تتجاوز هذه الممثلة الموهوبة العصور كافة وترتدي أشكال الملابس كلها! كانت ملكة المجرات في سلسلة Star Wars (حرب النجوم)، وامرأة معذبة من حقبة الثلاثينيات في فيلم Planetarium (القبة السماوية)، وراقصة باليه مريضة نفسياً في فيلم Black Swan (البجعة السوداء) الذي أهدي إليها جائزة أوسكار وعرّفها إلى زوجها بنجامين ميلبييه، مصمّم الرقص الذي كان مدرّبها. اليوم تجسّد ناتالي بورتمان دور جاكي كينيدي في فيلم Jackie للمخرج بابلو لاران. يركّز العمل على حياة السيدة الأولى السابقة بعد اغتيال الرئيس في عام 1963. وقد يوصلها هذا الدور إلى جائزة أوسكار أخرى. في عام 2011، تسلمت الجائزة حين كانت حاملاً وها هي تنتظر مولودها الثاني اليوم، وربما يكون وجه هذا الطفل خيراً عليها! أدّت أكثر من 50 ممثلة قبلك دور جاكي كينيدي. ألم تشعري بالخوف؟ لحسن حظي لم أشاهد أياً من تلك الأفلام. كان أرسطو أوناسيس يقول إن جاكي أشهر أرملة منذ شخصية أندروماك. كيف تفسرين قدرتها على إبهار الناس بعد مرور هذه السنوات كلها؟ قررت جاكي أن تكتب قصتها بنفسها. كانت تدرك أهمية مكانتها العامة ولم تتردد في استعمال الحِيَل كي تظهر بصورة مقنعة جداً. كانت ذواقة على مستوى الديكور والموضة وكل ما ساهم في تطوير أسلوبها المميز. كانت تحيط نفسها بكل ما هو جميل، وفهمت منذ البداية أن القصص التي تسمعها وطريقة سردها ستخدم إرثها. علامَ اتكلتِ في بحوثك؟ اتكلتُ على مقابلات كثيرة أجرتها جاكي في عام 1964 مع المؤرخ آرثر شليسنغر جونيور لأنها تكشف عن تفاصيل متعددة. كان شليسنغر صديقاً للعائلة وكانت جاكي تعرفه جيداً، لذا نشعر بأنها أطلقت العنان لنفسها في تلك المقابلات. وجدتُ مصدر معلومات آخر على موقع «يوتيوب» أيضاً. لكنّ أكثر ما ساعدني كان كتاب One Special Summer (صيف مميز) الذي كتبته جاكي مع شقيقتها لي خلال سفرهما إلى أوروبا في عام 1951. كانت جاكي تبلغ حينها 22 عاماً ولي 18 عاماً. كانتا مجرّد شابتين تريدان الاستمتاع بوقتهما. بفضل الكتاب الذي أهداه لي والداي، حصلتُ على فكرة دقيقة عن حقيقة جاكي، وفهمتُ بفضله كم كانت تهتم بالحفاظ على الهوية التي بدأت تفقدها حين أصبحت السيدة الأولى. فقدان الهوية موضوع يؤثر فيك... أعرف أصلي وأؤمن بديانتي وأثق بوالديّ وزوجي وأعلم من أكون. أعتبر عملي مجرّد جزء من هويتي لكني أغوص فيه لدرجة أنني أتساءل أحياناً إذا لم أعد أتلقى العروض. هل اكتشفتِ في شخصية جاكي جوانب أدهشتك؟ لم أكن لاحظتُ حس الفكاهة الذي تتمتع به جاكي! مثل معظم الأميركيين، لم أكن أعرف إلا الخطوط العريضة في حياتها. بالنسبة إلي، كانت في المقام الأول أيقونة في عالم الموضة. لكني اكتشفتُ أن حياتها الداخلية كانت معقدة وحملت في داخلها جوانب إنسانية كثيرة. لا أتمتع بشيء من شهرتها لكني أفهم ذلك الصراع الداخلي الدائم بين نظرة الناس إليها وبين الصورة التي كانت تطمح إليها والمرأة التي كانت عليها. مفاجآت أي جوانب مفاجئة قد نكتشفها لدى شابة «مثالية» مثلك؟ أنا أكثر عفوية وجنوناً مما يظنّ كثيرون. في هذا الجانب فقط، أقارن نفسي بجاكي. لا أقرأ مطلقاً ما يُكتَب عني، لا سيما الانتقادات الموجّهة إلى أفلامي لأن هذه الآراء توترني. إذا كانت سلبية، أدرك فجأةً الصورة التي أتهرّب منها. وإذا كانت إيجابية، لا أصدّقها! توحين بأنك تسيطرين على نفسك دوماً. كيف تنجحين في إطلاق العنان لنفسك خلال التمثيل؟ أحلم مثل جميع الناس بالسيطرة على حياتي وبعيش الحرية في الوقت نفسه. لكنّ المسألة ليست سهلة. أحبّ فكرة ألا أنجح في كل شيء. أحب أن أمثّل حين أكون متعبة جداً لأني أشعر بأنني مخدرة بعض الشيء وأطلق العنان لجانبي اللاواعي. سياسة وفرنسا هل تحنّين إلى عهد كينيدي الذي اتّسم بالثقافة والكرامة؟ نعيش في عصر مقلق لكني أرفض أن أعيش في حنين دائم. يجب أن نمضي قدماً. أنا ديمقراطية بامتياز وأحمل إعجاباً شديداً لشخصية جاكي وللقيم التي كانت سائدة في تلك الحقبة، لكنّ ما نعيشه اليوم مثير للاهتمام أيضاً. أتوخى الحذر دوماً لكني لست خائفة. ألا تظنين أن الحملات الدعائية التي قادها مشاهير هوليوود دعماً لهيلاري كلينتون أعطت نتائج عكسية؟ نحن من أصحاب الامتيازات. أتفهّم ألا يرغب الناس في سماع كلامنا. لكننا مواطنون أيضاً ومن حقنا أن نعبّر عن رأينا. بالعودة إلى جاكي، ذكر أحد النقاد أنك نسخة منها. هل يصدمك هذا الكلام؟ أحب الثقافات والتقاليد وأعبّر عن هويتي في كل ما أفعله لكني أبقى في المقام الأول مواطنة عالمية. بعد سنتين على مكوثك في باريس، قررتِ العودة للعيش في لوس أنجلس. هل تعتبرين فرنسا معادية للسامية؟ غيّر زوجي عمله وأراد العودة للعيش في لوس أنجلس لأنه يجد هناك مصادر إلهام إضافية. يسرّني أن أراه سعيداً لهذه الدرجة بعدما وجد ما يريحه. أصبح حراً اليوم لأنه لم يعد يشعر بأعباء انتمائه إلى مؤسسة معينة. إنه شخص مبدع جداً ويجيد ابتكار الصور والأثاث... ويصنع واقعه بنفسه! لكن بالنسبة إلي، لا فرق بين الإقامة في باريس أو لوس أنجلس. ستصبحين قريباً أماً للمرة الثانية. ما الذي تريدين تعليمه لأولادك؟ طعم السعادة! أعتبر نجاح حياتي العائلية أهم إنجاز حققته على الإطلاق! أعشق الدرس نالت نتالي شهادة في علم النفس من جامعة هارفارد. فما الذي تبقّى لها من دراستها هذه؟ تقول في هذا المجال: «بعض الشهادات! تابعتُ دراستي كي أتحدى نفسي. حين كنتُ أحضّر أطروحتي، اضطررتُ إلى قراءة ألف صفحة في الأسبوع. كانت تلك التجربة طريقة ممتازة لاختبار إرادتي وكفاءتي. أعشق الدرس! من المدهش أن نلاحظ حجم العمل الذي يمكن إنجازه حين نشعر بالشغف تجاهه!». نسألها: ألم تفكري يوماً بترك مجال السينما للعودة إلى مقاعد الدراسة التي تحبّينها؟ تجيب: «فكرتُ لفترة وجيزة بتغيير مجالي لكني تراجعتُ بسرعة. فهمتُ حينها إلى أي حد أحبّ مهنتي. أستعمل مقاربة عاطفية جداً في تجسيد أدواري. أعشق التقمص العاطفي وأحب أن أتخيّل ما يدور في عقول الآخرين وأعرف ما يحصل معهم. لكني أفضّل دوماً أن أبقى على طبيعتي».
مشاركة :