قرار شركة رويال داتش شل لبيع أكثر من نصف قاعدة إنتاجها في بحر الشمال مقابل ما يصل إلى 3.8 مليار دولار، سيراه كثيرون على أنه علامة أخرى على أن صناعة النفط والغاز البحرية في المملكة المتحدة، تدخل أعوام تراجعها التدريجي.بعد أن كانت في طليعة الاندفاع في بحر الشمال في السبعينيات مع تطوير حقل برنت – وهو اكتشاف كان في غاية الأهمية إلى درجة أنه منح اسمه مقياسا للأسعار – تنضم شركة شل إلى التراجع الذي تمر به مجموعات النفط الكبرى من مياه المملكة المتحدة.مع ذلك، هناك تفسير أكثر تفاؤلاً من عملية البيع إلى شركة كرياسور، وهي شركة بريطانية صغيرة مدعومة من مجموعة الأسهم الخاصة الأمريكية EIG. باعتبارها أكبر عملية استحواذ في بحر الشمال منذ عام 2010، فإن الصفقة سترفع الآمال بأن شركات النفط الكبيرة المُغادرة يمكن أن يحل محلها الداخلون الذين هم على استعداد للالتزام برأسمال جديد إلى واحد من أقدم الأحواض في المنطقة المغمورة.ليندا كوك، رئيسة مجلس إدارة شركة كرياسور وتنفيذية سابقة في شركة شل، تقول إنها "نقطة تحوّل بالنسبة لبحر الشمال" في معركته للبقاء قادرا على التنافس ضد المناطق الأقل تكلفة مثل البرازيل والولايات المتحدة والشرق الأوسط.تقول: "كل شركة نفط كبيرة كانت تعيد تركيز استثماراتها منذ انخفاض أسعار النفط [في عام 2014] ولهذا السبب، يتم إهمال أحواض مثل بحر الشمال. بدأنا نرى ظهور مجموعة صغيرة من الشركات الصغيرة الممولة جيداً من قِبل الأسهم الخاصة التي ترى هذا بمثابة فرصة جيدة".الحفر في بحر الشمال انخفض إلى مستويات منخفضة قياسية في العامين الماضيين لأن الصناعة في المملكة المتحدة - التي تعاني ارتفاع التكاليف، وتهالُك البنية التحتية، وتراجع الاحتياطيات، والعوامل الجوية غير المواتية - تضررت من أسعار النفط الضعيفة. ارتفاع سعر برميل النفط إلى نحو 55 دولارا للبرميل - ضعف المستوى الذي كان عليه في العام الماضي - وتخفيضات التكاليف العميقة، خففا الأزمة وسمحا للمستثمرين برؤية القيمة المتجددة.يقول المصرفيون إنها تُشجّع المجموعات الأكبر لتكثيف الجهود لإفراغ الأصول غير المرغوب فيها في بحر الشمال في الوقت الذي تُصلح فيه ميزانياتها العمومية من الأضرار خلال العامين الماضيين وإعادة نشر رأس المال إلى مناطق أكثر ربحية.باعت شركة بريتش بتروليوم في الأسبوع الماضي حصة في حقل النفط الناضج ماجنوس التابع لها شرق شيتلاندز إلى شركة إنكويست، شركة تنقيب صغيرة في بحر الشمال، بهدف التخلص من كامل هذه الأصول مقابل 385 مليون دولار. في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، باعت شركة أو إم في النمساوية حزمة من مصالحها البحرية في المملكة المتحدة إلى شركة سيكار بوينت إينرجي، المدعومة من شركة بلاك ستون، مجموعة الأسهم الخاصة الأمريكية، مقابل ما يصل إلى مليار دولار.يقول أحد المصرفيين في مجال الطاقة: "استقرار أسعار النفط أكثر أهمية من الأسعار نفسها. عندما تكون الأسعار متقلّبة يكون من الصعب على الجانبين الاتفاق على تقييم، لأن المشتري دائماً ما ينتظر انخفاض الأسعار في حين يصمد البائع حتى ترتفع السوق. الآن هذا الهامش بين العرض والطلب يمر بحالة تراجع".المزيد من الصفقات متوقع مع شركة إنجي، شركة المنافع الفرنسية، وشركة دونج إينرجي الدنماركية من بين الشركات التي تملك أصولا في بحر الشمال مُتاحة للاستحواذ. شركة إنجي عقدت محادثات مع شركة نيبتون، الممولة من شركات الأسهم الخاصة مجموعة كارلايل وسي في سي كابيتال بارتنرز، وذلك وفقاً لأشخاص على علاقة بالصفقة.لا تزال هناك عقبات كبيرة، مثل من الذي ينبغي أن يتحمل تسديد تكاليف إيقاف المنشآت في المستقبل عندما تتوقف الحقول عن الإنتاج. شل وافقت على الاحتفاظ بربع المسؤولية المُقدّرة بـ 3.9 مليار دولار المتعلقة بالأصول التي اشترتها شركة كرياسور، وهناك تسويات مماثلة ستكون متوقعة من البائعين الآخرين.قالت كوك: "كانت هناك بعض الشكوك بشأن قدرة مجموعات الأسهم الخاصة على النجاح في شيء كهذا. لقد أظهرنا، من خلال العمل بشكل خلاق مع شل، أن الأمر ممكن".أمجد بسيسو، الرئيس التنفيذي لشركة إنكويست، قال إن التحوّل من شركات كبيرة إلى صغيرة ليس شيئا تخشاه الصناعة في المملكة المتحدة.يقول: "الأمر المهم لمستقبل بحر الشمال هو وضع الأصول في الأيدي الصحيحة، إلى مشغلين سيمنحون الحقول الناضجة الاهتمام والاستثمار اللذين تحتاج إليهما".هناك آخرون أكثر تشككاً حول ما إذا كانت مجموعات الأسهم الخاصة يُمكنها ملء الفراغ.يقول توني دورانت، الرئيس التنفيذي لشركة بريمير أويل، شركة إنتاج أخرى مستقلة في بحر الشمال: "أنا متشكك قليلاً بأن واحدة أو اثنتين من صفقات [الأسهم الخاصة] سوف تتحوّل إلى طوفان. مما لا شك فيه أنها تملك بعض القوة [المالية]، لكنها لا تملك عادةً الخبرة الفنية".تقول كوك إن شركة كرياسور تملك الكثير من الخبرة في مجلس الإدارة وإدارتها وسوف ترث المزيد من موظفي شركة شل الـ 400 الذين ستأخذهم. "إذا كنت في أبردين، مع من تفضل العمل: شركة تنقل الاستثمار إلى البرازيل وأستراليا والولايات المتحدة وتغادر بحر الشمال الذي يُحارب من أجل الدولارات القليلة المتبقية، أم إلى شركة متنامية مع تدفق نقدي قوي يتم نقله إلى الاستثمار فقط في بحر الشمال؟" تقول كوك، "إن شركة كرياسور تنظر إلى مزيد من الأصول البريطانية. نأمل أن هذه ستكون الأولى من كثير من عمليات الاستحواذ. نحن نريد أن نكون الشركة الرائدة في بحر الشمال". Image: category: FINANCIAL TIMES Author: أندرو وارد وناتالي توماس من لندن publication date: الخميس, يناير 5, 2017 - 03:00
مشاركة :