية حول العالم في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في «غوغل» إن فرق العمل والمسؤوليات تتمتع بقدر كبير من السلاسة، فمن المهم مواكبة التغيير بشكل متواصل والبحث عن أعمال جديدة مثل فرص التعليم وصقل المهارات. وقالت: «قد جرى تحسين هذا الأمر إلى حد كبير نظرا لأن الكثير من فرق العمل لدينا تعمل على نحو افتراضي في الوقت الحالي، حيث إنها تجاوزت ما وراء الوجود المادي والمناطق الزمنية بفضل حدوث جميع التفاعلات عبر الإنترنت، الأمر الذي حقق نجاحا كبيرا، وبالطبع، لا يمكننا التشديد على أهمية التفاعل وجها لوجه بين الحين والآخر لضمان تقوية وتوثيق العلاقات، ولكن يمكن الاهتمام بذلك الأمر جنبا إلى جنب من دون الحاجة إلى الوجود المادي الثابت». الفكرة الثامنة تتضمن القدرة على التعلم، حيث تشهد المنتجات والميزات وطرق الاستخدام تطورا بوتيرة سريعة جدا، وتعتقد «غوغل» أنها لا تستطيع مواكبة هذا الأمر بما لديها من معارف سابقة، ومن هنا تأتي الحاجة الملحة لتعلم الموظفين التحلي بالخبرة الكافية، وتعلم الأشياء الجديدة التي تؤهلهم لمواكبة هذه التغييرات. وأشارت دورثي «لا نتوقع أن يتقن الجميع كل المهارات، لكن من المهم أن نستثمر وقتا طويلا في مواكبة الابتكارات الهائلة، وبناء على ذلك يجري تدريب جميع الأشخاص على قدم المساواة بغض النظر عن المستوى الوظيفي». «كن طموحا»، تلخص الفكرة التاسعة في أفكار نموذج «غوغل» الوظيفي حيث تهدف إلى حل المشكلات المستعصية، وتفضل مواجهة التحديات الصعبة، الأمر الذي يطلق عليه «بلوغ القمر»، وقالت دورثي: «ومن الأمثلة على ذلك، السيارات من دون سائق، أو مشروع البالونات لتغطية المناطق البعيدة من هذا الكوكب بشبكة الإنترنت اللاسلكية (الواي فاي) وتعمل مثل هذه المشروعات على فرض معايير صعبة جدا على الجميع، وعلى صعيد الموارد البشرية (كيف يمكننا المساعدة في إعداد أكفأ المديرين على مستوى العالم؟)». الفكرة العاشرة تتمحور حول «المرح»، حيث يمكن إنجاز كل هذه المهام مع الاستمتاع بالمرح، وهذا الأمر هو سر تخصيص مساحة يمكن للأشخاص الاستمتاع بأوقاتهم فيها، وأوضحت دورثي: «يمكننا المزاح على نجاحنا وإخفاقنا، وتقبل النقد على الملأ ويسري ذلك أيضا على المديرين، فمنذ ثلاثة أسابيع في باريس، قضى فريق الإدارة فترة ما بعد الظهر كاملة، التي ضمت اجتماعا، متنكرين في صورة شخصيات كوميدية اختارها أعضاء فرق العمل لديهم، حيث كان لهذا الأمر مدلول بارز لديهم!». وأكدت دورثي أن مكتب الشركة في دبي بات من أكثر المكاتب حركة على مستوى العالم، وهو واحد من أهم خمسة مكاتب للشركة على أرجاء المعمورة، خاصة في ظل النمو السريع الذي تشهده المنطقة في التعامل مع منتجات الشركة. وأضافت: «نعمل على مشاريع متعددة، منها تصوير المواقع في مدن المنطقة، والعمل مع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى التواصل مع المجتمع عن طريق برامج تعليمية في كيفية الوصول إلى الإنترنت واستخدام منتجات (غوغل)». وأكدت أن السوق السعودية والمصرية والإماراتية تعد أبرز الأسواق بالمنطقة في مختلف منتجات «غوغل»، مؤكدة سعيهم لتثقيف المستخدمين في كيفية الاستفادة من الإنترنت.

مشاركة :