«الواسطة» تفضيل المقربين لـ «قرابتهم» لا «كفاءتهم» ...وينبت من أرضها «الفساد»

  • 4/13/2014
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الفهم الخاطئ لكلمة «واسطة» أدى بها إلى «جريمة» إذ كان يتعارف عليها بأنها أمر معين يتم بواسطة شخص أي عن طريقه، ولكن الأمر تحول إلى أن تكون كلمة «واسطة» أسلوباً لنيل المطلب على حساب تعطيل مصالح الآخرين. الواسطة داء الشعوب وراحة لـ «اللصوص» لتقديم مصالحهم، هكذا وصف الواسطة الشاب ياسر الذي أمضى ساعتين من الانتظار في أحد المصارف حتى أتى شخص آخر استطاع أن ينجز معاملته في دقائق، وذلك بإشارة رفع اليد بهدف رمي السلام على صديقه خلف الخط الأمامي الذي فضل أن يستقبل صديقه قبل خدمة عملائه. مشاهد متكررة يصفها ياسر خلال يومه، عند الخباز يتقدم أصدقاء الخباز، والحلاق يعتذر منه بحجة أن هناك حجزاً بالهاتف لأحد زبائنه الذي تحول إلى صديق حميم، عدوى اجتماعية تحولت إلى عُرف اجتماعي ينتهي خدمة بخدمة. على مساحات مختلفة باتت قصة ياسر محزنة إلى حد الضحك وهو يصف تجربته الفاشلة في استمراره في الشركة التي فاز بوظيفة فيها بعد أن قرر مديره أن يستبعده ليضع ابن عمته بديلاً عنه. إذ اتخذ ياسر قراره بدخول البلاط الصحافي كونه خرّيج إحدى كليات الإعلام، وتفاجأ بأن الأمر ليس كما يتوقع، فلا تحظى كتاباته بالنشر ويبدو شبه مستبعد من خريطة النشر كونه كان صريحاً بوصفه ما يحدث داخل مكعب الصحيفة أشبه بـ «الشللية» و«المحسوبية»، ليجد نفسه خارج الكوكب الإعلامي وبات مخذولاً مرذولاً. تحدث إلى «الحياة» المستشار القانوني فيصل كسار عن «الواسطة»، موضحاً أنها إحدى جرائم الرشوة، لاحياد عن حقيقتها، وهي غالباً ما تكون خدمة مقابل منفعة أو مال، وعقوبة الواسطة كعقوبة الرشوة وهي الغرامة، والتعزير، وتراوح عقوبتها بين سجن لمدة عام وثلاثة أعوام. وأضاف أن عقوبتها سلطة تقديرية لدى القاضي، مطالباً بإصدار أنظمة قانونية تحدد عقوبات الواسطة، وأن توعي المستفيدين، إذ إنه الداء الأول لمكافحة «الواسطة». ولفت إلى أن الخدمات الإلكترونية ستقضي على الواسطة قريباً. أخيراً، تداولت وسائل التواصل الاجتماعي العديد من القضايا التي تبنتها أيضاً الصحف حول تخصيص قطاعات وظيفية حكومية، وأهلية لمصلحة عوائل، وأشقاء وأقارب، وأصدقاء إلى أن وصل الأمر ببعض المسؤولين أن يبرر تقديمه أبناء أقاربه عن الآخرين بكل جرأة دون استحياء، أو مراعاة لمشاعر الآخرين. الواسطة، بحسب التعريف التاريخي لها، كلمة أصلها لاتيني، ومشتقة من كلمة تعني ابن الأخ، أو الأخت وفي العصور الوسطى بعض البابوات والأساقفة الكاثوليك من الذين قطعوا عهود الرهبنة كانوا يربون أبناءهم غير الشرعيين مدعين بأنهم أبناء أخواتهم، أو إخوانهم، وكانوا يفضلونهم في التعامل على الناس الآخرين. ويذكر أن داء الواسطة انتهى في عام 1692 لدى العالم الغربي. ويرى الاختصاصي الاجتماعي ماجد الحمدان، أن الفساد ينبت من أرض «الواسطة»، ويبدأ الأمر بتغيير اسم الواسطة إلى مفاضلة غالباً لدى بعض الجهات والأشخاص ، ولكن لا يجب أن نسمي الأمور بغير أسمائها، وإن كنا نريد الواقعية يجب أن ننظر من أين أتى الفساد، وكيف حدث قبل أن نعاقب عليه ونحاربه، وسنعود بالحديث عن الواسطة بأنها سبب رئيس. وأكد أن «الواسطة» المدفوعة هي ما يتقاضاه البعض مقابل التدخل لنيل مصلحة خاصة لشخص ما، وذلك ما تنطبق عليه تسمية الأمر بغير أسمائها لتتحول من رشوة إلى مسمى أتعاب، أو وساطة مالية، ودائماً ما يبحث الشخص عن الواسطة قبل معرفة الإجراءات المطلوبة منه عندما يتوجه إلى منشأة لتخليص أعماله وهذا أعظم من شأن الواسطة نفسها وهو الاعتماد الدائم على الآخرين بحجة «الواسطة».

مشاركة :