غداة الاعتداء الذي شنّه شاب مصري كان يحمل ساطوراً ضد دورية من ٤ جنود فرنسيين على مدخل متحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس، فتح المتحف أبوابه مجدداً أمس، وشهد إقبالاً عادياً، فيما تحولت مدينة ليون إلى عاصمة لإطلاق الحملات الانتخابية الرئاسية لـ3 مرشحين مناهضين للطبقة السياسية التقليدية وهم: الوزير الاشتراكي السابق إيمانويل ماكرون وزعيمة الجبهة الوطنية (يمين متطرف) مارين لوبن وزعيم حزب اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون. وسجل الوضع الصحي للشاب المصري عبدالله الحماحمي (29 سنة)، الذي أُصيب بجروح خطرة في البطن بعد أن أطلق أحد العسكريين النار عليه أمس، «تحسناً»، و «لم تعد حياته في خطر». وذكر مصدر مأذون أن «المهاجم مصري مقيم في الإمارات. ولا يزال في وضع صحي لا يسمح باستجوابه في الوقت الحاضر». ولم يكن لواء الشرطة السابق رضا رفاعي الحماحمي، يتصور حتى صباح أول من أمس، أن نجله عبدالله، سيتصدر وكالات الأنباء بعدما أعلنت السلطات الفرنسية أنه منفذ هجوم اللوفر، لكن عبدالله في المقابل كان بدأ رحلة الجنوح نحو التطرف، بدءاً بالتعاطف مع جماعة «الإخوان المسلمين»، وصولاً إلى تأييد تنظيم «داعش»، وانتقاد الحملة الدولية ضد التنظيم الإرهابي عبر حسابه على موقع «تويتر»، الأمر الذي سلط الضوء على معضلة مجتمعية تواجه الأسر المصرية، بعدما باتت وسائل التواصل الاجتماعي مصدراً لتلقي أبنائهم أفكار التطرف والتكفير. وكان عبدالله الذي وصل إلى فرنسا بتأشيرة سياحية صدرت في دبي، يقيم مع أسرته في مدينة المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية (دلتا النيل)، والتحق بمكتب للمحاماة والاستشارات القانونية في الإمارات، وزار منها تركيا في نيسان (أبريل) الماضي، قبل أن يصل إلى باريس قبل أيام من تنفيذه هجوم اللوفر. وكشفت تدويناته على «تويتر» مناصرته لـ «داعش»، إذ كتب: «إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون». ودافع في تدوينة أخرى عن «داعش»، قائلاً: «بسم الله الرحمن الرحيم اللهمَ أن لنا إخوة مجاهدين في سورية وكل بقاع الأرض. لماذا يخافون من قيام دولة للإسلام؟ لأن دولة الإسلام تدافع عن مواردها وأرضها وعرض المسلمين وكرامتهم، ترد الصاع». ورأى أن «الدواعش يجاهدون في سبيل الله وفيمَ يخافون لومة لائم، وفيمَ الخوف من لوم الناس، وهم ضمنوا حُب رب الناس؟ وفيمَ الوقوف؟ لا تفاوض، لا مساومة، لا مداهنة، ثبات لا تراجع، حرب لا هوادة فيها». لكن الأب رضا رفاعي الحماحمي، أصر على الدفاع عن نجله، نافياً عنه تهمة «الإرهاب» جازماً بأن نجله الذي يعمل مدير مبيعات في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة «لا يمكن أن يرتكب مثل تلك الجريمة»، مؤكداً أن نجله «لم تكن لديه انتماءات سياسية». وتابع: «ذهب في رحلة عمل وزار المتحف بعدها. كان من المفترض أن يعود السبت». وأضاف: «إنه شاب مسكين. كلنا نحبه»، مشيراً إلى أنه لم يلحظ أي علامات على تشدده». وتابع والد الحماحمي: «رواية الحكومة الفرنسية غير منطقية. طوله 1,65 متر وهاجم 4 حراس؟ وفي النهاية لم يجدوا شيئاً في حقيبته». وأكد عدم تطرف ابنه قائلاً: «له صور دون لحية. وبيتنا معتدل». ودانت السعودية ومصر والإمارات وقطر الهجوم. إلى ذلك، اتخذت إجراءات امنية استثنائية في ليون لمناسبة المهرجانات الانتخابية لكل من ماكرون وميلانشون ولوبن. وكانت الأخيرة بادرت إلى اختيار هذه المدينة، ما حمل المرشحين الآخرين على مقارعتها في المكان ذاته. وحرص ماكرون في مهرجانه على تكريس موقعه بصفته المرشح الكفيل باختراق القوى السياسية كافة بما في ذلك اليمين المتطرف و جذب الخائبين من التوجهات المختلفة بطروحات تتجاوز الانقسام الفرنسي التقليدي بين اليمين واليسار. ويستفيد ماكرون الذي استقال من منصب وزير المالية في الحكومة الاشتراكية الحالية ليطلق حركة «en marche» المستقلة، من كونه شاباً ذكياً يعرف كيف يكشف عن شوائب الطبقة السياسية إلى جانب بعده من الفضائح التي تثير اشمئزاز الفرنسيين. ويسعى ماكرون إلى الاستفادة من المصاعب التي يواجهها مرشح اليمين للرئاسة فرنسوا فيون بسبب الوظائف التي يُشتبه بأنها وهمية لزوجته بنيلوب و2 من أولاده. وواجه فيون ضغوطاً متزايدة من معسكره المحافظ للانسحاب من السباق الانتخابي كان آخرها أمس، حين حذر عضو في مجلس الشيوخ من احتمال حدوث شقاق داخلي بين اليمينيين إذا رفض الانسحاب. وقال السيناتور برونو جيل رئيس الحزب في منطقة بوش دي رون في مقابلة إذاعية أن «أنصار الحزب طووا الصفحة ويريدون تغيير المرشح». وأضاف: «تُحدِث لنا هذه الفضيحة ضرراً كل يوم ولا يمكن أن ننتظر أسبوعين آخرين». وتابع: «الانتخابات الرئاسية والتشريعية على المحك وقبل ذلك بقاء حزبنا. قد يصل ذلك إلى حد الشقاق داخل الحزب». في المقابل، أطلقت لوبن (48 سنة) حملتها أمس، وسط توقعات بتصدرها الجولة الأولى من الانتخابات المقررة في 23 نيسان (أبريل) المقبل، وخسارتها في جولة الإعادة التي ستجرى في 7 أيار (مايو). وتقترح لوبان في قائمة تضم 144 «التزاماً»، خروج فرنسا من منطقة اليورو وفرض ضرائب على عقود عمل الأجانب وخفض سن التقاعد وزيادة عدد المزايا الاجتماعية وتقليل الضرائب على الرواتب في الشركات الصغيرة. وتضم القائمة أيضاً الاستعانة بما يصل إلى 15 ألف شرطي إضافي وبناء سجون وكبح الهجرة وترك القيادة الموحدة لحلف شمال الأطلسي. وقالت لوبان في تقديم برنامجها الانتخابي: «الهدف من هذا البرنامج هو في المقام الأول استعادة فرنسا حريتها ومنح الشعب صوتاً».
مشاركة :