موجة الغلاء في مصر تزيح الكاريكاتور السياسي جانباً

  • 2/1/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لم تعد السياسة العباءة الحاضنة لغالبية فناني الكاريكاتور كما كانت إبان تأجج أحداث الربيع العربي قبل نحو ست سنوات. فالمهيمن في الوقت الراهن هو ما خلّفته تلك الأحداث من تداعيات اقتصادية، في مقدمها غلاء أسعار السلع الغذائية، ما أنهك جيوب محدودي الدخل. وفي هذه «البيئة»، استضاف «مركز الحرية والإبداع» في الإسكندرية المعرض السنوي الخامس لفن الكاريكاتور في قاعة الأخوين وانلي. واختار القائمون على المعرض من أعمال الرواد ما يتماشى مع فكرة الغلاء والأزمة الاقتصادية رغم عدم استخدامها كعنوان واضح للمعرض أو ثيمة أساسية تدور حولها أعمال الفنانين. يضم المعرض نحو 90 عملاً حملت تواقيع فنانين من أجيال عدة، دار معظمها في فلك التداعيات الاقتصادية للربيع العربي وأثرها على المواطن البسيط الذي تبعثرت أولوياته في ظل بحثه الدائم عن لقمة العيش والحياة الكريمة. ومن أعمال مصطفى حسين، صاحب أشهر الشخصيات الكاريكاتورية التي رسمها بأفكار للكاتب الراحل أحمد رجب وجسَّدتها مسلسلات تلفزيونية كوميدية، عرضت لوحة تتضمن شخصيتين شهيرتين: «المذيعة الفصيحة» و «الموظف الغلبان». كما عرض عدد من أعمال الأب الحقيقي لفن الكاريكاتور العربي محمد عبدالمنعم رخا (1910 - 1989) إبان موجة التضخم في ثمانينات القرن الماضي. وضم المعرض عدداً من أعمال حسن حاكم ومشاغبات «الضاحك الباكي» صلاح جاهين. وهناك أيضاً أعمال لعبدالعزيز تاج وسمير عبدالغني وعمرو فهمي وأحمد الباز، وغيرهم. امتازت اللوحات المعروضة بعمق الخطاب النقدي اللاذع لحكومات تعاقبت في مصر وأداءاتها الاقتصادية. وتسيد النسق النقدي للواقع الاقتصادي بقرارته الخاطئة أحياناً، القاسية أحياناً أخرى والتي قد يشوبها حسن النيات أو سوؤها أو حتى فساد أخلاقي مستتر. ومع ذلك، لم يخل عدد قليل من اللوحات من نقد سياسي للأحداث القريبة مثل فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية، والخلافات العربية - العربية واستغلالها من الغرب. يقول الفنان أحمد الباز: «كثير من الاقتناعات تغيرت والأيديولوجيات تناقضت في ظل تبعثر الأولويات لتطفو على السطح تداعيات الربيع العربي الاقتصادية والاجتماعية وتكون هي المهيمن. وهذا ما دعا كثراً من الفنانين إلى التعبير عن واقع يعيشونه بحذافيره ويتوافقون عليه من دون حوار مباشر بينهم». ويضيف: «نعيش موجة من الغلاء وتوحش الأسعار وفساد الأخلاق واستغلال التجار... هذا حديث الشارع والكاريكاتور فن الشارع». تناول الفنانون الشباب المشاركون كثيراً من القضايا الاقتصادية المتعلقة بقرض صندوق النقد الدولي لمصر وتعويم الجنيه وارتفاع أسعار الذهب. ومما أثار الانتباه حضور الرسامات في الأعمال النقدية الساخرة، فلم تقل أعمالهن تميزاً ومشاغبة وخفة ظل عن إبداعات الرسامين، ومنها أعمال مارينا ناجح ودينا عبدالجواد ونور أبو ضيف وهالة الحداد التي أشاد الجمهور برشاقة فرشاتها وكرنفالية ألوانها وحرفية خطوطها. ولوحظ انحسار استخدام التكنولوجيا والتقنيات الحديثة لمعالجة الأعمال، وقد يعود سب ذلك إلى كثرة أعمال الرواد حيث الفرشاة والألوان وخطوط القلم، بعيداً من الغرافيك وبرامج المعالجات الحديثة التي يستخدمها الرسامون الشباب في أعمالهم الفنية.

مشاركة :