يستمر سباق السيطرة على مدينة الباب الواقعة في قبضة تنظيم داعش، على أشده بين قوات «درع الفرات» المدعومة من تركيا، وقوات النظام المدعومة من روسيا والميليشيات الإيرانية. ولم يتضح حتى الآن لمن ستكون أرجحية طرد التنظيم من آخر معاقله في ريف حلب الشمالي، حيث واصل الفريقان هجومهما وتعزيزاتهما. وقد أحرز كل منهما تقدمًا ملحوظًا أمس، لكن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أطلق موقفًا لافتًا أمس، أكد فيه أن تركيا «ستنهي مهمتها في الباب». ورأى أنه «لا ضرورة بعد ذلك للتوغل أكثر داخل الأراضي السورية». ويشكل سلاح الجو القوة الأكثر فاعلية في هذه المعركة. وأفادت وكالة الأنباء الألمانية أن «طائرات حربية تركية وأخرى تابعة لقوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، شنّت غارات جوية بالقرب من الحدود السورية في مدينة الباب، التي يسيطر عليها تنظيم داعش». وهذا ما أكده الجيش التركي في بيان أمس، حيث أعلن أنه «تم تحييد 47 عنصرًا من (داعش) في اشتباكات وغارات جوية في الساعات الـ24 الماضية»، متحدثًا عن «تدمير عدد من المباني، ومواقع الدفاع والملاجئ ومستودع الذخيرة خلال تلك الغارات». ويستخدم الجيش التركي كلمة «تحييد» للإشارة إلى العناصر المتطرفة التي تم قتلها أو إصابتها أو أسرها خلال عملياته. وتأتي هذه الغارات في إطار عملية «درع الفرات» التي أطلقها الجيش التركي في شهر أغسطس (آب) الماضي، بالتنسيق مع التحالف الدولي ضد «داعش»، لدعم الجيش السوري الحر وتطهير المناطق الحدودية التركية من المتطرفين. ويبدو أن بطء التقدم الميداني لـ«درع الفرات» خاضع للتكتيك العسكري على الأرض، بحسب ما أفاد هيثم حمو، مدير المكتب الإعلامي في «الجبهة الشامية» التي تقاتل ضمن فصائل الجيش الحر المنخرطة في «درع الفرات». حيث أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «مقاتلي الجيش الحر عندما يواجهون مقاومة شرسة على أحد المحاور، يتوقف التقدم وينصرف الاهتمام إلى محور آخر». وأوضح حمو أن «عمليات التقدم لم تتوقف». وقال: «خلال الأيام القليلة الماضية، سيطرنا على نقاط مهمّة، وقطعنا الطريق على تقدم النظام من غرب الباب، ولم يبق للنظام إلا ممر من الجنوب». وعزا بطء التقدم إلى «وجود مناطق شاسعة في محيط المدينة يجري تحريرها، ومواجهتنا بمقاومة شرسة من (داعش)»، مستبعدًا «إمكانية وصول النظام وحلفائه إلى الباب، لأن فصائل (درع الفرات) والجيش التركي باتت على مداخل الباب من الشمال والغرب، وتحاول الالتفاف على الجهة الجنوبية للفصل بين المدينة وتمركزات قوات الأسد، عدا عن محاصرتنا للمدينة من الجهة الشرقية». وكانت عملية «درع الفرات» التي بدأت في شهر أغسطس الماضي، حققت نجاحًا كبيرًا بدعم من الجيش التركي، وطردت «داعش» من مدن حدودية عدة بينها جرابلس التي تعد إلى جانب مدينة الباب أكبر معقلين للتنظيم في محافظة حلب، إلا أن السيطرة على الباب التي تقع على مسافة 30 كلم من الحدود التركية، تبدو مهمة أصعب. في هذا الوقت، رأى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المحاولات التركية في السيطرة على الباب لم تحقق أهدافها بعد»، مرجحًا أن تكون «الغلبة للنظام وحلفائه في هذه المعركة»، عازيًا هذا الترجيح إلى «وجود ثلاث كتائب للقوات الخاصة الروسية، معززة بدعم مدفعي ودبابات تشارك في عملية الهجوم على الباب، إلى جانب قوات النظام السوري الذي يقود الهجوم مدعومًا بكتيبة من مقاتلي (حزب الله)». بدورها، وسّعت قوات النظام عملياتها ضدّ «داعش»، وأعلنت في بيان، أنها استعادت السيطرة على جزء من الطريق السريع، الذي يربط بين حلب ومدينة الباب بطول 16 كلم. وقالت إن «القوات المسلحة بالتعاون مع القوات الرديفة والحلفاء، تمكنت خلال العملية العسكرية الواسعة التي بدأتها منذ عشرين يومًا ضد تنظيم داعش الإرهابي شمال شرقي حلب، من تحرير أكثر من 32 بلدة ومزرعة»، مشيرة إلى أن هذا التقدم «يوسع دائرة الأمان حول مدينة حلب، ويؤدي إلى التحكم بطرق المواصلات التي تربط المنطقة الشمالية بالمنطقة الشرقية». وفي سياق متصل بالمعارك ضدّ «داعش»، أسفرت الغارات التي نفذها التحالف الدولي، عن انقطاع المياه عن مدينة الرقة، وفق ما أعلنت وكالة الصحافة الفرنسية أمس الجمعة. وقال الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت» حمود الموسى للوكالة الفرنسية، لقد «تم تحطم الخط الرئيسي وانقطعت المياه عن الرقة كلها بعد قصف قام به التحالف»، مؤكدًا أن «خط الأنابيب المحاذي للجسر القديم والوحيد الذي يزود سكان مدينة الرقة بالمياه دمّر بالكامل، مما اضطر الناس للذهاب إلى النهر للتزود بالمياه». وتتعرض مدينة الرقة والمناطق المحيطة بها إلى غارات جوية يشنها طيران التحالف الدولي، كما أن الطيران الروسي، الحليف الأبرز للنظام السوري، ينفذ ضربات جوية عليها أحيانًا.
مشاركة :