أعلنت «خلية الإعلام الحربي» العراقية أنه تم إلقاء ملايين المنشورات والصحف على الجانب الأيمن من مدينة الموصل تتضمن حث المواطنين على الاستعداد لعمليات التحرير. وحسب وكالة الأنباء الألمانية، جاء في المنشورات: «قواتكم المسلحة حسمت أمرها وتتقدم صوب الجانب الأيمن... عازمة على تطهير كل مناطقكم... استعدوا لاستقبال أبناء قواتكم المسلحة والتعاون معهم كما فعل إخوانكم في الجانب الأيسر لتقليل الخسائر وتسريع الحسم». وكانت قيادة عمليات «قادمون يا نينوى» قد بدأت في نصب جسور عائمة على نهر دجلة تحضيرا للعمليات. في غضون ذلك، يسود الخوف من المستقبل في الجانب الأيسر من المدينة الذي أعلنت القوات العراقية مؤخرا تحريره بالكامل، وهذا ما عبر عنه سكان لوكالة رويترز. فعندما اجتاح مقاتلو تنظيم داعش الموصل عام 2014 دخلوا صالة البلياردو التي يملكها مناف يونس وأعلنوا أن هذه اللعبة حرام وأخذوا معهم كرات البلياردو ووجهوا له إنذارا شديد اللهجة. وفجأة أصبحت الصالة مهجورة بعد أن كانت تغص باللاعبين في كثير من الأحيان حتى منتصف الليل. ولمدة عامين علا التراب صورا لجوائز كان يونس يفتخر بها وظلت مناضد البلياردو مغطاة. ورغم الفرحة التي بدت على يونس مثل كثيرين غيره من أصحاب الأعمال الصغيرة في المدينة، بعد تحرير جانبها الأيسر، فإن هذه الفرحة يكبلها الغموض الذي يكتنف مساعيه لإعادة حياته إلى سيرتها الأولى. كان تنظيم داعش قد فرض تفسيره المتشدد للشريعة في الموصل، ثانية أكبر المدن العراقية، بعد أن جعل منها عاصمته الفعلية، فمنع تدخين السجائر والتلفزيون والراديو وأرغم الرجال على إطالة لحاهم والنساء على تغطية أجسادهن من الرأس إلى أخمص القدمين. قال يونس وهو يرفع تذكارا من بطولة يعيد إليه ذكريات الأيام الخوالي: «أنا مفلس. اضطررت لبيع سيارتين كنت أملكهما لكي أعيش. والآن يطالبني صاحب السكن بإيجار متأخر لعامين». قطب يونس جبينه عندما ترددت في البعد أصداء انفجاراتن إذ تتبادل القوات العراقية والمتشددون النيران على امتداد نهر دجلة الذي يقسم المدينة إلى شطرين. وكانت الموصل قبل اجتياحها مركزا تجاريا ومركزا للتعليم العالي. وأضاف يونس: «هذه الانفجارات تضر بالنشاط. فهي تهز مناضد البلياردو وتخل بتوازنها». وتسبب القتال بالفعل في دمار واسع. فقد تهدمت عشرات المباني في القصف الجوي لطائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وأحدث القصف حفرا ضخمة دمرت الطرق. وانهارت أسقف مبان على الأدوار السفلى. وبدت على مبان أخرى فتحات أحدثتها الصواريخ ونيران المدافع الرشاشة. ولا تزال قذائف الهاون تسقط على المدينة وأصداء النيران تتردد. وعلى الناحية الأخرى من صالة البلياردو يقع ما تبقى من جامعة الموصل التي كانت في وقت من الأوقات من أرقى المؤسسات التعليمية في الشرق الأوسط. وقد باع تنظيم داعش المخطوطات الأثرية التي كانت في الجامعة وفرض نظاما تعليميا خاصا حظر فيه تداول كتب الفلسفة. وعندما وصل الجيش أحرق المتشددون الكثير من مباني الجامعة وتركوها أكواما من الرماد. وتناثرت على الأرض بضع صفحات من كتب جامعية عن علم أمراض الدم واختلطت بالركام. وفي طابق علوي حيث تقع الكافيتريا كانت الموائد والمقاعد محترقة تحت فتحات ضخمة في الأسقف من جراء الغارات الجوية. ووقف عدد قليل من أصحاب المخابز والمطاعم في الحي بلا عمل. وراحوا هم أيضا يتذكرون ما مروا به من صعوبات في ظل حكم تنظيم داعش، وقالوا إن المتشددين وزوجاتهم كانوا يظهرون فجأة وهم يحملون بنادق كلاشنيكوف ويقفزون إلى الصفوف الأمامية ويطالبون بتخفيضات في الأسعار. قصي أحمد الذي يملك مطعما قال إن المتشددين جروه جرا إلى سجن تابع لهم وعذبوه أربعة أشهر بعد أن اتهموه بالسرقة، قال: «انتزعوا أظافر قدمي». ربما يكون الجلادون قد اختفوا لكن تحديات جديدة ظهرت، إذ ليس لديه أو لدى أصحاب المطاعم الأخرى مصدر لمياه الشرب، كما أن الكهرباء شحيحة ولا يوجد زبائن تقريبا.
مشاركة :