سامراء من وامعتصماه إلى جدار حزب الدعوة بقلم: حامد الكيلاني

  • 2/1/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لماذا السعي لإيصال الرسالة الطائفية بعزل المواطنين عن المرقدين في تثبيت وجهر بعدم الثقة بمن كانوا لأكثر من ألف عام رعاة حقيقيين لتلك المزارات المزروعة في وجدان الناس وذاكرة أجيالهم. العربحامد الكيلاني [نُشرفي2017/02/01، العدد: 10530، ص(9)] أقضية ما يعرف بحزام بغداد أو محيطها وأطرافها، يبلغ تعدادها السكاني 3 ملايين نسمة، هذه المناطق عانت من التهميش الطائفي واستُهدِفت أمنيا وتحملت أوزار الدفاع عن نسيجها الاجتماعي بإمكاناتها الذاتية وقدمت الضحايا في المواجهات مع إرهاب الجماعات المسلحة والميليشيات. قضاء الطارمية الذي تصدَّر واجهة الأخبار في الأيام الماضية يقع شمال بغداد ويقطنه نصف مليون نسمة من العشائر العربية، يشتهر ببساتينه التي تعتبر رئة لبغداد؛ الطارمية لم تشهد تداعيات أو خروقات كبيرة ولم تكن عبئا على الوضع الأمني للعاصمة، لكنها مثل باقي المدن تأثرت بحكومات الاحتلال ومجريات الصراع السياسي بين المكونات والنزوع إلى التعامل المسبق والشك بها كعدو لا ينتمي إلى طائفة الحزب الحاكم، وهي فعلا لا تنتمي إلى المشروع الإيراني، وهذا جوهر الخصومة وأسبابها في عراق ما بعد الاحتلال. الطارمية، اسمها مشتق من “الطغار”، وهي وحدة قياس كانت تستعمل في زمن الدولة العثمانية، أما مية فتعني الرقم 100، وحذف حرف الغين منها لسهولة اللفظ كما درجت عليه التسميات. اختفى في الطارمية ضابط شرطة، وبدلا من الإجراءات القانونية في البحث والتقصي، تم اقتحامها بعملية وصفها رئيس الوزراء حيدر العبادي بالعملية العسكرية المحدودة وبمشاركة فصيل من الحشد الشعبي. رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية استغرب اتهام العبادي لهيئة الحشد باختطاف مدنيين من الطارمية؛ الغريب أن يأتي هذا الاستغراب من رئيس لجنة برلمانية تُعنى بالأمن؛ رئيس الوزراء في تصريحه بدا أنه لم يكن على علم إنما تم اطلاعه كالآخرين بعملية الاختطاف. الحقيقة ماثلة في إلقاء القبض وإهانة وغوغاء على مجاميع من المستطرقين في الشوارع ودون أوامر ضبط أو تبليغ بقوائم لأسماء مطلوبة أو معلومات، إنما على طريقة ردود الأفعال العشائرية، وبعيدا عن القانون أو الإنسانية، مما أثار الهلع والمخاوف مجددا من غياب الدولة والاستراتيجيات الأمنية، وتعدد الجهات المنضوية في العناوين العامة للقانون لكنها تحمل السلاح لغايات تنفيذ أجندتها وولائها الطائفي، ولا تتوقف عند مفصل مهم يؤدي إلى إحراج رئيس الوزراء الذي تكفل بتبعية هيئة الحشد الشعبي وفق القانون لأوامره مباشرة. التجاوزات والخروقات متسلسلة وبلا رادع، واختطاف 41 مواطنا من الطارمية مع تواجد فصائل من الحشد الطائفي أمام الجامع الكبير في شرق مدينة الموصل براياتهم المذهبية والحزبية الخاصة خلافا لكل تعهدات العبادي في محدودية الواجبات العسكرية لحشد الفتوى الطائفية المقتصرة على العزل والتطويق ومن المحور الغربي فقط باتجاه مدينة تلعفر، والتي تحولت كما أكدنا مراراً إلى حصار للموصل وأهداف تتعدى بمراحلها المتتالية ما أعلِنَ عنه رسميا عند بدء المعركة، ومنها القصف المدفعي الذي استهدف مؤخرا قوات من البيشمركة الكردية المتمركزة في قضاء سنجار، وسبقتها خروقات في سهل نينوى وعمليات إعدام ميدانية خارج القانون بما ينذر بعواقب أمنية وانفلات متوقع يتماهى مع الواجبات والأوامر والتوجهات الإيرانية لحصد نتائج معركة الموصل سياسيا وجغرافيا وطائفيا، والتهيئة لعراق بمزاج إيراني مطلق، في مواجهة متغيرات حتمية لسياسة الإدارة الأميركية الجديدة عسكريا واقتصاديا. ورقة التسوية التي طرحها التحالف الوطني، لها صورة وكتابة، أي وجهان لعملة واحدة، كلاهما أقبح من الآخر لأنهما، لا يؤسسان الغد على قاعدة الثقة وهي شرط لأي علاقة يراد لها النهوض أو الاستمرار. لا يمكن البناء على الوجه الظاهر من الاحتلال إلى الحاضر، هناك انتكاسات ومصائب كبرى؛ استحالة أن يتم تجاوزها وغض النظر عنها، تحتاج إلى المعالجة والبراءة من جرائمها وما أدت إليه من انقسام مجتمعي وزعزعة للسلم الأهلي؛ بعضها يتعلق باستمرار العمل بقوانين الحاكم المدني لسلطة الاحتلال بول بريمر وحل المؤسسات والإصرار على تمرير الدستور المكتوب بإرادة المحتل والمحاصصة الطائفية بأغلبيتها الدكتاتورية وجنوحها لفرض اقتباسات مصادر تأسيس الخلاف في بنية النظام السياسي العام، وهي ولاءات إيرانية فاضحة لا تتبرأ منها الأحزاب الطائفية الحاكمة. الوجه الباطن، أو المفروض أن يكون خفيا، في توقيت طرح التسوية، يبدو فظا وغليظا، ابتداء من مواكبته لمعركة الموصل وهي فاصلة بكل المقاييس، وفي عهدة نهاية فترة انتخابية وبداية أخرى، وتمرير قانون هيئة الحشد الشعبي بالأغلبية الطائفية، وهو قانون أجهز بضربة واحدة على أي حلم لعراق مدني قائم على هوية المواطنة وبدولة ذات سيادة مستقلة وجيش وطني مهني وأجهزة أمنية لا ولاء لها إلا للوطن والشعب. الطامة الكبرى سياسة الجدران والخنادق حول المدن لتبريرات أمنية، والأكثر إيغالا بينها كوسيلة إيضاح لنيات رسم خارطة إرساء قواعد التقسيم والاستحواذ الطائفي، ما يجري في سامراء وهي من أكبر مدن محافظة صلاح الدين بعد مركزها تكريت؛ تقع على بعد 120 كلم شمال بغداد. قيادة العمليات في سامراء أعلنت عن بناء سور يطوق المدينة القديمة التي تضم المرقدين، اللذين تسبب تفجيرهما في 22 فبراير 2006 في نشوب حالات انتقام اقتربت من الحرب الأهلية حينها؛ لماذا السعي لإيصال الرسالة الطائفية بعزل المواطنين عن المرقديْن في تثبيت وجهر بعدم الثقة بمن كانوا لأكثر من ألف عام رعاة حقيقيين لتلك المزارات المزروعة في وجدان الناس وذاكرة أجيالهم؟ التسوية، إذا كانت الجهة التي طرحتها صادقة، عليها أن تبدأ بإعادة العراق الذي نعرفه وطنا للجميع من سامراء؛ هذه المدينة التي كانت في يوم ما عاصمة للمعتصم بالله تحافظ عليها القبائل العربية، كما ترعى وتستبسل في الحفاظ على عروبة بغداد. المدن كانت تُبنى حول قبر أو مقبرة، وسامراء مدينة لمقبرة علي الهادي، وهي على غرار الكاظمية والأعظمية؛ المؤرخون يؤكدون أن علي الهادي كان يسكن في بيت مالكه مسيحي، ثم تحول إلى مدفن وكان ذلك بداية سامراء؛ في رِفعة هذه المعاني تتم المصالحة والتسوية؛ من ينشئ الجدار لا يريد التسوية إنما التطويق والعزل، أليست هذه مهمة الحشود الطائفية كما في معركة الموصل؟ أهالي سامراء اجتمعوا ورفضوا بناء الحاجز الذي يقسم العراق وليس سامراء فقط إلى طوائف متناحرة، مشكوك في تعايشها ومواطنتها؛ أسوار وخنادق تطوق المدن ومنها بغداد، ومشكلات وريبة بين المحافظات تؤسس لحالة من الذعر والإخفاق الأمني والسير خلف رغبة المرشد الإيراني في تعويق العراق ومنعه من الاستقرار أو العودة إلى جذوره وأمته وسماحة حضاراته الراقية. تداعيات الحياة في سامراء أو الطارمية واختطاف مواطنيها، وقبلها المآسي في معظم المدن المطلوبة للإرهاب الإيراني والداعشي، وكذلك مأزق المدن الأخرى المطلوب تجهيلها وعزلها داخل حدودها المذهبية وإشغالِها بالفقر والتجويع وهاجس الموت دفاعا عن المراقد داخل الوطن وخارجه؛ وبكل ما ذكرناه وما لا يتسع المجال لذكره؛ ليست هناك غرفة عمليات مشتركة في العراق لتضميد الجروح والكشف الدقيق عنها والاعتراف بالأخطاء المشينة والرجوع إلى نقطة التقاء بناء الدولة. سامراء صورة مستقبلية لعراق على قياس المشروع الإيراني، كما هو اتفاق البلدات الأربع في سوريا صورة مصغرة لما يتحقق من المشروع الإيراني كل يوم على أرض الشام. كاتب عراقي حامد الكيلاني :: مقالات أخرى لـ حامد الكيلاني سامراء من وامعتصماه إلى جدار حزب الدعوة, 2017/02/01 هل من فدية لإطلاق سراح العراق المختطف, 2017/01/28 ثرثرة رأسمالية عند بوابة كافتيريا واشنطن, 2017/01/25 السياسة الأميركية على كرسي متحرك في حفل تنصيب ترامب, 2017/01/21 رؤية العبادي والملتقى بغداد, 2017/01/18 أرشيف الكاتب

مشاركة :