الرئيس دونالد ترمب: ويلٌ للعرب من خيرٍ قد اقترب!!

  • 2/3/2017
  • 00:00
  • 32
  • 0
  • 0
news-picture

مع كل معركة انتخابية غربية يتكرر السؤال المحير لمثقفي العالم الثالث وهو: كيف يصل إلى سدة الحكم عبر صناديق الاقتراع والتقاليد الديموقراطية من لا يستحق من الدكتاتوريين والمفسدين والأغبياء؟! أما الرئيس الجديد الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترمب فما زال كثير من المحللين والسياسيين يقارنه بهتلر في ألمانيا؛ بدءاً بشعار حملته الانتخابية: «لكي تعود أمريكا عظيمة من جديد»، وانتهاء بعبارته التي ختم بها خطبة التنصيب في 21 يناير الماضي: «أمريكا أولاً»، في صياغة حديثة لشعار الحزب النازي: «ألمانيا فوق الجميع». وإذا تخلصنا من الصورة التي شيطنها إعلام المنتصرين عسكريًّا بعد الحرب فإن بروز هتلر كان حتمياً؛ إذ كانت ألمانيا تتجرع ذُل الهزيمة بعد استسلامها نهاية الحرب العالمية الأولى 1914- 1918، ثم بالغت دول التحالف في تركيع الشعب الألماني فلم تكتف بتدمير قدرته العسكرية؛ بل سعت إلى تذويب هويته القومية التاريخية والثقافية، بتشجيع الهجرة إلى الدولة الكسيرة لتغيير تركيبتها الديموغرافية. وكان اليهود هم الشريحة الأخطر من المهاجرين؛ إذ انقضّوا على الاقتصاد الألماني، وأصبحوا في فترة وجيزة أسياده المتحكمين في كل مفاصله المصرفية والصناعية، والموجهين للقرار السياسي من خلال تمويل الأحزاب الكبرى وابتزاز القيادات الوطنية التي انشغلت بتوسيع مكاسبها الشخصية، فلم تكترث لحزب ناشئ يقوده عسكري مغمور ظل يلقي خطاباته الحماسية في الحانات الشعبية الرخيصة، ويدغدغ مشاعر الشباب بشعارات يطبعها بنفسه في منشوراتٍ سرعان ما تلقى في براميل النفايات مع مغادرة الزبائن مترنحين! ولكن العسكري المتهور سرعان ما تعلم في سجنه بعد فشله في قيادة انقلاب عسكري 1923م أن السياسة والاقتصاد هما فرسا رهان المعركة، وأن صناديق الاقتراع أقوى وأسرع من الدبابات في الإمساك بناصية الحكم والثأر للوطن الجريح من أوروبا كلها، والفتك باليهود الخونة خاصة! وقد نجح في عودة ألمانيا عظيمة من جديد إذا تخلصنا من إعلام المنتصرين مرة أخرى ووسعنا نطاق المعركة وزمنها لسبعين عاماً منذ 1945 حيث يؤكد النازيون الجدد اليوم أنها لم تخسر إلا في الجانب العسكري ولبعض الوقت فقط. وهاهو السيناريو يتكرر مع دونالد ترمب، الذي خاض العمل السياسي لأول مرة عام 1981م ثم 2007م، عرف خلالهما بتصريحاته الغريبة المثيرة للسخرية كخطابات هتلر وبتسريحة شعره الغريبة كشارب هتلر! ورغم خبرته الإعلامية التي اكتسبها من خلال تقديمه برنامج (The Apprentice) لصالح قناة (nbc) واحتكاره إنتاج مسابقة (جمال الكون) بمختلف حقولها؛ إلا أنه لم يغير شيئاً يذكر من خطابه الانتخابي حينما قرر الترشح للرئاسة للمرة الثالثة 2015؛ حيث بدا السيناريو الهتلري في غاية الوضوح وهو يتعهد ببناء جدار عازل على الحدود المكسيكية، وطرد المهاجرين، ومنع المتطرفين باسم الإسلام من دخول أمريكا، وقد شرع في التنفيذ فور أدائه القسم؛ واضعاً العالم كله على حافة حرب نازية اقتصادية سياسية ليس من المستبعد أن تتهور إلى عسكرية. ولكن... هناك فرق يسير هو الأخطر بين هتلر وترمب؛ وهو أن الأخير يمثل النخبة الأمريكية صانعة القرار وليس الشعب؛ فقد تفوقت هيلاري كلينتون عليه شعبياً بثلاثة ملايين صوت؛ فيما فاز هو بأصوات مندوبي الولايات وهي الفيصل بين المرشحين مستفيداً من المزاج السياسي المتأرجح، الذي يمثله ترمب نفسه إذ بدأ ديموقراطياً، ثم تحول جمهورياً، وفكر كثيراً في الترشح مستقلاً . وهذا يعني أن خصمه الحقيقي ليس المهاجرين وإنما المنتفعون من وجودهم داخل أمريكا وخارجها؛ لمصالحهم الشخصية وإن كبدت البلاد وشعبها الخسائر الفادحة اقتصادياً واجتماعياً. وهي بهذا المفهوم ليست قضية أمريكية خاصة، بل عالمية تقلق كثيراً من الدول، وقد ناقشها جمال خاشقجي بعمق في كتابه: (احتلال السوق السعودي) الصادر عن دار مدارك 2013م.

مشاركة :