ماهر، محمد، والسيد راضي، ثلاثة أشقاء وحّدهم حب الفن، ليكوّنوا فريق سينمائي من الدرجة الأولى، وفي عام 1990 جمعهم تصوير فيلم «موعد مع الرئيس»، وقد روى الناقد السينمائي محمود عبدالشكور كواليس إحدى مشاهد الفيلم، التي دارت داخل عربة قطار، وحكى كيف اجتمع الثلاثة أشقاء وأخرجوا مشهدا عظيما يتحدث عنه السينمائيون إلى الآن. يروي «عبدالشكور» كواليس المشهد قائلا: «فى بلاتوه فيلم موعد مع الرئيس، كانت هناك عربة قطار كاملة الأوصاف، أطفأ الفنيين الكشافات الضخمة انتظارا للممثلين، وفجأة تم خلع أحد جوانب العربة بسهولة لكى يتمكن مدير التصوير ماهر راضى من مد القضبان أمامها، فظهرت فى الداخل كل تفاصيل عربة قطار الدرجة الأولى الفاخرة، كانت مجرد ديكور متقن الصنع وعملى أيضاً ليناسب حركة الكاميرا، تم وضع الكاميرا على عربة لتتحرك على القضبان، وكان ماهر راضى يجرّب أكثر من مرة سهولة إنزلاق العربة التى يطلقون عليها اسم (الدوللى)، وبعد قليل ظهر الممثل أسامة عباس أحد المشاركين فى المشهد، كان يتبادل الحوار مع السيد راضى الذى ظهر فى هيئة رثة، ومستندا على عكاز حسب الدور، كان قلقا بسبب الإنتظار الطويل». وأكمل قائلا: «بعد دقائق ظهر المخرج محمد راضى، كان شخصا ودوداً ولطيفا، يفضل أن يمارس عمله فى الاستديو بالبدلة الكاملة، ولكن بدون كرافتة، ظل يظهر ويختفى للإطمئنان على جاهزية المشاركين فى المشهد الهام، وكانوا تقريبا معظم أبطال الفيلم». «يللا يا جماعة.. سكوت.. اتفضل يا أستاذ كمال.. اتفضلوا يا أساتذة.. اطلعوا جوة العربية.. فين إلهام؟ يا للا ياماما.. بروفة.. سكوت»، كان ذلك هو صوت المخرج محمد راضي، الذي كان مدويا في جميع أرجاء البلاتوة، مما جعل «عبدالشكور» يشعر بأنه قد قابل شخصا جديدا للتو. ظهرت بطلة الفيلم إلهام شاهين، قالت وهى تبتسم: «جاهزة يا أستاذ»، تبادل محمد راضى كلمات هامسة مع مدير التصوير ماهر راضى، وأضيئت الكشافات داخل العربة، كان واضحاً أن المخرج يطمئن أيضاً على حركة الكاميرا المطلوبة، وفورا بدأت أول بروفة. كان المشهد يبدأ بحوار حاد بين الركاب، فجأة يخرج أحدهم مسدسا يهدد به، يزيد الجدل، فتنطلق رصاصة، يعقبها صراخ من الجميع، ثم يختبئون وراء المقاعد، «سكوت ..بروفة»، بدأ الحوار، قال كمال الشناوى جملته، ظهر المسدس، انطلقت الرصاصة، تحركت الكاميرا الى الأمام (دوللى إن سريع)، صرخ محمد راضى: «كويس أوى.. كمان مرة»، هكذا روى «عبدالشكور» تفاصيل المشهد الذي كان من المقرر تصويره في ذلك اليوم. واستطرد: «تكررت البروفات بدون تصوير ست أو سبع مرات، وفى إحدى المرات كان الممثلون يصرخون، ليس بسبب صوت الرصاص، ولكن بسبب الإجهاد من التكرار، بعضهم ذهب من جديد الى حجرة الماكياج، ولكن أصرّ راضي على مواصلة البروفات بدون تصوير، وكان كمال الشناوى يكرر عبارة واحدة، ولكنه قام بأدائها ست أو سبع مرات بطريقة مختلفة، ففى كل مرة يضغط على كلمة معينة، أو يبتكر تقطيعا جديدا، وكان راضى سعيدا بذلك، ولم يكن الشناوى متبرما أبدا بالإعادات». قرر المخرج أخيرا أن تكون اللقطة القادمة للتصوير الفعلي، سمعته يقول لمدير التصوير: «ده التكوين اللى أنا عايزه.. الوشوش كتيرة، بس كلها فى مكانها»، وأضاف مخاطبا الممثلين: «بعد الرصاصة.. وبعد ما تستخبوا ورا المقاعد.. ماهر ح ياخد رياكشنات كلوزات ورا بعض.. رعب وفزع وصراخ»، ثم هتف راضى من جديد: «يلا.. سكوت.. نوّر.. سكوت.. ح نصوّر.. دوّر.. أكشن». بدأ التصوير، اجتهد الممثلون لكي ينتهوا من المشهد، بعد انتهاء اللقطة بالصراخ، انطلق المصور لأخذ لقطات رد الفعل القريبة على الوجوه الخائفة من الرصاص ومن الإعادة معاً، لم ينقذهم إلا صوت محمد راضى: «استوب.. هايل»، بحسب ما نشر في موقع «عين على السينما».
مشاركة :