أداما بارو يحلم بتأسيس «غامبيا الجديدة»

  • 2/4/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أعلن الرئيس الغامبي الجديد أداما بارو أسماء 11 وزيرا من أعضاء حكومته الجديدة، التي ستتولى مهمة إطلاق ما سماه الرئيس بـ«غامبيا الجديدة»، ومواجهة التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تعيق نمو البلاد وطي صفحة 22 عامًا من حكم الرئيس السابق يحيى جامع الذي تخلى عن السلطة وغادر البلاد 20 يناير (كانون الثاني) الماضي إلى منفاه الاختياري في غينيا الاستوائية. وقف الرئيس الغامبي الجديد أداما بارو وسط 11 وزيرا، هم بواكير أعضاء حكومته طور التشكل، كان يرتدي زيًا أفريقيًا تقليديًا ويبتسم بثقة كبيرة ويقول للصحافيين: «هذه هي غامبيا الجديدة، إنها أصبحت حقيقة»، جرى حفل أداء الوزراء الجدد لليمين الدستوري في فندق فخم بالعاصمة بانجول، وسط اهتمام إعلامي كبير من طرف صحافة محلية بدأت تتنفس حرية لم تعرفها في عهد الرئيس السابق جامع. ولكن الرئيس الجديد وهو يستعد لمواجهة التحديات الاقتصادية الكبيرة الماثلة أمامه، يتوجب عليه في البداية خلق مناخ سياسي واجتماعي ملائم وهادئ، ويحقق القطيعة مع عقدين من نظام شمولي حكم البلاد بالحديد والنار، وكان يعتمد على «التخويف» لحكم قرابة مليوني غامبي. ومن أجل خلق هذا الجو السياسي - الاجتماعي الهادئ، يراهن الرئيس الجديد على التوازن في حكومته ما بين أحزاب المعارضة التي أوصلته للحكم، والشخصيات التكنوقراطية التي يحتاجها من أجل ضخ دماء جديدة في المشهد، وحتى الآن ما يزال التشاور جاريًا من أجل اختيار 7 وزراء من التكنوقراط، وفق ما أكده المتحدث باسم الرئيس بارو. في غضون ذلك تم تعيين 11 وزيرا من ائتلاف المعارضة الذي دعم بارو في مواجهة الرئيس السابق يحيى جامع خلال الانتخابات الرئاسية التي أقيمت يوم 01 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وانتهت بفوز بارو بأغلبية الأصوات، وهي النتيجة التي رفض جامع الاعتراف بها، قبل أن يخضع للضغط الدولي والإقليمي ويتخلى عن السلطة بعد التلويح بتدخل عسكري تقوده المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس». واعتمد الرئيس الجديد في تشكيل حكومته على الشخصيات البارزة في ائتلاف المعارضة الفائز في الانتخابات، فأسندت حقيبة الخارجية للمعارض حسين داربو، وهو الذي اعتقل قبل أشهر فقط من طرف نظام الرئيس السابق، وقضى فترة طويلة في سجون جامع؛ كما تولى حقيبة السياحة والثقافة المعارض البارز محمد با، بينما تولت عيشة تراوري حقيبة التجارة، وهي مرشحة سابقة للانتخابات الرئاسية ضد جامع. أما منصب وزير الداخلية فقد منح لواحد من أبرز وجوه الصراع مع جامع خلال الأشهر الأخيرة، ماي أحمد فاتي، وهو رجل ثقة الرئيس الجديد ومستشاره الخاص، وبتوليه حقيبة الخارجية سيتولى مهمة إعادة تأسيس هيئات الاستخبارات والأمن، وقد بدأت هذه الإجراءات ببيان رسمي يعلن تغيير اسم وكالة الاستخبارات من «وكالة الاستخبارات الوطنية» إلى «جهاز الاستخبارات الخارجي»، ويقول نفس البيان: «يمنع على الوكالة السابقة والجهاز الحالي للاستخبارات اعتقال أو استجواب مواطن على الأراضي الغامبية، وإن تلك المهمة أصبحت تناط بالشرطة النظامية». وبعد اتضاح الملامح الرئيسية لأول حكومة ستدير البلاد، سيكون على هذه الحكومة أن تواجه إرث الرجل الذي حكم البلاد لأكثر من عقدين، وما يشغل الشارع في غامبيا هذه الأيام هو هل سينجح بارو وحكومته في اختبار الحكم، بعد أن نجحوا كمعارضين في إزاحة واحد من أكثر الأنظمة العسكرية قوة وشمولية في القارة الأفريقية. وتنتظر بارو تحديات اقتصادية كبيرة تتمثل في إعادة التوازن إلى اقتصاد البلاد بعد العجز التجاري الذي لحق به، والعمل على النهوض بالقطاع السياحي المتراجع منذ عامين بعد انتشار فيروس إيبولا في دول من غرب أفريقيا، ولكن الأهم بالنسبة للرئيس الجديد هو خفض ديون البلد التي تجاوزت 100 في المائة، فهل ينجح رجل غامبيا الجديد في النهوض ببلده الصغير كما نجح من قبل في عمله كتاجر عقارات، ما منحه في الصحافة المحلية لقب: «ترمب غامبيا». ويراهن الرئيس الغامبي الجديد على تعزيز آليات الدفاع عن حقوق الإنسان والرفع من سقف حرية الصحافة، حتى يقنع الممولين والمجموعة الدولية بضخ أموال جديدة في خزينة البلاد الفارغة، فغامبيا تعتمد منذ سنوات طويلة على مساعدات سنوية لسد العجز في الميزانيات. وتعد غامبيا واحدة من أفقر بلدان غرب أفريقيا، ففي ظل شح المواد الأولية والمعادن في مساحتها الصغيرة، إلا أنها تعد واحدة من أكثر الأراضي خصوبة مع وفرة المياه المتدفقة عبر «نهر غامبيا»، ما جعل اقتصاد البلاد يعتمد بشكل كبير على الزراعة، وخاصة زراعة الفول السوداني الذي يشكل 50 في المائة من المنتوج الزراعي في البلاد، بالإضافة إلى أنتاج معتبر من الأرز والشعير والقمح والخضراوات، وتشكل هذه الزراعة التقليدية نسبة 23 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن هنالك قطاعات أخرى يعتمد عليها الغامبيون كالفلاحة والصيد والسياحة. وتشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن 60 في المائة من سكان غامبيا يعيشون في «فقر مدقع ومتعدد الأنماط»، وقرابة 400 ألف، من أصل مليوني نسمة هي تعداد السكان، يعيشون بأقل من يورو واحد في اليوم.

مشاركة :