تعتبر الأسواق الموسمية وخاصة الأسبوعية منذ القدم وجهة الباحثين عن التسوق في جو وفتوح متنوع البضائع حيث يقوم كل بائع بعرض ما لديه من سلع على الأرض مما يتيح للمتسوقين حرية الحركة بين السلع واستعراضها بيسر وسهولة، وتمتاز هذه الأسواق بحرية البيع والشراء دون تشديد رقابة عليها إذ سبق ذلك إنشاء البلديات التي تنظم البيع والشراء، حيث كان السوق مفتوحاً أمام الجميع لعرض ما لديه من بضاعة وذلك بالحضور مبكراً إلى أرض السوق واختيار مكان مناسب لعرض ما لديه، وقد عرفت جميع دول العالم الأسواق الأسبوعية والتي مازال بعضها باقياً إلى اليوم رغم مرور عدة قرون على ذلك، ومن أقدم الأسواق التي عرفتها الجزيرة العربية سوق عكاظ في الطائف الذي يفد إليه كل عام الشعراء لعرض ما لديهم من قصائد وذلك لكثرة مرتادي السوق من الناس لكثرة ما يعرض فيه من السلع المتنوعة. وفي أيامنا هذه فلا زال هناك أيضاً أسواقاَ معروفة إلى اليوم في عدد من المناطق لا زالت صامدة تقاوم رياح التغيير التي شملت شتى مناحي الحياة فلها روادها وعشاقها الحياة رغم التوسع في افتتاح الأسواق الكبرى والمتخصصة، فبعد أن كانت هذه الأسواق تعرض البضائع البسيطة في بداية إنشائها مثل ما تنتجه أراضيهم الزراعية من حبوب وثمار وبعض من المنتوجات الحيوانية أو السلع التي ينتجها الحرفيون من خشبية ونحاسية بدائية باتت تعرض أرقى ما تنتجه المصانع العالمية وتنافس غيرها من الأسواق بأسعار زهيدة في متناول كل متسوق وذلك لعدم وجود إيجارات باهظة أو ديكورات يدفعها الباعة المتواجدون في الأسواق الدائمة، وفي السنين الأخيرة صار لهذه الأسواق الموسمية اهتماماً خاصاً وبات الأمر أكثر تنظيماً من ذي قبل حيث منحت العديد من البلديات باعة السوق تصاريحا لمزاولة البيع وخصصت محلات يتم تأجيرها بثمن رمزي زهيد. تاريخ عريق عرفت كثير من البلدان بسوقها الموسمي الذي تقام فيه حيث أشهرت هذه الأسواق. البلدان التي تقام فيها ومن أشهر تلك الأسواق في بلادنا سوق عكاظ الذي يرجع تاريخه إلى ما قبل الإسلام، ونظراً لقدم هذا السوق بعد أن انطمس أثره فقد أصبح تحديد الموضع الذي كانت تقام به عكاظ تحديدًا جغرافيًا دقيقًا ليس بالأمر اليسير السهل خاصة أن معالمه التاريخية القديمة قد اندرست، وأغلب أقوال القدماء تقول: إن موضع عكاظ كان بأعلى نجد في أرض هي من ديار قيس بن عيلان بن مضر بين وادي نخلة وحاضرة الطائف وراء قرن المنازل بنحو أربعة وعشرين ميلًا أي مسيرة ليلة واحدة على طريق المسافر من مكة إلى اليمن، وأنه من أعمال الطائف على بعد عشرة أميال إلى اثني عشر ميلًا منه، وقيل بل إن بينه وبين الطائف ليلة واحدة أي على بعد نحو أربعة وعشرين ميلًا، وأن بينه وبين مكة ثلاث ليالي، وأن السوق كانت تُقام بمكان منه تُسمى ( الأثيداء)، وذكرت المصادر أن فيه صخورا. كانوا يطوفون بها ويحجون إليها وبه كانت أيام الفِجَار الثاني إلا اليوم الأول منها كانت الوقعة فيه بموضع في وادي نخلة، على حدود الحرم المكي أما الأخرى فكانت أيام ( شمْطُة ) و( العَبْلاء ) و( شرِب ) و( الحُرَيرة )، حيث سميت بأسماء مواضع بعضها في عكاظ والبعض الآخر في جوانبه هذه المواضع ويكاد يجمع من كتب في سوق عكاظ أنه يبدأ في أول شهر ذي القعدة إلى العشرين منه، وذكر ابن عساكر عن حكيم بن حزام قوله: وكنت أحضر الأسواق وكانت لنا ثلاثة أسواق: سوق بعكاظ يقوم صبح هلال ذي القعدة، فيقوم عشرين يوماً، ويعود الفضل إلى تحديد مكان سوق عكاظ إلى مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل الذي أحيا مبادرة والده الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله عندما شكّل لجنة من كبار العلماء في الجغرافيا والأدباء والمثقفين لتحديد موقع سوق عكاظ في عهده، وقام الأمير خالد الفيصل بتدشين أول نشاط رسمي لسوق عكاظ عام 1428هـ بعد توقف دام نحو 1300 سنة، فظهر في حلته الجديدة التي تحمل سمة الأصالة والمعاصرة بطابع سعودي، وذلك بأمر ملكي تاريخي من الملك عبدالله رحمه الله فعاد سوق عكاظ بحراكه الثقافي في مدينة الطائف، واليوم يتمتع سوق عكاظ برعاية ودعم كبيرين من خادم الحرمين وولي عهده الأمين وولي ولي العهد، وأصبح من الأسواق الموسمية التي ينتظرها الناس في كل عام ويفدون إليه من مدن ومحافظات المملكة ومن خارجها . أسواق مشهورة تختص كل منطقة من مناطق المملكة بأسواق أسبوعية ومن أكثر مناطق المملكة شهرة في هذه الأسواق المنطقة الجنوبية حيث يقام في كل يوم من أيام الأسبوع في أحد محافظاتها. ففي محافظة بيشه يقام سوق السبت، حيث تكتسب المحافظة شهرة واسعة من موقعها الإستراتيجي الذي تتصف به لكونها تقع على الطريق الدولي الذي يربط بلادنا الغالية بدولة اليمن الشقيقة هذا بالإضافة إلى سوق السبت الشعبي وهو يوم التسوق للأهالي في المحافظة والقرى المجاورة ومن أهم معروضاته أدوات الزراعة التقليدية والأواني الفخارية والأدوات المصنوعة من الخوص وبيع المنتجات الزراعية كالحبوب بأنواعها كما يوجد في هذا السوق قسم مخصص لبيع الماشية والأبقار والإبل، أما سوق الأحد (الميزاب) فيقام في محافظة أحد المسارحة، وهذا السوق الأسبوعي يحمل قيمة تاريخية وتراثية خاصة، فهو يعتبر من أقدم وأشهر الأسواق الشعبية في منطقة جازان حيث تشير بعض المصادر أنه أنشئ في عام 1103 هـ أي قبل أكثر من 300 عام ويقام كل يوم أحد من كل أسبوع ويرتاد هذا السوق العتيد عدد كبير من المتسوقين من كل محافظات جازان، إضافة إلى الأجزاء الشمالية من اليمن الشقيق لتسويق منتجاتهم الزراعية والحيوانية والصناعية والحرفية، أما سوق الاثنين فيقام في محافظة صامطة حيث يستقبل في يوم الاثنين من كل أسبوع عددا من المتسوقين والسياح بعبق وعبير الفل والرياحين وهو أحد أسواق المنطقة الشعبية ويقع سوق صامطة في المنطقة الوسطى لمحافظة صامطة، وأهمية سوق صامطة تكمن في موقعه الواقع على الطريق الدولي الذي يربط بين السعودية ودولة اليمن، الأمر الذي أكسبه تبادلا تجاريا للمحافظة، أما سوق الثلاثاء فيقام في محافظة صبيا حيث يعد أكبر سوق شعبي في منطقة جازان ويقع في محافظة تمتاز بكثافة سكانها، وهذا السوق الذي كان قبل عقود قليلة بعيداً عن زحمة السكان، أصبح في وسطها وعلى طرق رئيسة تربطها بباقي محافظات وقرى المنطق، ويتميز السوق بانطلاقته في ساعات الصباح الباكر، كباقي أسواق المحافظات حيث ينتشر جميع الباعة وأصحاب البسطات حاضرين وجاهزين بكامل أنواع بضاعتهم، ويحضر زبائنهم شبه الدائمين مبكراً لأنهم قد ورثوا هذه الصفة كباعة ومستهليكن من الأجداد، وتخف حركة السوق مع حلول أذان الظهر بشكل كبير، وبعد الصلاة بساعتين إلى 3 ساعات يكون السوق قد انتهى، وجميع ما بقي من بضاعة يحمل على السيارات للمغادرة، حيث يكون الكثير منها على موعد جديد وسوق آخر في محافظة أخرى، وهناك أيضاً سوق الخميس في أبها، ويقام سوق الأربعاء في محافظة أبي عريش الذي يعتبر من أهم أسواق المحافظة ويسمى أيضا بسوق الربوع وسوق ( الصميل )، وهو سوق قديم جداً حيث يتجمع فيه عدد من سكان قرى مدينة أبو عريش كل يوم أربعاء لعرض وشراء البضائع حيث تعرض فيه الأدوات المنزلية التراثية من أواني فخارية وأدوات مصنوعة من سعف النخل ومنسوجات للبس وأدوات الفلاحة والحيوانات، ويعتبر السوق تجمعا قديما لأهالي أبو عريش وما جاورها وهو موجود إلى الوقت الحاضر ويبرز كل يوم أربعاء، ويقام سوق الخميس في محافظة الحرث تحديداً في الخوبة، يقع سوق الخوبة أو ما يسمى بسوق الخميس على الحدود السعودية اليمنية، وهو من أشهر الأسواق الشعبية في منطقة جازان، فهو سوق يتميز بمعروضاته المختلفة سواء كانت من أشياء نادرة من طيور وحيوانات بأشكالها وأنواعها المختلفة التي يمتلئ بها السوق منذ بدايته في الصباح الباكر إلى نهايته في وقت الظهيرة، ويشهد السوق ازدحاما كبيرا وهو من الأسواق الشعبية السياحية البارزة في المنطقة حيث يقوم بزيارته معظم زوار المنطقة من داخل المملكة أو دول الخليج خاصة أصحاب تربية الصقور والحيوانات المفترسة. سوق الخميس من أكثر أيام الأسبوع التي تقام فيه الأسواق الشعبية هو يوم الخميس وذلك لأنه اليوم الأول من العطلة الأسبوعية، وعلى الرغم من تغير هذا اليوم من بداية العطلة الأسبوعية إلى يوم دوام بعد استبدال العطلة الأسبوعية من يومي الخميس والجمعة إلى يومي الجمعة والسبت إلا أن العديد من الأسواق لم يتغير موعده فبات يقام في كل يوم خميس. وإن كان هناك أسواق قليلة قد غيرت موعدها بسبب تغير العطلة الأسبوعية مثل سوق الخميس في محافظة القطيف الذي تغير من يوم الخميس إلى يوم السبت ليوافق موعد الإجازة الأسبوعية الجديد، ولكن السوق رجع الى موعده السابق يوم الخميس بعد أشهر قليلة من تغيير موعده وذلك بسبب تراجع المتسوقين الذين قلوا بعد تغيير موعده، ومن أشهر أسواق الخميس في المملكة سوق الخميس في تبوك والدرب بجازان ومحافظة البدائع ودليمان بمنطقة حائل والرويضة بمحافظة القويعية والجمش بمحافظة الدوادمي وسوق الخميس النسائي بحفر الباطن وسوق الهفوف بالأحساء وسوق الخميس بمحافظة مرات وغيرها. أسواق تقاوم التغيير رغم ما تمر به المملكة من نهضة تنموية في شتى المجالات ومنها انتشار الأسواق الكبرى المغلقة والتي تعرض فيها أشهر ما تنتجه الأسواق العالمية من ماركات متميزة الى جانب ما يقدم فيها من أماكن ترفيه ومطاعم ومقاهي إلا أن الأسواق الشعبية لا زالت تقام في العديد من المناطق والمحافظات ولها روادها وخصوصاً من كبار السن من الجنسين الذين اعتادوا على شراء بضائع معينة قد لا يجدوها مجتمعة سوى في هذه الأسواق فتجد من هؤلاء المتسوقين من يشتري القهوة وملحقاتها أو البهارات أو مستلزمات الملابس على سبيل المثال من هذه الأسواق التي تعج ببضائع متنوعة من ملابس رجالية ونسائية وأواني منزلية وألعاب أطفال وجميع المأكولات بالإضافة إلى الفواكه والخضار تتيح للمشتري فرصة الاختيار بيسر وسهولة، كما إن تعامل الباعة في هذا السوق يعد مصدر جذب إذ يكون فيه تقديم أرخص الأسعار وتتيح فرصة التفاوض في الثمن وحرية التبديل في أي وقت. إضافة إلى إمكانية البيع بالآجل لزبائن السوق، ولازالت تلك الأسواق تحتفظ بجاذبية كبيرة للزبائن الذين يجدون بين أروقتها عبق الزمان والمكان، حيث باتت وجهة سياحية ومقصداً للزوار، ولا زالت العديد من تلك الأسواق بحاجة إلى التطوير والاهتمام من قبل البلديات التي تشرف عليها كإيجاد مقرات دائمة لها والكشف على ما يعرض فيها من منتجات استهلاكية وعذائية لضمان صحة مايقدم فيها ومتابعة الباعة الأجانب الذين تضيق بهم تلك الأسواق وخاصة غير النظاميين، وذلك من أجل ضمان استمرارها حتى تكون واجهة مشرقة لكل بلدة تقام فيها. سوق الثلاثاء في أبها الأسواق الشعبية لاتزال صامدة أمام تطور أسواق الماركات جانب من معروضات سوق الثلاثاء بالباحة الأسواق الشعبية عراقة تحكي كفاح جيل زمان سوق الخميس بالأحساء قديماً سوق الخميس بخميس مشيط عام 1381 هـ سوق الأربعاء بأبو عريش قديماً من الأسواق الشعبية الموسمية حمود الضويحي
مشاركة :