دخلت تونس في «دائرة من الجدل» في أعقاب إعلان تعيين العشرات من الحزبيين في مناصب محلية، وسارعت الأحزاب المعارضة إلى اتهام ائتلاف الحكومة بتقاسم المسؤوليات في الجهات استعداداً للتأثير على الانتخابات المحلية والبلدية المنتظر تنظيمها أواخر العام الجاري، مسلطة الضوء كذلك على إسناد مسؤوليات حكومية مهمة على الصعيدين المركزي والمحلي (بما في ذلك حقائب وزارية) لشخصيات لا تمتلك شهادات دراسية عليا. وقال الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق، إن ما حصل في تعيينات المعتمدين (المسؤولين المحليين) نوع من «الفساد الإداري» يتحمل رئيس الحكومة يوسف الشاهد مسؤوليته السّياسيّة، وأوضح على هامش مؤتمر صحافي عقده للإعلان عن سحب حزبه دعمه لحكومة الوحدة الوطنية، أن التعيينات الأخيرة للمعتمدين تمثل أحد الأخطاء الكبرى للحكومة الحالية، مضيفا أن حكومة الشاهد لم تتشاور مع حزبه في عدة قضايا على غرار تعيينات المعتمدين التي كرست المحاصصة الحزبية، وفق تقديره، مشدّداً على أن تعيينات المعتمدين الأخيرة مخالفة لقانون الأحزاب. بين عهدين وترحم عدد من الفاعلين السياسيين على عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي الذي قالوا عنه إنه لم يشهد ما تعيشه تونس حاليا من تعيين أشخاص يفتقدون الى الكفاءة في مناصب حكومية، حيث ندد النائب بمجلس نواب الشعب الصحبي بن فرج بالتعيينات الأخيرة في سلك المعتمدين، وبعجز الحكومة عن تعيين الأكفاء، متسائلا في ذات السياق «هل عجزت نخب ما بعد الثورة أن تضع مقاييس علمية لتعيين الأكفاء الحقيقيين(وهم بالآلاف في تونس) في مثل هذه الوظائف الحساسة؟». مشيرا الى «أنه في عهد النظام السابق وحزب التجمع (المنحلّ) كان أحد المطالب الأساسية للمعارضة (الديمقراطية) والنخب السياسية (المثقّفة) هو فصل الحزب عن الدولة (يعني للولاة والمعتمدين والوظائف السامية في الدولة)، وأن النقد كان يتركّز أساسا على مساهمة أصحاب هذه الوظائف في السيطرة الأمنية والسياسية والاقتصادية للنظام على مفاصل الدولة والمجتمع، ولم يُطرح بتاتا موضوع كفاءتهم او أهليتهم لتولي هذه المهام إذ كان يتم اختيارهم من بين أفضل خريجي الإدارة أو المدارس العليا، - على حد تعبيره. ومن جانبه، قال النائب البرلماني عن الجبهة الشعبية عمار عمروسية إن حركة المعتمدين الأخيرة تحكمت فيها جهات تهدف إلى حسم نتائج الانتخابات البلدية القادمة، مضيفا أنه: «حتى في عهد بن علي لم يكن هناك ضرب لمؤسسات الدولة والتعدي عليها كما يحصل الآن». كما أكد حزب العمال (يساري معارض) أن الحركة التي أجرتها رئاسة الحكومة على المعتمدين والمعتمدين الأول التي شملت 6 ولايات و114 معتمدية. رفض قالت الجمعيّة التّونسية للإدماج المهني لأصحاب الشّهادات العليا إن التعيينات الأخيرة للمعتمدين هي من بين الأخطاء المتكررة للحكومة. وعبرت الجمعية في بيان عن رفضها بأن يكون التعيين على أساس المحاصصة الحزبية مطالبة من تمكينهم من الاطلاع على السّير الذاتية لكل المعتمدين المعيّنين، وتكريس مبادئ الشفافية واطلاع الرأي العام إن كان هذا التعيين تم على أساس الكفاءة أو على أساس الولاءات.
مشاركة :