أكثر شيء ندمنا عليه أنا وزوجي أننا عشنا 14 عاماً في السعودية في عزلة بعيداً عن السعوديين"، هكذا بدأت الفرنسية شيريلان يلين وصف حالتها لـ"سبق"، عقب عودتها إلى الولايات المتحدة مع زوجها الأمريكي. قبول وعزلة وتفصيلاً، قالت "شيريلان" إنها رفضت الانتقال إلى السعودية حين فاجأها زوجها برغبته في قبول عرض عمل من إحدى الشركات العاملة في مجال النفط والغاز عام 1998، إلا أنها مع إصرار زوجها وافقت على الانتقال مع عدم إخفائها خوفها من التجربة، وهو ما جعلها تعيش في عزلة لفترة طويلة، قبل أن تكتشف أن مخاوفها مجرد أوهام بحاجة للتصحيح. ذكريات جميلة وأضافت: "لنا ذكريات جميلة مع أصدقاء غربيين وسعوديين في المملكة، واثنان من أطفالي من مواليد السعودية، وهما فخوران بمكان ولادتهما، لكنهما لا يجيدان من العربية إلا بضع جمل وما زالا يرددانها، وكم نتمنى أننا اختلطنا بالسعوديين، واقتربنا أكثر من الحياة العامة، بدلاً من العيش في عزلة في مدينة محاطة بجدران إسمنتية جميع سكانها من الغربيين". أكثر من 135 ألفاً ورغم عدم وجود أرقام عن أعداد المقيمين الغربيين أو كما يُعرفون في السعودية بـ"الخواجات"، إلا أن الطلب المرتفع، وانتشار المجمعات السكنية التي تعرف بـ"الكمباوندات" يشير إلى أن عدد المقيمين منهم ليس بالقليل، لكنهم بعيدون تماماً عن الاختلاط بالحياة العامة على عكس بقية المقيمين. ووفقاً لتقرير نشرته "فوكس نيوز" الأمريكية في عام 2003، فإن عدد الأمريكيين في السعودية يصل لأكثر من 35 ألف أمريكي، فيما أن عدد الأوروبيين يصل إلى أكثر من 100 ألف، وفق إحصاء 2007، وغالبيتهم يعيشون في الرياض والدمام والخبر وجدة وينبع والجبيل. نظرة السعوديين! تقول "شيريلان": إن الكثير من السعوديين لديهم نظرة سلبية تجاه تلك المجمعات؛ حيث يظنون أنه تنتشر فيها المشروبات الكحولية ومسابح مختلطة، وتقام فيها حفلات صاخبة وأعمال لا أخلاقية، مشيرة إلى أن هذه النظرة ظالمة وغير صحيحة عن الأغلبية المقيمة في تلك المجمعات، فالجميع يحترم القوانين السعودية وعادات وثقافة الشعب. لماذا المجمعات؟! وتضيف: "ما يجعل الغربيين يفضّلون تلك الأماكن المغلقة في بداية الأمر هو الفكرة الخاطئة التي يحملونها عن المجتمع السعودي، إلى جانب أن هناك مميزات في تلك المجمعات يرفض الغربيون التنازل عنها؛ منها الحياة الهادئة البعيدة عن الزحام والصخب، وانتشار البقع الخضراء والشجر والتنظيم الجيد في تلك المجمعات، وأيضاً البيوت التي تشابه لحد كبير التي يعيشون فيها في دولهم التي تحتوي على نوافذ زجاجية كبيرة، ويفضّلون أن تدخلها الشمس بدلاً من تغطيتها؛ خوفاً من أشخاص فضوليين". سينما وسيارة وبيّنت: "كما أنه في بعض تلك المجمعات خاصة الضخمة والتي يطلق عليها مدن، يمكن للمرأة الغربية قيادة السيارة، وأيضاً الاجتماع مع الصديقات خارج المنزل دون الحاجة للعباءة، خاصة النساء غير العاملات؛ فهن يقضين وقتهن في المنزل، فيحتجن لبعض الترفيه كالسينما والتسوق والجلوس بجوار المسبح". صداقات وصعوبات واختتمت: "إضافة إلى ذلك يفضّل الغربيون المجمعات السكنية؛ لكثرة الأسر الغربية المقيمة فيها، وهو ما يختصر الوقت خاصة على المقيمين الجدد في تكوين صداقات وعلاقات؛ لتشابه الثقافات واللغة والأفكار، إلى جانب صعوبة اللغة العربية التي تجعلهم غير قادرين على الاختلاط وتكوين صداقات مع السكان المحليين خارج إطار هذه المجمعات المغلقة".
مشاركة :