أحدثَ مقتل 19 شخصاً في آخر تصعيد للقتال في أوكرانيا، الأربعاء، قلقا دوليا بشأن تصاعد النزاع الدامي في البلد الذي يعتبر الساحة الخلفية للاتحاد الأوروبي. فقد تبادلت القوات الحكومية والمدعومون من روسيا قذائف الهاون والقذائف الصاروخية، لليوم الرابع حول مدينة أفديفكا الشرقية المضطربة، الواقعة شمال دونيتسك التي أعلنها المتمردون عاصمة لهم. وقال الجيش الأوكراني إن 3 من جنوده قُتلوا ليل الثلاثاء، بينما أعلن المتمردون أن 4 مدنيين قتلوا. وقام المئات بوضع الزهور في ساحة الاستقلال في كييف، فيما حمل الجنود الأوكرانيون أكفان رفاقهم الذين قتلوا في تصاعد العنف، مؤخرا. وتسببت الاشتباكات في أفديفكا في انقطاع التدفئة والماء عن أكثر من 20 ألف شخص، في فصل الشتاء البارد جدا، فيما لا تلوح في الأفق بوادر انفراج. ويأتي القتال في مرحلة مهمة بالنسبة لأوكرانيا، وسط تزايد المخاوف في كييف من تقلص الدعم الأميركي، مع وصول دونالد ترمب إلى الرئاسة الأميركية، الذي يسعى إلى إصلاح العلاقات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتن. وفي جلسة طارئة، دعا مجلس الأمن الدولي بالإجماع، الثلاثاء، إلى عودة فورية لوقف إطلاق النار في أوكرانيا. وأعرب أعضاء المجلس عن «قلقهم الشديد حيال التدهور الخطير للوضع في شرق أوكرانيا، وتأثيره على السكان المدنيين». وقال المجلس: «القتال الكثيف في المناطق المحيطة بأفديفكا، خلال الأيام القليلة الماضية، هو انتهاك سافر لوقف إطلاق النار الذي نصَّت عليه اتفاقيات مينسك». ووقع وقف إطلاق النار في العاصمة البيلاروسية في فبراير 2015، وانتهك مرارا، إلا أنه لا يزال يعتبر أفضل أمل لإحلال السلام، في البلاد التي كانت في فترة ما جسرا بين روسيا والغرب. كما أعربت الولايات المتحدة عن قلقها، حيال تجدد المواجهات. وقالت وزارة الخارجية: «الولايات المتحدة قلقة للغاية من تجدد أعمال العنف أخيرا، التي بلغت ذروتها في شرق أوكرانيا». وعبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرج، الأربعاء، عن أسفه «لأخطر تجدد للعنف»، يسجَّل منذ فترة طويلة في شرق أوكرانيا، وطالب روسيا باستخدام «نفوذها الكبير على المتمردين»، الموالين لها لوقف العنف.وبدأت الحرب بعيد الإطاحة بالرئيس الأوكراني الموالي لروسيا، فيكتور يانوكوفيتش، في فبراير 2014، وردت موسكو بضم شبه جزيرة القرم. تعرضت مدينة أفديفكا التي تعد مركزا صناعيا، لأول هجوم للمتمردين، الأحد، سعيا منهم لإعادة السيطرة على المنطقة، إضافة إلى الجبهة التي تفصل الجانبين المتنازعين. وبدأ عدد من السكان، من بينهم لاريسا (62 عاما) بحزم أمتعتهم، للبحث عن ملجأ من البرد والعنف. وقالت لوكالة فرانس برس، في أثناء مغادرتها المدينة مع حفيدتيها: «كانت ليلة سيئة، فقد أيقظ القصف الأطفال». وأضافت: «قذيفة سقطت تحت نافذتنا، ولكن الحمد لله لم تنفجر». وقال مدير منطقة دونيتسك، الموالي لكييف، بافلو زهيبرفسكي، إن أوكرانيا تلقت تطمينات روسية بأن الهدنة ستسري فورا، ولكن لم يأتِ رد من موسكو أو كييف. وقال على صفحته على فيسبوك، إن نحو 80 شخصا غادروا أفيدفيكا، أو تم إجلاؤهم منها حتى الآن. وألحق القتال أضراراً جسيمة بمصنع لفحم الكوك، يوفر التدفئة للمدينة التي غالبية سكانها (نحو 25 ألف شخص) من العمال. وتتولى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، مراقبة انتهاكات وقف إطلاق النار، وترتيب محادثات سلام بين مبعوثي روسيا وأوكرانيا. وأدى النزاع إلى مقتل 10 آلاف شخص تقريبا، أكثر من نصفهم من المدنيين، منذ اندلاعه في أبريل 2014.;
مشاركة :