تساءل الكاتب البريطاني سيمون هيفر، عمّا إذا كان في جعبة رئيسة الوزراء تيريزا ماي شيئا آخر تقدمه لبريطانيا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكسيت"؟ واستهل هيفر تعليقه في الـصنداي تلغراف قائلا إن الوقت قد حان لاستئناف بقية السياسات، بعد التصويت على بريكيست وإصدار الحكومة للورقة البيضاء الخاصة بذلك. وأضاف أن الذين اعتقدوا أن تصحيح بريطانيا لخطئها الرئيسي، الذي كان متمثلا في التبعية لمنظمة فاسدة وغير ديمقراطية في بروكسل، كان أمر متطلبا– هؤلاء يرون أن ثمة ما هو متطلب أكثر ويتمثل في التغيير من أجل تعزيز ازدهار وأمن وتمدّن البلاد، ولفت هيفر، إلى أن بعض الوزراء يقفون على تلك الضرورة لكن ينقص الدليل على أية رؤية جادة. وقال الكاتب إن الدفاعات البريطانية غير كافية، كما أن الخدمة الصحية بالبلاد في حالة سيئة، فضلا عن أن النقل والبنية التحتية لا تتناسب مع النمو السكاني، كما أن الهجرة من خارج الاتحاد الأوروبي لا تزال غير خاضعة للسيطرة، فيما المزارعون البريطانيون يتساءلون عن المصير حال فقدان الإعانات من الاتحاد الأوروبية. وأضاف هيفر، أن وزارة التجارة البريطانية لا يمكنها عمل شيء حتى تتم مغادرة الاتحاد الأوروبي بشكل فعلي؛ كما أن وزارة الخارجية لم تعد محل ثقة إلا مع البلدان الصغرى بينما تعالج المسز ماي الأمر مع الدول الكبرى. ونبه الكاتب إلى أن أهم قرارين سياسيين مثيرين اتخذتهما الحكومة منذ شهر يوليو الماضي لم يتم تنفيذهما حتى الآن وهما: عودة مدارس قواعد اللغة، واقتراح وزير الخزانة أن تصبح بريطانيا ملاذا ضريبيا. ورصد الكاتب شعورا لدى أعضاء برلمانيين من حزب المحافظين بأن رئيسة الوزراء إنما تُثبّط أفكار الآخرين لأن تلك الأفكار غالبا ما تنطوي على نوع من المجازفة، بينما اشتهرت تيريزا ماي إبان توليها منصب وزارة الداخلية بعزوفها عن المبادرات الجريئة ولهذا كانت أول وزير سابق للداخلية يترقى لمنصب رئيس الوزراء على مدى 40 عاما، كما أنها الأولى التي تنتقل مباشرة من وظيفة للأخرى منذ هنرى بالمرستون في 1855. ورأى هيفر، أن رئيسة الوزراء ربما تشعر بالافتقار إلى تفويض شعبي، غير أن موقفها دستوري تماما؛ فالوزير الأول للملِكة باستطاعته أيًا مَن كان أن يحظى بأغلبية في مجلس العموم، وتلك هي حال المسز ماي. ولفت الكاتب إلى أنه بفضل قانون البرلمانات ذات الفترة المحددة المثير للجدل، فإنه لا يمكن إجراء انتخابات بسهولة؛ ولمّا كان بحيازتها تفويضا من الملِكة فليس للمسز ماي أي عذر في الإقدام على مزاولة الأعمال المنوطة بها؛ وعلى نحو ما أظهرتْ في تعاملها مع بريكيست، فإن باستطاعتها أن تزاول مهام الحكم بفاعلية إذا هي أرادت ذلك. وقال هيفر، إن تيريزا ماي ومستشاريها يعلمون أن تلك الحال من الخمول لا يمكن أن تستمر أطول من ذلك، وإلا فسيستنتج الناس أن وجود أسوأ معارضة -بحسب الذاكرة- قد سمح للحكومة بالاحتفاظ بالسلطة لكن دونما فاعلية: ولهذا تقاعست المسز ماي وزملاؤها عن القيام بما يتطلبه ازدهار بريطانيا. واختتم الكاتب قائلا إن حكومة ماي لا بد وأنها تريد أن يتم إعادة انتخابها عام 2020 لا لمجرد أن المعارضة عديمة الجدوى ولكن لأنها (الحكومة) قد استطاعت تغيير بريطانيا إلى الأفضل، وليس ثمة عذر في عدم الشروع الفوري في برنامج يستهدف هذا التغيير.
مشاركة :