تنتظر نقابة الصحافيين في مصر إجراء انتخابات على مقعد النقيب ونصف أعضاء مجلسها، وستكون فاصلة في تحديد مستقبل العلاقة بين النقابة والسلطة، التي توترت إلى حد كبير العام الماضي. وقرر مجلس نقابة الصحافيين في مصر فتح باب الترشح لانتخابات النقيب والتجديد النصفي لستة من أعضاء مجلس النقابة، في 11 الجاري، وستعلن الأسماء النهائية للمرشحين في 20 الجاري على أن تجرى الانتخابات في 3 آذار (مارس) المقبل. ووفق النظام الانتخابي للنقابة، سيخرج 6 من أعضاء المجلس الحالي أمضوا أربع سنوات في عضويته، لتجرى انتخابات على تلك المقاعد يحق لهم المنافسة فيها، وهم أمينها العام جمال عبدالرحيم ووكيلها خالد البلشي وحنان فكري وكارم محمود وأسامة داود وعلاء ثابت، وغالبيتهم أعلنوا عزمهم خوض الانتخابات مجدداً. وشهدت العلاقة بين الحكم ونقابة الصحافيين توتراً متصاعداً العام الماضي، بلغ حد إحالة النقيب يحيى قلاش وعبدالرحيم والبلشي على محاكمة جنائية أمام محكمة الجنح، بتهم إيواء فارين من العدالة، والحكم بحبسهم لمدة عامين مع الشغل. لكن استئنافاً على الحكم أوقف التنفيذ، ومن المقرر أن تصدر محكمة الاستئناف حكمها في القضية في 25 الجاري. وشكّل الحكم سابقة في تاريخ نقابة الصحافيين في مصر، إذ إنها المرة الأولى على الإطلاق التي يصدر فيها حكم قضائي بحبس نقيب الصحافيين وقادة النقابة أثناء ولايتهم. وكان الخلاف بدأ مع صدور قرار بتوقيف الصحافي عمرو بدر، وهو أعلن عزمه خوض الانتخابات المقبلة، مع توقيف الناشط محمود السقا، لاتهامهما بالتحريض على العنف. ولاذ بدر والسقا بنقابة الصحافيين بعد صدور أمر بتوقيفهما، ودهمت قوة من الشرطة مقر النقابة، في سابقة أيضاً لم تحدث من قبل، وأوقفتهما. وقال نقيب الصحافيين حينها إنه كان يُجري اتصالات مع مسؤولين لتسليم الصحافي والمدوّن إلى سلطات التحقيق، وردت النقابة على واقعة الدهم بالمطالبة بإقالة وزير الداخلية ومقاضاته وقيادات أمنية. وقال عضو المجلس الأعلى للصحافة والمرشح لعضوية المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الصحافي جمال فهمي لـ «الحياة» إن الانتخابات المقبلة ستكون مفصلية في تحديد العلاقة بين النقابة والحكومة، لافتاً إلى أن «نقابة الصحافيين المصريين واحدة من أهم المنظمات الديموقراطية في الوطن العربي، وهي منظمة مهمة جداً، لأنها تضم العاملين في مهنة خطيرة شديدة الحيوية والأهمية»، كما أنها واحدة من أهم منظمات المجتمع المدني، وأن «العملية الديموقراطية فيها منتظمة في كل العهود، إذ استطاعت أن تحافظ على تماسكها الداخلي حتى في أسوأ الظروف وتحافظ على انتظام العملية الديموقراطية فيها». وأوضح أن النقابة «تتعرض، كما المجال العام في مصر، لضغط شديد هذه الأيام، فالمجال العام يضيق جداً، وهناك حالة تهوّر في التعامل مع المنظمات الديموقراطية والشعبية في مصر، وهذا أحد الأثمان الباهظة التي يدفعها المجتمع نتيجة موجة العنف والإرهاب غير المسبوقة التي يتعرض لها… صحيح أن المواجهة الكفء للإرهاب تتطلب بناء ديموقراطياً، لكن للأسف هذا العنصر يستخدم للتضييق». وأضاف أن «حالة العنف تُلقي بظلالها على كل المنظمات الديموقراطية خصوصاً نقابة الصحافيين، لأن العلاقة بين السلطة والصحافة تمثل إشكالية ضخمة جداً في مصر، وبالنظر إلى الوضع القائم لتلك العلاقة، فإن نتيجة الانتخابات إلى حد كبير ستكون مهمة في الصراع الحالي الذي أخذ شكلاً غير مسبوق بين الدولة ونقابة الصحافيين». وأضاف: «ربما تكون هناك محاولات للتدخل من الدولة، لكنها تقف عند حدود معينة. هناك ضيق حكومي من النقابة منذ الأزمة الأخيرة، وتلك الأجواء ستلقي بظلالها الثقيلة على الانتخابات، لكنني أستبعد أن تؤثر تأثيراً حاسماً، فيأتي مجلس حكومي. هذا صعب جداً أن يحدث». ولفت إلى أن «انتخابات نقابة الصحافيين دائماً تشير إلى التحولات المقبلة في الحياة السياسية… أثق بأن نسبةً كبيرة ومؤثرة من الجمهور الصحافي واعية للأزمة الحالية وأن النقابة لن تتنازل عن حقوقها الدستورية والقانونية». وتوقع أن تعكس النتائج «التنوع وسط الجماعة الصحافية من موالاة ومعارضة، وألا يتمكن اتجاه محدد من الغلبة في شكل مطلق في مجلس النقابة. فالتوازن هو سمة مجالس النقابة، ومن النادر أن يأتي مجلس حكومي بنسبة كاسحة»، على رغم أن النسبة الأكبر من الأصوات المعارضة داخل المجلس الحالي انتهت ولايتها، وستنافس في الانتخابات المقبلة. وحرص فهمي على التأكيد أن النقيب الحالي يحيى قلاش لم تكن لديه مشكلة مع الحكومة إطلاقاً، «ففي آخر مشهد قبل هذه الأزمة المؤسفة كان قلاش على مائدة واحدة مع الرئيس (عبدالفتاح) السيسي، ووافق الرئيس على منح النقابة إعانة مالية عاجلة ضخمة جداً، بلغت 50 مليون جنيه، وهو مبلغ غير مسبوق». وقال: «لا أظن أن هناك أي مشكلة بين شخص قلاش والدولة، لكن مسؤولية النقيب أن يحافظ على هيبة النقابة». واعتبر فهمي أن حكم الاستئناف في قضية قادة نقابة الصحافيين لو صدر قبل إجراء الانتخابات بأيام فسيكون له تأثير على نتائجها.
مشاركة :