في مواجهة ارتفاع أسعار بعض السلع الرئيسية، انتشرت في الأردن حملات شعبية إلكترونية لمقاطعة السلع مرتفعة السعر في البلاد، وأخرى لمقاطعة الاتصالات، في محاولة لإثناء الحكومة عن فرض ضرائب جديدة على المحادثات الهاتفية. وبينما شهدت بعض السلع عودة إلى أسعارها السابقة، مثل البيض والبطاطس، فإن الجدل لم يتوقف حول أهداف أخرى محتملة لمنظمي هذه الحملات، وهو ما تزامن مع اعتقال السلطات أحد الناشطين الذين دعوا للمقاطعة، مساء أول من أمس (الثلاثاء)، لكن مقربين من الناشط أكدوا أن توقيفه ليست له علاقة بدعوة المقاطعة. ويشار إلى أن صفحة «حملة المقاطعة الأردنية» على موقع «فيسبوك»، حظيت بإعجاب 1.3 مليون شخص على الرغم من حداثة إنشائها. وهي تهدف إلى مقاطعة رفع أسعار البيض والبطاطس، والضريبة المنوي فرضها على خطوط الهواتف. وتتواصل الدعوات الإلكترونية عبر شبكات التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» وتطبيقات التراسل، خصوصا «واتساب»، لتنفيذ حملات مقاطعة شعبية لخدمات الاتصالات في السوق المحلية، في الوقت الذي لا تزال فيه الحكومة ماضية في دراسة مجموعة كبيرة من الخيارات لرفد خزينة الدولة بالإيرادات من «الاتصالات»، دون المساس بشريحة ذوي الدخل المحدود أو الأضرار بالقطاع. وقامت الحملات منذ عدة أسابيع، بعد الإعلان عن مقترح مجلس النواب للحكومة بفرض دينار على كل اشتراك خط هاتف جوال، لرفد الخزينة بالإيرادات كبديل عن فرض ضرائب أو زيادة أسعار سلع أساسية. وتزايدت بعد إعلان الحكومة دراسة خيارات من بينها مقترح فرض رسوم شهرية اختيارية على خدمات المكالمات الصوتية عبر تطبيقات التراسل بقيمة دينارين شهريا. ودعت حملة «سكر خطك» لإغلاق الهواتف الجوالة أمس الأربعاء من الساعة 12 ليلا ولمدة 24 ساعة فقط، وعدم استخدام خدمات المكالمات الصوتية والبيانات لفترة ثلاث ساعات كل يوم، مؤكدة أن في مثل هذه الحملة رسالة قوية إلى «أصحاب القرار»، للتعبير عن رفض مقترحات فرض رسوم جديدة على مستخدمي الاتصالات. ولا يزال مستخدمون يستقبلون هذه الدعوة، وهم ينقسمون بين من يرى جدوى كبيرة لمثل هذه الحملة لدفع الحكومة إلى التراجع عن قرارات فرض الرسوم، وبين من يرى أنه من المبكر تنفيذ مثل هذه الحملة، لا سيما أن الحكومة لم تعلن «رسميا» عن قرارات نهائية بشأن فرضها، أو توضح تفاصيلها. وكان نادر ذنيبات، أمين عام وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الأردن، أكد في تصريحات صحافية، أن الحكومة لم تتخذ أي قرارات نهائية بشأن الخيارات التي تدرس لرفد الخزينة من قطاع الاتصالات، مشيرا إلى أن دراسة هذه الخيارات جاءت «بديلا» لمقترح النواب بفرض دينار على كل اشتراك جوال، وهو المقترح الذي سيمس شريحة كبيرة من الناس وذوي الدخل المحدود. وقال إن الحكومة فضلت التشاور مع شركات القطاع، لبحث ودراسة خيارات لا تمس المستخدمين، خصوصا ذوي الدخل المحدود، وضمن معادلة توازن بين مساعدة الحكومة في إيجاد إيرادات جديدة، وعدم المساس بالمستخدم، ودون الإضرار بقطاع الاتصالات. يشار إلى أن فاتورة الهاتف الجوال في الأردن مثقلة بالضرائب، وبنسبة تصل إلى 44 في المائة من حجم الاستهلاك. ومن بين الرسوم المقترحة، فرض رسوم اشتراك على كل خط جوال جديد تتراوح بين 3 و5 دنانير، وخيار فرض دينار شهريا على فئة الخطوط «المدفوعة لاحقا»، وهي الفئة الأكثر إنفاقا واستخداما للجوال، حيث تم استبعاد خيار فرض الدينار على فئة الخطوط «المدفوعة مسبقا»، كونه يمس شريحة كبرى من المواطنين. وخيار رفع ضريبة المبيعات على الإنترنت من 8 إلى 16 في المائة، مع إمكانية دراسة تخفيض الضريبة الخاصة على الصوت والبالغة 24 في المائة بنسبة لم تحدد بعد، وفرض رسوم شهرية اختيارية بقيمة دينارين على خدمات الصوت عبر تطبيقات التراسل مثل «واتساب» وغيرها. وبالنسبة لموضوع المقاطعة الشعبية لسلعتي البيض والبطاطس، فقد شهدت الأسواق انخفاض أسعارهما بعد انطلاق الحملة، فيما يرى التجار أن مبدأ «العرض والطلب» هو الذي وجه الأسعار للانخفاض، وليست ضغوط الحملة. وكانت الحكومة الأردنية ممثلة بوزارة الصناعة والتجارة والتموين حددت سقوفا سعرية لأسعار بيض المائدة، بعد أن قفزت الأسعار إلى مستويات مرتفعة، وما لبثت أسعار البطاطس أن لحقت بمعدلات ارتفاع البيض، بل إلى مستويات قياسية. وبطبيعة الحال، لم يلق هذا الارتفاع استحسانا من قبل المواطنين والمستهلكين، لا سيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع إلى إطلاق دعوات لمقاطعة شعبية لكبح جماح الأسعار، فيما سارعت جمعية حماية المستهلك لدعم هذه الحملات. وسرعان ما انتشرت هذه الحملات «كالنار في الهشيم»، ولقيت صدى واسعا بين مستخدمي العالم الافتراضي، ولذلك، تدخلت الحكومة لتحديد أسقف سعرية للبيض.
مشاركة :