«تسريب موازنة البرلمان جريمة تمس الأمن القومي»، هكذا علّق رئيس مجلس النواب المصري الدكتور علي عبدالعال على تسريب معلومات عن شراء سيارة مُصفحة له والتعاقد على سيارتين أخريين لوكيلي البرلمان بنحو 18 مليون جنيه مصري (الدولار يعادل نحو 19 جنيهاً). وكانت إثارة هذه المسألة فيما اعتادت آذان المصريين على حديث مسؤولين ونواب عن ضرورة «التقشف»، الذي طاول حتى عدد ملاعق السكّر في كوب الشاي، بالنظر إلى الظروف الاقتصادية الصعبة. وكشف النائب محمد أنور السادات الذي طالما اتهم جهات لم يسمها بالتربص به منذ بدء ولايته البرلمانية، عن تخصيص البرلمان مبلغاً مالياً كبيراً لشراء سيارات مصفحة لقياداته، ومبالغ أخرى لشراء سيارات غير مصفحة، بعدما حوّلت حكومة سابقة السيارة المصفحة المملوكة للبرلمان إلى مجلس الوزراء وباعت سيارات أخرى، في الفترة التي خلت من وجود سلطة تشريعية في البلاد في أعقاب الثورة. وتلقفت وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الخبر، لتعلو موجة عارمة من الانتقادات المشوبة بالسخرية، لجهة مطالبة الشعب بالتقشف وتحمّل الظروف الصعبة وتحدي الغلاء، فيما أموال طائلة تُنفق على شراء سيارات فارهة. وأمام تصاعد الانتقادات إلى حد لافت، لم يجد البرلمان بُدّاً من الرد، فخرج ببيان لشرح الواقعة التي أكدها، وبررها بـ «الضرورات الأمنية واستهداف الشخصيات الرسمية في الدولة من قبل الجماعات الإرهابية». وأحال رئيس البرلمان موظفين فيه على التحقيق بتهمة «تسريب موازنته»، وتوعّد في كلمة علنية في الجلسة العامة مساء أول من أمس بـ «اتخاذ كل الإجراءات الجنائية والقانونية ضد المخالفين للحفاظ على المجلس». ولمّح إلى إمكان تعقّب النائب السادات، حين دعا الأعضاء إلى الالتزام باللائحة، ونبههم إلى أن «تسريب موازنة المجلس جريمة أمن قومي». ولم ينس انتقاد الإعلام و «أجندات» بعض الإعلاميين، قائلاً: «دُفعت أموال طائلة لإسقاط هذا البرلمان، ومن يهاجمونه مجموعة معروفة انكشف عنها الحجاب، وهدفها الأول والأخير إسقاط الدولة، لكن للصبر حدوداً». وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة الدكتور حسين عيسى إن اللجنة تُعد بياناً آخر مُفصلاً عن مسألة شراء السيارات، وقال وزير الشؤون القانونية مجدي العجاتي إن موضوع شراء السيارة المصفحة لرئيس البرلمان تم البدء فيه قبل انعقاد المجلس الحالي واختيار قيادته، معتبراً أن إثارة الموضوع «تؤكد الإصرار على الإساءة للبرلمان». وأثار الأمر شقاقاً في أروقة البرلمان بين مدافع عن الشفافية في الإفصاح عن المعلومات للشعب، خصوصاً حين يتعلق الأمر بمجلسه المنتخب، ورافض لإثارة تلك الأمور، التي تداعب مشاعر الناس في ظروف اقتصادية استثنائية، خصوصاً حين تثور شبهة «الانتقام السياسي» من النائب السادات الذي أحالته قيادة البرلمان على لجنة القيم للتحقيق. وقال السادات لـ «الحياة» إن ما دفعه إلى كشف الأمر من خلال الإعلام ليس الانتقام، ولكن بعدما سُدّت أمامه أبواب طرحه للنقاش في البرلمان بحفظ طلبات الإحاطة التي قدمها في هذا الصدد، موضحاً أنه متمسك بمناقشة موازنة المجلس كحق أصيل للنواب والمواطنين أيضاً. واستقال السادات من رئاسة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان التي ترأسها لشهور، وعزا استقالته إلى «حصار» يتعرض له رئيس اللجنة وأعضاء فيها، وكان أحيل على لجنة القيم بعد تحقيق معه بتهمة تزوير توقيعات زملاء له في شأن مشروع قانون يخص الجمعيات الأهلية، وهي ممارسات استغربها واعتبرها جزءاً من «حرب شرسة» يتعرض لها.
مشاركة :