لبنان فوق «صفيح» الصراع «الساخن» على قانون الانتخاب - خارجيات

  • 2/2/2017
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

دخل لبنان أمس شهراً مفصلياً في مسار الأزمة التي بدأ يتّجه إليها منذ أن وُضعت البلاد في «عنق» قانون الانتخاب العالقِ «في شِباكِ» فيتواتٍ متبادلة، وسط تَشابُك الاعتبارات الانتخابية والسياسية المتضارِبة كـ «خيوط العنكبوت» بما يجعل إحداث الاختراق المطلوب ضمن المهل الدستورية الفاصلة عن الانتخابات النيابية (في مايو المقبل) أمراً بالغ الصعوبة. وغداة سقوط صيغة القانون المختلط الذي يَجمع مناصفةً بين نظاميْ الاقتراع الأكثري والنسبي والتي قدّمها «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) بعد «جبهة الرفض المحكَمة» بوجهها وخصوصاً من الزعيم الدرزي وليد جنبلاط والثنائي الشيعي رئيس البرلمان نبيه بري و«حزب الله»، ومع اقتراب «ساعة الصفر» في ما خصّ استحقاق دعوة الهيئات الناخبة وفق القانون النافذ حالياً (المعروف بالستين) الذي يخوض الثنائي المسيحي «التيار الحر» وحزب «القوات اللبنانية» معركة «طاحنة» لإسقاطه، فإن المشهد «المسدود الأفق» حتى الساعة تَرافق مع تَبلْور مجموعة «خطوط دفاع» حيال المرحلة المقبلة واحتمالاتها وأبرزها: • بدء تشكُّل منطق دستوري بوجه تهديد رئيس الجمهورية بالفراغ في السلطة التشريعية تحت عنوان «لا لانتخابات وفق قانون الستين ولا لتمديد ثالث للبرلمان»، وهو الأمر الذي لوّح عون بترجمته من خلال عدم توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة (يفترض ان يحصل خلال اسبوعين) بحسب القانون النافذ، فاتحاً الباب أمام إمكان انتهاء ولاية البرلمان في 20 يونيو قبل التوصل الى قانون جديد يمدّد ولايته تقنياً. وفي حين كرّر الرئيس اللبناني «انه اذا وصلنا الى مرحلة الخيار بين الفراغ او قانون الستين، فإن خياري هو عدم دعوة الناخبين»، فإن آراء دستورية بدأتْ تتحدّث عن أن لا فراغ في السلطة التشريعية، وانه في حال بلوغ 20 يونيو ولم تجر الانتخابات، يمكن هيئة مكتب مجلس النواب ان تتسلّم تصريف الأمور إلى حين إجراء الانتخابات، في موازاة رأي آخر يقول بأن يستمر المجلس في عمله إلى حين إجراء الانتخابات. • طرْح علامات استفهام كبرى حول ردّ فعل «حزب الله» وبري على اي محاولة لجعل الموقع الأول للطائفة الشيعية في السلطة الدستورية رهينة الفراغ على غرار ما حصل مع رئاسة الجمهورية. وبين هذيْن الحدّيْن تدور حسابات الأطراف الوازنة في لبنان في مقاربتها قانون الانتخاب حول هذه الثوابت: • إصرار «التيار الحر» و«القوات اللبنانية» على استكمال ما اعتبروه بداية تطبيق «النسخة اللبنانية» من اتفاق الطائف والتي كانت الخطوة الاولى على طريقها انتخاب «الرئيس القوي» (عون)، وذلك من خلال إقرار قانون انتخاب جديد «يحرّر» المقاعد النيابية المسيحية بغالبية كبيرة من تأثير الطوائف الأخرى، وهي «معركة» يخوضها الثنائي المسيحي مع تلويح بـ «مواجهة» لا تستثني الشارع. وكان رئيس «القوات» الدكتور سمير جعجع واضحاً امس بكلامه، الذي ردّ فيه ضمناً على اعتبار النائب جنبلاط (عبر الوزير وائل ابو فاعور) ان هناك انقلاباً على اتفاق الطائف ودعوته وبري الى تطبيق الطائف لجهة انتخاب برلمان خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس شيوخ، معلناً «لن نقبل أي تلاعب بالطائف ونريد قانوناً جديداً، وقبل الانتقال الى مراحل أخرى في هذا الاتفاق يجب أن نبدأ بمجلس منتَخب على أساس القيد الطائفي، الأمر الذي لم نشهده منذ 26 عاماً حتى الآن إلا تزويراً وبهتاناً». وإذ لفت الى ان مَن لديه اقتراح يُحسّن التمثيل بمستوى القانون المختلط، ويسير به الجميع «فنحن منفتحون عليه ولكن خلال ساعات وأيام فقط باعتبار ان ساعة الصفر للتوصل الى قانون جديد قد حانت». • تعاطي «حزب الله» بريبة مع اي قانون يرمي إما الى منح الثنائي المسيحي ثلثاً معطلاً في البرلمان ربطاً بالانتخابات الرئاسية المقبلة ولقطع الطريق على مرشّحه اليها النائب سليمان فرنجية، وإما الى السماح للثنائية «المارونية - السنية» (بين التيار الحر والقوات وتيار «المستقبل») بالحصول على أكثرية وازنة في البرلمان قد تتجاوز الثلثين ما يعني خسارته كل مفاتيح التحكّم باللعبة السياسية. • إصرار تيار «المستقبل» على سقف «المختلط» كقانونٍ يمكن السير به مع رفْض اي صيغة تعتمد النسبية الكاملة «في ظل السلاح» (حزب الله) لاقتناعه بأن الهدف من مثل هذا القانون تحجيم تمثيله وتالياً تهديد امكان عودة الرئيس سعد الحريري «البديهية» الى رئاسة الحكومة كعنصر توازن داخلي - اقليمي بوجه «حزب الله» وامتداده الايراني. • توجُس النائب جنبلاط، انطلاقاً من اعتبار الشوف وعاليه «آخر معقل للدروز في الشرق الأوسط»، من نيات لتقزيم دوره و«الانتقام» من تموْضعات سابقة كانت له وأتاحت إحداث تغييرات جوهرية في الوقائع اللبنانية، من خلال «محو» اي امكان ليلعب مجدداً دور «بيضة القبان» عبر كتلة وازنة درزية - مسيحية، وهو في ذلك يبدو عالقاً بين مطرقة النسبية التي يصرّ عليها «حزب الله» وبري والتي تسبب له المتاعب في البيت الدرزي، وبين سندان تمسُّك «التيار الحر» بالمقاعد المسيحية في هاتين الدائرتيْن. وبعدما كان وفدان من كتلة جنبلاط رفعا السقف والصوت عالياً جداً بوجه عون وحتى «القوات»، أكمل الزعيم الدرزي شخصياً عبر «تويتر» معلناً «كفى إسقاط مشاريع انتخابية تفرّق ولا تجمع ومخالِفة للدستور، طبّقوا الطائف والتهويل بالفراغ غير دستوري»، قبل ان يزور بعد ظهر امس الوزير السابق وائل ابو فاعور الرئيس الحريري رافعاً معادلة «لسنا معنيين بأي صيغة خارج نطاق الاقتراع الأكثري والطائف». ومن خلف خطوط الاشتباك هذه التي عكست احتقاناً سياسياً يشي بتفاعلات سياسية طائفية، فإن حرص أعضاء اللجنة الرباعية (تضم ممثلين لبري والحريري وحزب الله والتيار الحر) على تأكيد عدم استقالتها من محاولاتها الرامية الى التوصل الى صيغة جديدة، يأتي وسط فيتوات متبادلة على الصيغ الأخرى المتداوَلة المحكومة باستحالات تتصل بالنسبية الكاملة او الجزئية. وكان بارزاً أمس تأكيد الرئيس الحريري خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء عدم الوصول الى «طريق مسدود» في ما خص المساعي لإقرار قانون جديد وإجراء الانتخابات، معلناً «يجب ان نملك القدرة على التضحية لبلوغ قانون لا يثير المخاوف لدى أيّ مكون من المكونات السياسية والطائفية». وفي إشارة الى علاقته مع عون، قال «انني على خط واحد مع فخامة الرئيس، وأريد ان أطمئن الغيارى الذين يراهنون على تخريب العلاقة بين أهل الحكم، بأن شيئا من ذلك لن يحصل، وان التفاهم على حماية الاستقرار السياسي، راسخ ومتين وأقوى من أن تهزه دعوات النافخين في رماد الماضي».

مشاركة :