شظايا الحرب الأهلية اللبنانية ... في عيون مصـوِّريها

  • 4/13/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

«لا نمط لمن يعيش أو يموت في الحرب، يموت الناس فيها، لأنهم ببساطة يموتون، فلا شيء في الحرب غير هذا». جملة يبدأ بها المخرج والكاتب البوسني دانيش تانوفيتش فيلمه «Triage» (إنتقاء) المعترض على عبثية الحرب في كل زمان ومكان. ويقدّم في العمل صورة واضحة عمّا يعانيه المصور الصحافي خلال الحروب التي يغطيها، عارضاً مشاهد واقعية عما يدور في رأسه من أفكار وخوف وتوتر ويأس أحياناً. لا يقتصر الأمر على التنقل بين الجثث والركام والدمار، ومرافقة المقاتلين لتوثيق لحظاتهم والسير معهم إلى الخنادق والمتاريس، بل يتخطى ذلك الى العذاب النفسي والكوابيس التي ترافق المصوِّر بعد إنتهاء الحرب، وكيفية التخلص من هذا الجرح في الذاكرة، وهنا تكمن أهمية الفيلم. يوثق المصورون المشاهد في ذاكرتهم قبل التقاط الصورة، تترسخ فيهم على رغم بشاعتها ولا تغادرهم، ومتى وجَدَت هذه الأعمال مناسبة للظهور، تعود بنشاط وتخرج لتعذّب موثّقها. في الذكرى الـ 39 للحرب الأهلية اللبنانية والتي تصادف اليوم، يتحدث أربعة مصورين شاركوا فيها عن لحظات فقدوها، وأيام شباب مرَّت بين الغبار وتحت القصف والخوف من قناصين متربصين لأي حركة غير عادية. منهم من فقد عيناً، ومنهم من يحمل ندباً في جسمه، فيما بعضهم لم ينس بعد عويل أم ثكلى، أو أنين سجين كان إلى جانبه في زنزانة، أو ضربة أو ركلة تلقاها. أصوات «تسكن» رؤوسهم. دويّ قنابل ما زالوا يسمعونها، لكنهم تعايشوا معها. لم يتركوا المهنة بسبب إيمانهم بها، والدور الذي يقومون به في تعريف الجيل الجديد على أخطار الحرب وبشاعتها من خلال صور التقطوها وهم خائفون، متوترون ومصدومون من كمية الحقد في نفوس المتقاتلين. قلة من تعرف أصحاب الصور، لكننا نتذكر لقطات اشتهرت في الحرب كثيراً، كصورة الطفل الذي يقضم الهوية. نحب الصورة ونعلقها، لكن صاحبها يبقى ضباباً بالنسبة الينا، الى أن نسأل ونفتش عنه. هم سكان الصور، يعيشون بين ثناياها من دون أن يظهروا لنا. لا نعرف كيف التقطت الصورة، ولماذا، وما فعله المصوِّر او عاناه لالتقاطها، وهل أصيب أم أن رصاصة مرت الى جانبه، كم مشى أو ماذا عبَر لتوثيق مشهد، ينعش ذاكرتنا في ما بعد؟ أسئلة لا أجابات لها، لأن الصورة تغني ببساطة عن كل ذلك. لكن لا ضير في أن نتعرف على ما خلف الصورة من معاناة وجهد وحرفية وخوف. لكل صورة حكاية تروى عنها، ولكل واحدة قصة مثيرة. ولتكون الصورة بين أيدينا اليوم، حُرم هؤلاء المصورون من ضحكات أطفالهم الأولى، ومن الخطوة والكلمة الأولى، وغادروا الى الموت بإرادة. يتحدث جمال الصعيدي ونبيل اسماعيل وعباس سلمان وعلي سلطان، عن البدايات ولحظات الأسر والخوف والرعب، وأيام المراهقة التي نسفتها الحرب وورطتهم في خنادقها.   بطاقة صحافية لمصوّر مراهق صوت ما زال يلاحقني ضحكات أولى منسية الحرب «سرقت» عيني   الحرب الأهلية اللبنانية

مشاركة :